قمة الكويت والموقف من الأزمة السورية


خاص - بقلم غيث حدادين - انعكاس الخلاف الخليجي - الخليجي على الأزمة السورية في القمة العربية التي عقدت في الكويت، تجسد بوضوح في نتائج القمة التي عبر عنها البيان الختامي او ما سمي بـ "إعلان الكويت"، الذي جاء أدنى من طموحات المعارضة السياسية السورية التي مثلها وفد من الائتلاف الوطني برئاسه أحمد الجربا.

القمة التي شهدت خلافات قبيل انعقادها، وتحديداً في الاجتماعات التحضيرية وما قبلها حول موضوع مقعد سوريا، الذي ظل شاغراً طيلة أيام القمة، وذلك على الرغم من منحه للائتلاف في قمة الدوحة العام الماضي، شكل أبرز نقاط الاختلاف حيث وصف الجربا عدم تسليم المقعد للمعارضة، بأنه يشجع نظام الأسد على الاستمرار في القتل! فيما انتقد ولي العهد السعودي ذلك وأبدى استغرابه من عدم تسليم المقعد الى المعارضة!

بقاء مقعد سوريا شاغراً وبجانبه العلم الرسمي للبلاد - الذي تعتبره المعارضة تمثيلاً لنظام الأسد- أثار تساؤلات كثيرة حول حقيقة تغيير مواقف الدول العربية من الأزمة في سوريا، والذي جاء عبر التأكيد والمطالبة بحل سياسي، حيث لم تتضمن البيانات الصادرة عن القمة أي اشارة الى تسليح المعارضة، على عكس بيانات سابقة تبنتها اجتماعات وقمم عربية، وذلك على الرغم من طلب الجربا تسليح الجيش الحر بأسلحة نوعية في الكلمة التي ألقاها بالجلسة الافتتاحية، بل دعا البيان الختامي الى مقاومة الإرهاب، ووقف الترويج للأفكار الإرهابية، والتحريض على التفرقة والطائفية وهو الأمر الذي يشكل تحولاً جذرياً في مواقف الدول، التي تدعم وترسل المجاهدين الى سوريا، بل وصلت الى حد مطالبتها بعودة الجولان السوري المحتل الذي لم تأتي على ذكره القمم العربية منذ زمن طويل!

المفارقة الأخرى جاءت في البيان الختامي الذي تضمن عدة نقاط فيما يخص الأزمة السورية، وإحدى تلك النقاط هي الاعتراف بالائتلاف ممثلاً شرعيا للشعب السوري، دون أن تذكر عبارة "الوحيد" ما يفتح باب الاحتمالات واسعاً، ويرسم أبعاداً أخرى وراء تلك العبارة التي قد تعني التخلي عن الائتلاف مستقبلاً، ووقف دعمه، والبحث عن ممثل شرعي آخر.

الخلاف الخليجي - الخليجي، برز سابقاً في عدة مواقف من الأزمة السورية، ومنها صفقة راهبات معلولا التي جاءت بوساطة قطرية والذي اعتبرها البعض صفعة للسعودية، وصولاً الى القرار السعودي القاضي بسجن من يقاتل خارج المملكة أو ينتمي لتيارات دينية متطرفة، في إشارة للمقاتلين السعوديين المتواجدين في سوريا ضمن صفوف داعش، والنصرة وغيرها، الأمر الذي شكل نقلة نوعية في الموقف السعودي من الأزمة السورية، تبعه قرار أردني يجرم كل من يقاتل أو يلتحق أو يسعى للالتحاق بالجماعات المسلحة في سوريا.

وبالعودة الى القمة العربية، وفي قراءة للقرارات الصادرة والمتعلقة بالأزمة، يظهر جلياً التغيير في سياسة الدول العربية من ما يدور في سوريا، ما يعكس ربما مخاوف تلك الدول من التطورات الميدانية، وتفشي الجماعات المتطرفة على حساب الجماعات الأكثر اعتدالاً، وركوبها موجة الثورة السورية، وتوجيهها بما تشتهي أجندتها، ما أدى الى تخوف الدول الداعمة للثورة من انتقال الإرهاب اليها، خاصة أن العدد الأكبر من المقاتلين في سوريا هم من دول عربية، سيعود اليها أبناءها في يوم من الأيام، يتزامن ذلك مع تغيير واضح في تعامل الإدارة الأمريكية ودولاً أوروبية من الأزمة.

تلك التطورات تطرح تساؤلاً حول إمكانية عقد مصالحة مستقبلية بين الجامعة العربية والنظام السوري، وعفا الله عما سلف، وإفلات النظام من الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها بشكل يومي بحق المدنيين، كل ذلك بذريعة وجود إرهابيين، تبرر القتل للطرف الآخر الذي لا يختلف كثيراً عن الإرهابيين، إلا أن ممارساته تنفذ تحت غطاء الدولة والشرعية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات