التظاهر أمام مجلس النواب !!


غريب أمر هذه الحراكات الشعبية ، وغريب سلوك الساسة والأحزاب وحتى المثقفين والنقابات المهنية او العمالية الذين ما أن تواجه البلاد عاصفة سياسية او أمنية او مطلبية حتى يتجهوا نحو بوابة مجلس النواب !

باتفاق الغالبية من الشعب ، فمجلس النواب لا يمثل الناس ، فلا القانون كان توافقيا ، ولا وصول الغالبية من الأعضاء كان شرعيا ، ونعرف تلك الطرق التي وصلوا من خلالها إلى المجلس ، إلى جانب تدخل وتوجيه الأجهزة التي تصنع كل مرة مجلسا نيابيا مفرغا من مضمونه ودوره الرقابي والتشريعي الحقيقي المتعارف عليه في الدول الأخرى .

نهاجم المجلس ونهاجم سلوك الغالبية منهم ولا نعترف بوجوده ، ورغم ذلك ينادي مناديا أن هلمّوا إلى بوابة المجلس كي نطالب النواب الانتصار لمطالبنا وقضايانا التي نريد تحقيقها ..

يخرج أعضاء المجلس استجابة لطلب الجمهور ، يلقون كلمات ليست كالكلمات ، وتحسبهم أحيانا ثوارا ووطنيين ومعارضين ومن ذوات الدم الحامي الذين ينتصرون لشعبهم ! نقدم لهم " ميكروفونا ومسرحا "كي يلعبوا الدور التمثيلي الذي نطالبهم نحن به يحلقوا بنا في فضاءات " طوباوية خيالية " تنفيسية لا تتناسب وأدائهم وتاريخهم وفعلهم الذي نعرفه ، بضع كلمات وصراخ وتعبيرات وطنية حماسية تنفس الغضب الذي يسيطر على الناس .

خزعبلات واستعراضات أعضاء المجلس وردود فعلهم كانت واضحة ومكشوفة حيال قضايا وطنية مختلفة سواء أكانت داخلية تتعلق بالفساد والحد من الترهل وزيادة الضغوطات على أبناء الشعب وتحميله عبء المديونية ، أو ما كان يتعلق بها بمشروع كيري والخطر على الأردن او ما كان يتلق باستشهاد القاضي رائد زعيتر على يد الصهاينة ،ردود فعل " استعراضية " كان سببها ردود فعل الناس ولم تكن مبادرات من المجلس ، حيث نقوم نحن بمسيرات وحشد ونقف كالأيتام على بوابة المجلس ونطالب النواب بتحقيق حزمة كبيرة من المطالب كإلغاء معاهدة السلام وطرد السفير وإطلاق سراح البطل احمد الدقامسه او الدفاع عن حقوق الناس في الحرية والعيش الكريم وحجب الثقة او إسقاط قرارات وقوانين لايملك المجلس أبدا من تعديلها او تغييرها .

إن أسوأ ما يمكن ان تعيشه من تناقض أنك تسمع أحيانا كلمات " ثورية وتقدمية " ووطنية يتلوها عليك فاسد او مترهل او أصحاب أسبقيات جنائية لا يتوانى لحظة عن " بيع الوطن " مقابل تحقيق مصلحته ،وفما قام به فعلا وسلوكا تقديم خطاب تنفيسي يحول دون مواصلتك الاستمرار في التعبير والتظاهر بالطريقة التي تريدها ، خطاب تنفيسي لا أكثر سرعان ما يغادر مع أول فنجان قهوة يشربه مع وزير او رئيس وزراء يطالبه بتحقيق بعض مطالب أهله او منطقته !! وحين يختم حديثه وخطابه الناري نصفق له ونختم فعاليتنا به ونغادر مواقعنا تاركين ذاك الحمل الوطني والمطالب في " أيدي أمينة "تستأثر بها وتوظفها إعلاميا ونفعيا لمصالحها .

الوقوف والاحتشاد أمام مجلس النواب ظاهرة تحتاج لإعادة التفكير والتمحيص بجدواها وفعاليتها وتأثيرها ، فطالما أننا لا نعترف بالمجلس ، وان المجلس بات عبئا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وساهم بزيادة الترهل والفساد في البلاد ، فلا فائدة تُرجى من تسليم أحلامنا ومطالبنا الى الأعضاء هناك ، وكل ما فعله النواب من مواقف وكلمات وصراخ وإطلاق أغلظ الأيمان بحجب ثقة أو إسقاط قانون أو تحقيق مطلب واحد لا يعد أكثر من زوبعة في فنجان قهوة يشربه النسور ووزير الخارجية وهما يبتسمان تحت قبة البرلمان وعلى مرأى من النواب " الثوريين أنفسهم ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات