مصر .. دولة الاخوان والجيش العميقة


بعدد يقارب الخمسين قتيلا استقبلت مصر الذكرى الثالثة بالإطاحة بنظام مبارك ، وهو مشهد دموي بحيث ان القتلى في ذكرى الاحتفال يفوق عددهم في يوم الثورة ، لتدخل مصر في مشهد سريالي عبثي لا احد يستطيع ماذا يخبئ الغد لهم فصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية قالت بمعرض حديثها عن تلك الثورة التي اطاحت بنظام حسني مبارك قبل سنتين " يبدو أن الثورة المصرية أصبحت عالقة، وربما تكون قد انتقلت إلى نقطة البداية". وقالت ايضا" إنه بالرغم من إسقاط مبارك، إلا أن نظامه الذي يقوم على مؤسسات الدولة العميقة حالياً كالجيش، والقضاء والبيروقراطية، وجامعة الأزهر والنخب السياسية لا يزال في مكانه ووصفت دستور الانقلاب بأنه "انتصار للدولة العميقة"، وأنه لا يمكن أن نطلق عليه صفة (الثورية) ويعزز ويرسخ هيمنة المؤسسة العسكرية على الدولة والقضاء المدني وأضافت أنه بعدما يقرب من 3 أعوام من الربيع العربي، يبدو أن الثورة المصرية أصبحت عالقة، وربما تكون قد انتقلت إلى نقطة البداية ".

ومصطلح "الدولة العميقة" الذي تحدث عنه الرئيس المعزول محمد مرسي كثيرا في خطاباته الاخيرة ليس جديدا بل هو مصطلح قديم نوعا ما ومتداول بين اوساط الباحثين خاصة في الدول التي كان يتولى حكمها العسكر ويديرون شؤونها، والمقصود طبعا بذلك اولئك الاشخاص والمؤسسات التي لها مصالحها الخاصة والكبيرة والممتدة والمتشعبة في كل ارجاء ومفاصل الدولة سياسيا وامنيا واقتصاديا واجتماعيا وقضائيا حتى رياضيا ، الأمر الذى يوفر لهم او لمؤسساتهم فرصة توجيه أنشطة مؤسسات الدولة الرسمية والتأثير في القرار السياسي. ومن المعروف عند المهتمين بهذا الشأن ان جهاز المخابرات الامريكية هو من صنع فكرة " الدولة العميقة" عام 1952 في الجمهورية التركية من اجل ضمان التحكم والسيطرة على القرارات التي تصدر من المؤسسة العسكرية ومن السياسيين في كل قطاعات الدولة ،، ومع مرور الوقت اصبحت تلك الدولة العميقة دولة داخل الدولة تعمل في الظل وبصمت قاتل.

كان من الواضح لدى الامريكان والاوروبيين وللعرب ان ثورة 25 يناير ثورة شعبية بامتياز وهي امتداد للثورة الشعبية في تونس، وهو ما جعل القوات المسلحة المصرية وحدا بها ان تقف على الحياد امام هذا المد الثوري الشعبي العفوي، وتسهم بحيادها المدروس بالإطاحة بنظام مبارك، وانحازت لشباب الثورة فالتقط الاخوان المسلمين رسالة الحياد تلك من اولها، فعملوا على ارسال الالاف من اخوانهم والموالين والمتعاطفين معهم ومع نهجهم وفكرهم في ميادين مصر المختلفة لإلهاب واشعال الثورة اكثر واكثر، فقد حانت الفرصة لالتقاط الثمرة، ولسان حالهم يقول للعسكر " نحن هنا ".

لكن مصر "الدولة العميقة" لا ترضى الا بحكم العسكر من جمال عبد الناصر الى انور السادات وانتهاء بمبارك ، ومن الصعوبة ان تترك المؤسسة العسكرية حكم مصر للساسة المدنيين من الاخوان المسلمين وما نجم من تخوف في صفوفهم من "اخونة الدولة والجيش" فكان لا بد مما سيأتي كما وصفه محمد حسنين هيكل "صدام مع القدر" فكان الصدام المحتوم ما بين الدولة العميقة للجيش والاخوان المسلمين.

ان مصر وهي تحتفل بدخول العام الثالث على ثورتها تقترب اكثر واكثر من النموذج الجزائري، وهو ما ينذر بكارثة لا تحمد عقباها على مصر اولا وعلى الامة العربية ثانيا لان "العالم اجمع يجمع على صعوبة التنبؤ بما قد يحدث في مصر لان موجة الثورة ككرة الثلج تتدحرج وتكبر وفي النهاية لابد أن تصطدم ولكن بمن سوف تصطدم.. والاكيد أن التظاهرات ابدا لن تتوقف ومحاولات العسكر فتح قنوات حوار مع الاخوان لدليل واضح أن قادة الانقلاب أدركوا أنهم في مأزق لا بديل للخروج منه غير حلول سياسية وتغييرات في خارطة الطريق يرضي الحشود التي تخرج كل يوم قبل الاخوان أنفسهم " كذا قال نعوم تشومسكي" وليس انا.



تعليقات القراء

مصرية
لابد للحق أن يعود لأصحابه والشرعية التي حلم فيها معظم المصرييين بانتخاب حر ونزيه لابد أن يظهر الله الحق ويزهق الباطل إن الباطل كان زهزقا فالظلم ساعة وسفك الدماء والإعتقالات والتعذيب بالأحرار والحرائر لن يذهب هدرا أبدا
27-01-2014 11:37 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات