الذكرى السادسة والخمسون لميلاد الجمهورية العربية المتحدة


الوحدة العربية واقع يحرك أعماق الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج. و هي تعبر عن حاجة الجماهير إلى التحرر، وعن رغبتها في تحريك كامل قواها لتحطيم العراقيل التي تقف بطريق تقدمها . والوحدة هي المحرك الحقيقي للنضال العربي على الصعيدين السياسي و الاجتماعي

. و الوحدة ضرورة مباشرة في معركة الوجود العربي ضد القوى المعادية للأمة . وهي ضرورة أساسية لمجابهة الأخطار التي تواجه الأمة و ترجمة لطموحات الجماهير العربية ، وتعبيراً عن تطلعاتها لمستقبل أفضل .

ظهرت في 22 شباط 1958 على خريطة الشرق العربي دولة الجمهورية العربية المتحدة ، وذلك بعد إجراء الإستفتاء الشعبي في كل من مصر و سورية . و رحبت القوى التقدمية العربية بميلاد دولة الوحدة و رأت فيها عاملاً يقوي النضال الوطني التحرري المناهض للإمبريالية و أعوانها في الوطن العربي . ويدعم ثورات الشعوب التي بدأت تثور على قوى الاستعمار من أجل الاستقلال و التحرر .

وكان بوسع الجمهورية العربية المتحدة، أن تصبح أساساً للوحدة العربية الشاملة، ونموذجاً من نوع خاص لوحدة حوالي ماية مليون مواطن في حدود دولة عربية واحدة. وكانت ة القوة الجاذبة لهذه الفكرة بين جماهير الأقطار العربية.

لقد مكّن قيام الجمهورية العربية المتحدة إلى انفجار الشعور القومي العربي .فارتفعت شعبية الزعيم جمال عبد الناصر كقائد يسعى إلى وحدة الشعب العربي من المحيط إلى الخليج . وأصبح القائد الحقيقي لثورة التحرر الوطني في الوطن العربي بأسره.

لقد كان من تداعيات الوحدة المصرية السورية لدى القوى التقدمية ، أنها أوقعت تناقضاً في صفوفها ، فحزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان طرفاً رئيسياً في التوقيع على الوحدة، انقسم إلى مؤيد ومعارض لحل نفسه ثمناً للوحدة، والحزب الشيوعي رفض التوقيع على الوحدة. وأدى ذلك إلى وقوع الصدام بين تلك القوى والزعيم جمال عبد الناصر، فابتعدت عنه،وأدار كثير من ممثلي القوى اليسارية في الوطن العربي ظهورهم له.

خلقت ولادة الجمهورية العربية المتحدة تحدياً كبيراً للقوى الرجعية المرتبطة بالخارج ، واستفزازاً قوياً للكيان الصهيوني ، فراحت تتآمر على الوحدة وتمكنت لأسباب عديدة من إجهاضها حيث وقع الانفصال المشؤوم في 28 أيلول عام 1961 .

لقد كان شعار الوحدة العربية و سيظل الهدف الأسمى عند كل القوميين و العروبيين ، لأنه الوسيلة الأكثر تمكناً في الرد على واقع الأمة المزري . وستظل الجماهير العربية تستذكر قيام أول دولة وحدة في التاريخ العربي الحديث ، يملؤها الايمان بحتمية توحيد الأمة وبناء دولة الوحدة العربية الشاملة .

كان تأسيس الجمهورية العربية المتحدة عام 1958 بداية لتحقيق حلم الجماهير العربية ، وسيظل الانفصال المشؤوم درساً قاسياً لها . فدولة الوحدة لا يبنيها ويحفظها إلا الجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية بها . ولا يتأتى ذلك إلا بولادة التيار الشعبي الذي ينبثق عن الجماهير . فالعصر الحالي هو عصر الجماهير . و الطاقات الثورية التي تختزنها هذه الجماهير هي المحرك الأول للحياة السياسية في عصرنا الحالي .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات