صراع الاجيال


الحياة لعبة ادوار كل يؤدي دوره على خشبة المسرح ثم يعطي الدور لغيره وهكذا تستمر الحياة بماضيها وحاضرها ومستقبلها .
اذا القينا نطرة على الاجيال التي تتعايش معا في نفس الزمان والمكان سنجد ان هناك ثلاثة اجيال تمارس ادوارها في هذه الحياة وهي جيل الوالدين والابناء والاحفاد والحقيقة ان لكل جيل من هذه الاجيال قيمه الاخلاقية وعاداته وتقاليده العشائرية والاستهلاكية وطموحاته الذاتية بحيث لاتتوقف هذه الاجيال عن التصارع حول ذلك فمثلا يعشق جيل الابناء تناول الوجبات السريعة بينما يصر جيل الاباء على تناول الوجبات المنزلية التي يعتبرونها مقدسة تربطهم بعاداتهم وتقاليدهم وينظرون اليها بأنها الاكثر صحة ونظافة وفائدة ووفر اقتصادي ويعتبرون مطاعم الوجبات السريعة من ظواهر التفكك الاسري والتشردم العائلي بعكس الابناء الذين يرون ان توصيل طلبات من الوجبات السريعة للمنازل هو افضل ما توصلت اليه المدنية المعاصرة.
قبل اكثر من عامين قرأت ان شارع جامعة اليرموك دخل كتاب جينيس للارقام القياسية من حيث عدد محال الكمبيوتر والخدمات الالكترونية في هذا الشارع وهذا بحد ذاته مؤشر على تحول ثقافي اجتماعي فكري حضاري جديد رسم خطا ونهجا لمسار واسلوب الحياة العصرية .
فالسالك لطريق الجامعة الاردنية يشاهد حقيقة اخرى وهي ان هناك اكثر من ثلاثة عشر محلا تجاريا هي فروع لوكالات لمطاعم عالمية مشهورة تسيطر على هذا الشارع تقدم الوجبات السريعة بكافة انواعها واشكالها داخل المطعم او بالتوصيل للبيت بما يسمى (ديلفري)وهذا التحول بالسلوك الاستهلاكي لجيل الابناء اثر في الثقافة للمجتمع الاردني وفي طريقة تفكيره واسلوب حياته
يؤمن جيل الاباء بأن تحقيق اية غاية سامية يتطلب قدرا كبيرا من التضحية والعمل الشاق وهم يفضلون العمل على وقت الفراغ ويرون انه لا فائدة من حياة لا تسعى الى تحقيق غاية سامية على ان تكون هذه الغاية مطلبا اجتماعيا وليس فرديا فهم عاشوا بروح الجماعة والعمل الجماعي، وحب الغير والايثار، والفردية بالنسبة لهم انانية لذلك يمكن اقناعهم بسهولة لشراء سيارة كبيرة لتتسع العائلة كلها ولكن تفشل في ان تستطيع اقناعهم بشراء سيارة رياضية او دراجة نارية............ وكذلك لا يحالفك الحظ باقناعهم بتناول وجبة سريعة في مطعم ولكن القبول يكون سريعا اذا عرضت عليهم وجبة غداء (منسف)لأنها تجمع ولا تفرق وفيها روح الاصالة والتراث.
ان ما يميز هذا الجيل العظيم الذي عمل بحب واخلاص لدينه ووطنه ورسخ قيم الالتزام واحترام السلطة وكان شعاره دائما لا تسأل ماذا سيقدم لك وطنك بل اسأل ماذا ستقدم انت لوطنك فقد اعتنقوا هذا الشعار كفلسفة لشعار حياتهم التي افنوها في بناء وطنهم وتحقيق احلامهم، فهذا الجيل هو من يعتمد عليه دائما في حبه للعطاء الى اقصى حد وهم الذين جعلوا من التواضع رسالة بدلا من البذخ والتبذير فهم يحترمون التوفير والادخار وينبذون عادات الاسراف والاستهتار، فهم ايضا مثلوا ولا زالوا جيل العظمة والعصامية والوجدانية والاخلاقيات الفضلى التي تربوا عليها ومارسوها بالفطرة .
اما جيل الابناء فهم يعيشوا ليبحثوا عن ذاتهم ويمضوا اوقاتهم بالاتشغال بالمتع والملذات والتمرد على الاهل والذات والرومانسية والحرية والتلقائية في التصرف والسلوك والبذخ وحب المظاهر ومخالفة العرف وحب الاحتراف ولكن يسجل لهم روح التحدي ومواكبة التحولات العلمية والفكرية والمعرفية الهائلة وسرعة هضمها والانسجام معها وكذلك انهم قاموا بتبجيل العلم واحترامه وتقديره وهم يحبون القراءة ويحرصون على اكتساب المعرفة والمهارات الجديدة في جميع مراحل حياتهم ايضا.
أنا لا ألوم جيل تجاه جيل فالظروف البيئية والزمان والمكان والمستجدات العلمية والتكنولوجية والاختراعات والتطور العلمي التقني الهائل هو الذي اثر في السلوك لكل جيل من الاجيال لكن يبقى القاسم المشترك بين كافة الاجيال هو حب تراب هذا الوطن وقيادته الهاشمية وستبقى سنة الله في الكون تسير بهذا الشكل من الصراع بين الاجيال الى ان يرث الله الارض ومن عليها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات