الأردن في سطور (7)


لقد ارتبطت الأردن في عام 1948م بالمعاهدة البريطانية والتي ما برحت أن كبلت يديها وجعلتها تعتمد على المعونات المالية سيما وأن الأردن في تلك الفترة كان فقيراً بإمكانيته المادية .

وفي ظل هذه الظروف وقف الأردن على أطول خط مواجهة مع العدو الصهيوني، وكان من الواجب على هذا الجيش الوقوف ضد الغارات الإسرائيلة للمحافظة على وحدة الضفتين ، إلا أن العدو الصهيوني زاد شراسة في غارته في تلك الفترة وقد أشارات تقارير الصحفية إلى أنه سقط 475 شهيداً و 244 جريحاً ما بين عامين 1949-1954م .

إن تداعيات الكارثة الفلسطينية التي أدت إلى نزوح الألاف من الفلسطنيين جراء الاعتداءات الصهيونية والأزمة الأقتصادية الخانقة التي عاشها الوطن في تلك الفترة وما تلاها من تغيرات ديمغرافية جذرية ، وأوضاع اجتماعية جديدة كل هذه الأمور دعت القيادة الأردنية للتخلص من المعاهدة البريطانية ، والانضمام إلى حلف عربي قوي يستند إليه .

تشير الوثائق البريطانية إلى برقية كان قد بعثها وزير الخارجية البريطانية يقول فيها ( يبدو أن الأردن في الوقت الحاضر يحتل على الرغم من صغرة مكانة هائلة الأهمية، فإذا ما انضم حلف بغداد فإن ذلك سوف يشجع لبنان على مقاومة الهيمنة المصرية، وإذا ما تحول لبنان فإن سوريا نفسها قد تجد نفسها معزولة، ومن جهة أخرى إذا لم ينضم الأردن أو إذا انحاز إلى الجانب المصري فإن العراق سيميل إلى التخلي عن العرب، وسيهجر العرب، ويصعد علاقاته مع مع دول حلف بغداد وينزوي في عزلة بالنسبة للدول العربية، ومثل هذا التطور سيرمي في الأردن ولبنان إلى أحضان مصر، وسيميل تدريجياً إلى خلق كتلة عربية صلبة تحت الزعامة المصرية، وبالأتفاق مع روسيا السوفيتية ).

في حقيقة الأمر كان سرور الحكومة البريطانية بشأن التقسيم سروراً عظيماً ، كونها أنزلت عن كاهلها عبئاً كبيراً أستمر ثلاثين عاماً ، وقد شعرت براحة كبيرة عندما وضعت العبء ، وبادر المندوب البريطاني عقب القرار بأن حكومته تقبل قرار الأمم المتحدة وتبذل كل المساعي لتطبيقه. 

وإذا نظرنا إلى صك الانتداب القائم على فلسطين عام 1922 يتبين بأن بريطانيا قامت بجهود مضنية في ديباجته ليتلائم مع قيام الوطن القومي لليهود لذلك أتى الصك بشكل أداة تهويد ؛ فقد جاءت مقدمته بوعد بلفور الذي أشار " للحق التاريخي الذي يربط هذا الشعب اليهودي بفلسطين " مما يدل على كثير من المغالطة التاريخية الكبرى لتبين أنها لا تعتبر اليهود بأنهم أجانب متصفين بظاهرة طارئة على فلسطين وعبارة "الشعب اليهودي " تدل على مغالطة أخرى فالجماعات الصهيونية اليهودية المتناثرة هنا وهناك لم تتوفر لها وعلى الإطلاق مقومات الشعب المستقل ، وحينما تم الاعتراف بأن هؤلاء اليهود إنما يشكلون شعباً فقد بينت و أشارت المقدمة إلى العرب بأنهم طائفة تذكر ضمن "الطوائف التي هي غير يهودية" من ساكني فلسطين !

إن المبالغة للحكومة البريطانية في الإصرار على الحقوق اليهودية جاءت على حساب كل الحقوق وكل المطالب الأساسية للشعب الفلسطيني الذين هم مواطني هذا البلد و أصحاب الحق في فلسطين إذ أن صك الانتداب شكل حجر عثرة أمام الأخذ قدما بيد البلاد نحو تحقيق الحكم الذاتي ، وقد أبدى تشرشل في عبارة لا ينتابها الصراحة إلا التقليد الشيفوني الليبرالي في التصدي للمطالب الوطنية الفلسطينية و بالأخذ بيد هذه البلاد نحو الاستقلال الخشن قائلاً "إننا سنقوم بتطويرهذه المؤسسات المتصفة بالتمثيلية بأسلوب الخطوة خطوة لكي تصل إلى الحكم الذاتي لكن كل أحفادنا قد يكونون أموات قبل أن يتم هذا.

برغم الضغوطات البريطانية على الأردن للدخول بحلف بغداد ، وتشكيل حكومة هزاع المجالي الأولى للإنسجام مع الموقف البريطاني إلا أنها واجهت في عام 1955م احتجاجات عارمة لم تتوقف إلا عندما قدمت الحكومة استقالتها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات