دوار البحر .. أفقدكم الصواب


إذا كان الإنسان في عرض البحر وزاغ بصره ودار ألفيت تقنية البوصلة لا تنفع، فقد تعطلت لغة العلم أمام دوار البحر، فيتيه دليل الإنسان بين الشرق والغرب والشمال والجنوب واليسار واليمين ويصبح سماؤه بحرا والبحر سماء، وإذا ما هاج البحر وجب قلبك وخُطف بصرك وتلعثم لسانك إلا بما قد وقر في خلدك فإن خلا الفؤاد من يقينِ ما يُعمد إليه أخذ اللسان يهذي بلا وعي: فيذكر الله بنصف جملة غير مفيدة ويكمل بالولد والمال ويتم بصرخة أو لطمة وحسرة ويدخل في دوار وهذيان، وهناك أمثلة من الهذيان الفكري في أيامنا هذه وقد صرنا في عرض البحر نواجه أمواج التغيير وسأطرح بعضا منها ولكم تحديد الفكر أو الشخص المصاب بدوار البحر وقد تاه دليلهم بفقد البوصلة:

- يرون الشعوب العربية متخلفة لا تستطيع اختيار طريقها بنفسها، وليست مؤهلة لإجراء انتخابات ديمقراطية، وهم لا يؤمنون بصناديق الاقتراع بعد أن أوصلت الإسلاميين، فالنهوض بالشعوب يكون بقيادة النخبة وهم النخبة المصطفاة ( ولا ادري من اصطفاهم)

- دويلات وأنظمة سايكس بيكو عندهم أفضل أشكال الوحدة والقوة العربية وهي خير من وحدة الأمة وقوتها في ظل حكم إسلامي ، وهذا من أحدث التطورات الفكرية التي خرجوا بها علينا للنهوض بالأمة فهم دائما يدعون للتطور والتجديد والخلاص من عقدة الماضي والمجد التليد، وهنا مكمن الحداثة.

- يحمد لهم أن إسرائيل وحتى تاريخه لا زالت في نظرهم كيان غاصب ومواجهتها واجب، غير أن مواجهة وإبادة الحركات الإسلامية أولى عندهم من مواجهة إسرائيل.

- من لم يُصب منهم بالدوار وثبت على روح أفكاره رموه بالانتماء للإسلاميين أو أي تهمة أخرى. وهؤلاء الثابتون على المبادئ التي أشربونا جزءا منها سواء مالوا للإسلاميين أو لأي فكر يحترم إنسانية الإنسان ليسوا ممن نصف ونتحدث عنه، ولهم مني التقدير والاحترام.
- يقول الغرب وإسرائيل ولحقت بهم روسيا أن بقاء النظام السوري أفضل لسوريا وللغرب من حكم الثوار، فسألت واحدا ممن واجه دوار البحر، فقال إن الغرب يريد إبقاء السيطرة على المنطقة ومن مصلحته عدم تجزئة سوريا لسهولة التعامل مع مكون واحد في السيطرة، فقلت له إذن نظام الأسد عميل ، قال لا، هي مصلحتهم ليس غير ذلك، وعند إعادة السؤال لماذا يرون نظام بشار أفضل من حكم الثوار أو حتى الدويلات الثورية أجاب بما يشبه هذيان المدوور ، بشار رمز الصمود في وجه التطرف والامبريالية بشار الممانعة بشار..... والسيسي حامي الحمى ومحطم الدمى

- الإخوان المسلمون في مصر ذراع للنظام السعودي في رأيهم، مع أن السعودية دعمت الانقلاب في مصر بمليارات الدولارات ؟؟!!

- طالبوا على مدى عقود من الزمن بالحرية والانعتاق والانتخابات بشرط خفي وهو ألّا يفوز الإسلام السياسي وألّا تمسّ مكتسبات المتسلطين من أتباع فكرهم المجيد من مثل (أكمل الفراغ....) وعندما فاز الإسلاميون ارتد القوم عن فكرهم ودعوا إلى قتل أتباع الحركات الإسلامية واحلوا ما أنكروه بالأمس ففكر النهار عندهم يمحوه الليل.

- ينكرون أي انجاز لأي حزب إسلامي ولو كان الانجاز واضحا وضوح الشمس كما يفعلون في مهاجمة اردوغان وحزبه الذي وضع تركيا وشعبها في مصاف الدول الكبرى ويركزون على فساد كشفه اردوغان بنفسه وأطاح برموزه، وإذا قلت لهم هو من كشف الفساد وهو من أطاح بهم قالوا لا نعرف إلا أن يستقيل. وعندما كشفت تركيا دور الإمارات في التآمر على (اردوغان) سكتوا وقد ملئت أفواههم ماء زلالا، وكأن الأمر لم يعنهم بالأمس وأصبحت الإمارات رمزا للديمقراطية والحفاظ على هوية الأمة وقد كانوا يقذعون في وصف حكامها.

- يرون العراق قد بدأت تسير على الطريق الصحيح وأخذت تتعافى ببركة الملالي في إيران والعراق وقد كانت إيران وملاليها بالأمس القريب متخلفة رجعية طائفية ، فسبحان مغير الأحوال ومقلب القلوب.

- يلقون عبارات اتهام فضفاضة ضد الإسلاميين ما لها من حصر ولا تصمد أمام الدليل أخذا أو ردا.. وإذا سئلوا الدليل قالوا لا حاجة لنا به إنهم فاسدون متآمرون وكفى ولا نقبل نقاشا في ديننا.

- لا يمكن قيام دولة عربية واحدة فهذا ضرب من الخيال والتعاون بينها بديل عن وحدتها قياسا على الاتحاد الأوروبي الذي لا تجمعه لغة ولا تاريخ ولا دين كما تجمعنا. فما مقصد القياس هنا؟

- ويسوغون فرقة الأمة العربية بسعة المساحة وكثرة العدد ، وإذا أشرت إلى الصين عددا ومساحة وكذا أمريكيا وروسيا والهند سكتوا وقالوا لا يمكن توحيد الأوطان العربية ، ثم يقولون في نشوة ان الصين مثال للتطور في ظل النظام الواحد الأوحد، ويتغاضون عن سقوط النظام السوفيتي أحادي الفكر والحزب.

- خروج نسائهم وأطفالهم وشبابهم في المظاهرات والمسيرات وانخراطهم في العمل السياسي دليل وعي وتحرر وتقدمية، أما خروج نساء وأطفال وشباب الإسلاميين فهو تجديف على القيم العربية الأصيلة النبيلة ودليل تخلف إلى الإمام.

- يكرهون الحديث عن الماضي وإذا حدثتهم عن الحاضر قالوا لا خير في أمة لا ماضي لها فانقلبوا مؤرخين دراويش. (غلبنا معك يا قرعة...).

- ويتحدثون عن التنوير والتحرر والحداثة والابتكار والنظر إلى الإمام وفي ذات الوقت ينسبون الحداثة كلها إلى فكر من الماضي سقط في عقر داره

- يذكرون مساوئ الماضي ويصمون آذانهم ويغمضون أعينهم عن مفاخره ويلوون ألسنتهم تدنيسا لكل طاهر جميل في ما مضى، وينسون وينكرون عن قصد وعباطة فضل الفكر الإسلامي في النهوض الحضاري بالأمة العربية، وينسبون التطور إلى القومية العربية التي أدخلتنا في ظلمات القرون الوسطى وفتت الدولة الإسلامية لصالح دول الاحتلال.

- وأخيرا وجدوا ضالتهم في الوصول إلى الحكم والخلاص من الإسلاميين عند الأنظمة التي نعتوها بالتخلف والرجعية والعسكرية. فأعينهم على الدراهم (مع شوية جعجعة ) للتغطية على المواقف.

- لا زالوا في دوارهم فالذين دعموا الانقلاب في مصر عنوان للوحدة العربية وعنوان للوعي والدفاع عن مستقبل الأمة، وفي الوقت ذاته هم أغبياء قذرين رعاع عباد مال إذا تعلق الأمر بسوريا؟؟؟!!!

هذا بعض من مظاهر الدوار البحري. فمن هم؟
وداوني بالتي كانت هي الداء



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات