(فرن الخبز) !!


 في قريتي المحترمة في الأمس البعيد في ((سحاب)) , كان في بيتنا العتيق ما يسمى بـ ((فرن الخبز)) , تم بناء هذا الفرن بخبرات حجّات الحارة , وجميعهن الآن في دار الحق , كان يتألف هذا الفرن البسيط من حجرة صغير مبنية من الحجارة والطين , يوضع فوق هذه الحجرة صاج حديدي دائري , وكان كما أتذكر بجانب هذا الفرن حطب كنا نجمّعه من مخلفات الشجر بعد قصه وتقليمه .


تفاجأ الوالد رحمه الله ذات ليلة بضيوف في ساعة متأخرة من الليل , كان عدد هؤلاء الضيوف يتراوح بين الثلاثة إلى أربعة رجال , أسرع الوالد وأيقظ والدتي عليها كل معاني الرحمة , أيقظها في ((نُص الليل)) لصناعة الخبز , كان الوالد مضيافا كباقي رجالات سحاب , وكما يقال ((كحوشنا)) كل موجودات البيت المتواضعة , وأدّينا حق الضيافة , كانت بصراحة المائدة جميلة جدا مع تواضعها , وكان أجمل ما فيها ((خُبزها الساخن)) , كان الخبز يخرج من الفرن باللون الأحمر , كلون جسم الدبابير الحمراء غير السامة , ذوات الخصر, والتي كانت تسعى حول فرن الخبز , كان يخرج من الخبز البُخار الدافئ ليشّكل ضبابه , وبحكم الصدفة حجبت هذه ألضبابه شيء من ضُوء القنديل المعلق على الجدار , ليأخذوا هؤلاء الضيوف حريتهم في تناول الطعام , مع العلم أن والدي تناول معهم الطعام مجاملة , لان والدتي قبل أن تستأذنه النوم , تكون قد أمّنت على عشاءه .


((فرن الخبز)) هذا عمّر كثيرا , وبيّض وجوهنا ليلا ونهارا , لم يُتعب أمهاتنا أبدا , على العكس , فقد أراحهن من انتظار زيد وعمر من إحضار كيس الخبز من سوبر ماركت ((فرّز ومشي)) , فرن الخبز في بيوتنا القديمة كان جاهزا على مدار الساعة , فرن الخبز في بيوتنا القديمة كان أعلى من إصلاح آلية الدعم عن مادة الطحين كما يقال هذه الأيام , لم يتوقف يوما عند اقتراحات ((نقابة المخابز)) , ولم ينتظر لحظة تقديم الدعم النقدي للطبقتين الفقيرة والمتوسطة الدخل , نعم لم يساهم في توفير ( 65 ) مليون دينار كفرق سعر في مادة الطحين !


بهدم أفران خبزنا القديمة , أعلنا جميعا أننا غير مستعدون على الإطلاق استقبال ضيفا واحدا علينا , بعد غروب الشمس , وأعلنا أيضا شرطا جديدا في عقد زواج بناتنا , هذا الشرط يكاد يكون : يحق للطرف الثاني (الزوجة) أن تخلع الطرف الأول (الزوج) إذا طلب صناعة الخبز في البيت , عند ذلك ((فلننتظر)) قرارات واقتراحات نقابة المخابز , وبعدها قرارات نقابة المطابخ , ومن ثم قرارات نقابة القهوة السادة , و... , والله يستر من تاليها .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات