الشرعية الدينية لا تلغي المسؤولية السياسية !


لو أن محمد صلى الله عليه وسلم، تخلى عن مسؤولياته السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، هل كان من الممكن ان يؤمن به أحد.

حتماً الأجابة تنحصر في خانة واحدة، ولا تحتمل أجابة أخرى، لا لن يؤمن بالرسول أحد، لأنه تخلى عن أهم شروط الرسالة، وهي المسؤولية.

فالأعمال هي التجسد الأعلى للشرعية، مهما كانت هالة قدسيتها، كما أن الأفكار هي التجسيد الأهم للمسؤولية بكافة أوجهها. وسقوط أحداهما حتماً يقود إلى سقوط الأخرى.

مع هذا نجد الكثير من الملوك، ورؤساء، وسلاطين، وامراء وحتى شيوخ بعض العشائر ربطوا أنفسهم بآل البيت النبوي، بهدف أحاطة انفسهم بهالة قدسية شرعية دينية، تحصنهم، وكراسيهم، ومواقعهم، و تصرفاتهم بما يخدم مصالحهم وتوجهاتهم.

هؤلاء نسوا أو تناسوا أن آل البيت لم يتخلوا عن مسؤولياتهم إتجاه الناس، بإعتبارهم غاية الدولة والخلافة السامية، حيث إسعاد الناس وخدمتهم تدخل في صلب مسؤولياتهم، هؤلاء كانوا في عمق صلبها، ما أسهم في التفاف الناس حولهم.

لا ضير أن تكون هؤلاء من آل البيت المحمدي، كذلك لا مشكل من اتباع منهجهم، لكن هذا لا يلغي بالضرورة المسؤولية السياسية اتجاه الناس.

كيف لنا إذن، أن نصدق قرب هؤلاء من آل البيت مع انهم متخلين جهاراً نهاراً عن مسؤولياتهم، بل ويسقومون ويسمحون بما يتعارض مع العقل والمنطق، فهم أهل فساد وافساد، يسمحون ويتغاضون عن الفاسدين، ويحمونهم، بل ويحصنونهم. لهذا لا يمكن باي حال من الاحوال ان يرضى او يؤمن العقل بأن من هو من آل الرسول فاسد، وسارق، ومنافق، وحامي للفساد.

هل من العقل بمكان أن نجد مثلاً أحد الأمراء أو السلاطين من آل البيت، لكنه يصر على التفرد بالسلطة باعتبارها ملكية خاصة له ولابناءه، غير خاضعة لمبدأ التعددية والتشاركية والديمقراطية، ولا تؤمن بالحرية ولا بالمساواة، كرسالة سامية تؤمن بالانسان بإعتباره طاقة كبرى والغاية الأسمى، التي يمكن الإتكال عليها في سبيل بناء الأوطان، وحمايتها مما يهدد كيانها، وأمنها واستقرارها.

فالشرعية لدينية التي يحاول هؤلاء الصاقها بأنفسهم من خلال ربطهم بآل الرسول وبيته، هي في الحقيقية تعني أولا العدل، والمساواة، والتوزيع العادل للثروة، كما تعني الانصاف، والمتابعة والمراقبة، والاستئثار باهل الامانة ودعمهم، لا تعلى من شأن الظلم، وتستأثر بالثرورة، لصالحها ولصالح من تعلق بها.

كما أن الشرعة الدينية، لا تقول ابداً بأن القائد، وبمجرد جلوسه على كرسي الحكم، قد تحول اوتوماتيكياً إلى أحد أفراد آل البيت، بإعتبارة قائد ضرورة لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، قوله أمر، وفعله مقدس، لا يقبل بالتاؤيل أو التفسير أو الاعتراض.

أمن المعقول أن تحصن الشرعية الدينية هؤلاء أن تخلوا عن مسؤوليتهم، أو ان فشلوا في إدارتها بما يتوافق وتطلعات الشعب وآماله، خصوصاً في أوقات الشدائد.

في الحقيقية، الأجابة لا تقبل، بل، وتنحصر في ( لا ) كونها المعبر الحقيقي والفعال للرد على هذه الفكرة، الجهنمية التي رات بالقرب من الشرعية الدينية طريقا لحمايتها من غضب الشعوب، وثرواتهم، (لا ) مهما تأخرت فانها ولابد ان تنطلق مدوية بوجه الظالمين، الذي اسقطوا الشعوب من اولوياتهم وحساباتهم.

إن تكون من بيت الرسول الكريم آيا كانت صفتك، لا يعني تخليك عن مسؤوليتك أتجاه أبناء الشعب، سيما وأن المواطن مازال يلتمس عذرا وراء عذر للهروب من استحقاق مصيري يحميه ويحمي وطنه، من تغاضي هذه الفئات عن دورها الحقيقي، استحاق قد يصير واقعاً أكيداً، لا يقبل التراجع أو التقهقر.

أخيراً: إن شرعية اأنسان، وحمايته، وتأمينه، لهي أهم من شرعية الأديان، التي وجدت لسعادته، كما أن شرعية المواطن أهم من شرعية القائد الذي نصُب، لتلبية مطالب الشعب، لا للمتاجرة بها، وفق رؤيته التي احاطها بهالة من القداسة الشرعيته.

فالشرعية لللوطن، وللمواطن، وما خلفهما اليسوا إلا ادوات لتطبيقها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات