يا ابن الأكرمين متى كان أهلك يفخرون بالسيارة والدينار فهم للعز موئل وللكرم مصدر، والفروسية مركبهم، فلا تحسبن السيارة حصانا، فليست سرج فارس يكر في الوغى ويحمي الذمار ويدفع الظلم عن المظلوم ويعين الملهوف ويرد سليبة المسلوب ويذل المتغطرس، فالسيارة صنو الحمار مهما علت تقنيتها وغلا ثمنها، والكرامة عنوانها الكرامة
يا ابن الأكرمين ما كان الفقر لقومك عيبا وهم من يكثر عند المغرم ويقل عند المغنم
يا ابن الأكرمين ما البطر والتعالي عنوان الكرام إلا في زمن الرويبضة وعند سدنة الطغاة والفسدة، وحسب الفقراء أنهم افتقروا لغنى أنفسهم وترفعهم عن امتصاص دماء الشرفاء وبيع الوطن في سوق النخاسة.
يا ابن الأكرمين هذا زمان ثراء الوضيع مطية الفاسدين الذين باعوا الكرامة والوطن بقصر وسيارة وليلة في بلاد التيه
يا ابن الأكرمين أفزع إلى أسيادك ودع عنك اسم القبيلة فقبيلتك اشترت كرامتها وباعت القصر والسيارة وثارت على الذل قبل أن تعرف الثورة اسمها وزيفها فقضوا شهداء على مشانق الأتراك وعطروا السجون بالكرامة
يا ابن الأكرمين قبيلتك سكنت الطرقات يطرق بيوتها الضيفان فأفنت مالها لأجل الشهامة وقولي فيهم مجروح لولا أنك تسمع ذاك عنهم على ضفتي النهر وحسبك فيهم شهادة بني الأصفر فها هو الرحالة بركهارت يقول لم أجد أكرم من قبيلة بني حميدة فلم يذكرهم بفاره المركب والملبس فكم من غني مر على هذه البسيطة مات ذكره بموت ماله
يا ابن الأكرمين أهلك نزلوا الطرقات ووردوا الماء فشربوا صفوا وأشربوا كل حر كريم صفوا ولم يلمزوا، وحموا أنهار الماء في الموجب والهيدان والوالة وعفوا عن غيرها ولم يتعالوا ولم تعبهم قلة المال والبعد عن السطلة في تسلطها وظلت هاماتهم مرفوعة يرفضون الزيف والخداع، فالمال لا يصنع أسيادا ولا يمنح سيادة إذا المرء فارقته الكرامة