عندما يتعامل مصطفى أبو اليزيد على انه قائد جيوش المسلمين!


عندما بدأت قناة " الجزيرة" تعلن عن مقابلة لمدير مكتبها في باكستان أحمد زيدان، والرجل الثالث في تنظيم القاعدة مصطفى أبو اليزيد، عقدت العزم علي مشاهدتها، ولكن تقدرون فتقدر الأقدار، فقد سافرت إلي مسقط رأسي بصعيد مصر لوفاة احد أقربائي، الذي وافته المنية في الثلاثين من عمره، في حين ان الرائد متقاعد صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى المصري، يطرق الثمانين بعنف، ولا يزال حيا يرزق، ويطمع ان يزيد.. دنيا!.

من عادات أهلنا في الصعيد ألا يفتحوا تلفزيونا ولا مذياعا من باب الحداد على موتاهم، ولو بالتثبيت على القرآن الكريم، ويكون الغلق لمدة أربعين يوما.. انه الحزن الأسود الذي عبر عنه بهاء طاهر في رائعته: "خالتي صفية والدير". ولذلك لم أتمكن من مشاهدة لقاء زيدان- أبو اليزيد في حينه، كما لم أشاهد التلفزيون المصري لعدة أيام، وهي راحة إجبارية مهمة، يحتاج إليها المرء بين الحين والآخر من اجل الحفاظ على لياقته العقلية، وحتى لا يصاب بالخفيف، ويكون في حكم من تناول حبوب الصراصير الشهيرة، ويقال ان من يتناولها يظل الليل كله حاملا نعله، ليقتل الصراصير التي تظهر أمامه، مع انه يكون كمن يحارب طواحين الهواء، فما يشاهده هو من أعراض حالة الهلوسة التي سيطرت عليه!

عدم مشاهدة التلفزيون حدادا، لم يحل دون ان يصلني بعض أنباء البرامج (سماعي)، فعلمت ما كان بين عمرو أديب وحسن شحاته المدير الفني للمنتخب الوطني المصري لكرة القدم بعد هزيمتنا من الفريق الأمريكي، فقد نقل أديب ما تردد في بعض الصحف الصفراء بالخارج من ان الفريق المصري قضى ليلة حمراء بلون الدم، قبل المباراة مع بنات الليل، وعرض المذيع المذكور الأمر بطريقة مستفزة، فاستفز الثاني كما استفز المشاهدين، وقد رد عليه شحاته بالتي هي أسوأ، فشفى غليل المشاهدين، الذين تعاطفوا معه على الرغم من الهزيمة، يبدو لأن من استضافه، هو مذيع من نوعية عمرو عبد السميع، وهما مثلهما مثل الضيوف من عينة عضو لجنة السياسات جهاد عودة، الذين يخسرون قضاياها بمجرد ظهورهم علي الشاشة ودون ان يتكلموا.. قدرة! أنا مهتم بشخصية مصطفى أبو اليزيد، منذ أول ظهور له على الشاشة، وقد استضافت الجزيرة منتصر الزيات ليعلق علي شريطه، فاسترق السمع، ثم قال: على الرغم من ان لهجته تدل على انه مصري، إلا انني لا اعرفه. وبعد هذا استضافت "جمانة نمور" في برنامج " ما وراء الخبر" الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية وبلدياتي ضياء رشوان.. لاحظوا أنني لم اسبق اسمها بلقب "الجميلة" نزولا عند رغبة القراء.

ضياء قال انه سأل قيادات تنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية فلم يتعرفوا على ابو اليزيد، لكن فضائية أخرى استضافت خبيرا جهبذا وجريئا فقال انه يعرفه عز المعرفة، وانه من منطقة شبرا بالقاهرة، وكاد ان يقول انه زميل دراسة له، وانه دخل معه في مناظرات هزمه فيها بالضربة القاضية، فدفعته الهزيمة للهروب الى جبال تورا بورا.
كان الخبير يكذب كعادته، لكننا في مصر نقول ان الشيء الوحيد الذي لا يدفع عليه صاحبه (جمارك) هو الكلام، وكنت أعلم بعض المعلومات عن الرجل الثالث بتنظيم القاعدة، ولم أكن مهتما بأمره إلا بعد ظهوره، وفي العام الماضي وبعد إعلان وفاته في احدى عمليات الجيش الباكستاني، فكرت في إعداد كتاب عنه، كتبت فيه فصلين، ثم صرفني عنه الكسل. وعلى ذكره، فقد ورد ان رجلا كسولا، بالوراثة، ورث أبناءه الكسل، وقد طرقت زوجته الباب، فطلب من ابنه ان يفتح لها، فرفض فهي زوجته هو، فطلب من الابنة فرفضت لذات السبب، فقال للزوجة: اذهبي فأنت طالق. كانت الأمور في الجزيرة منضبطة، فكان ضيف النشرة منتصر الزيات، وضيف "ما وراء الخبر" ضياء رشوان، ولو كان الظهور هذه الأيام، فلربما ظهر احدهما في عموم البرامج التي تتحدث عن الرجل ليجيب علي نفس الأسئلة، بنفس الإجابات، كما يحدث مؤخرا وهو ما سنبينه بعد قليل.

في الصعيد انشغلت بالهم الخاص، عن مقابلة مصطفى أبو اليزيد، لكن صديقي الشيخ طارق يوسف إمام مسجد "أولي الألباب" في نيويورك ذكرنا به، عندما اتصل بي ليخبرني بما قاله أبو اليزيد في البرنامج، وهو من سهل لي مهمة لقاء أهله بمصر، في مدينة ابو حماد، بمحافظة الشرقية، وليس في شبرا، كما ذكر الخبير الاستراتيجي الجبار سالف الوصف، الذي عز عليه ان يتواضع كما تواضع الزيات ورشوان، ويقول لا اعلم، ومن قال لا اعلم فقد أفتى.

الخطاب المتعالي
الشيخ طارق كان مستاء من كثير مما قيل، وبعضه يمثل انحرافا شرعيا من وجهة نظره، وقال ان أمر تنظيم القاعدة يمكن ان ينتهي إذا تم السماح لعلماء الإسلام الثقات والمستقلين عن الأنظمة لمقارعتهم الحجة بالحجة، وكان تعليقي: وأين هم العلماء الثقات والمستقلين غيري وغيرك؟ فضحك، ربما لأنه اعتبر ان انتسابي الى العلماء الذين يتمتعون بالاستقلال هو دعابة، لا بأس فأنا من العلماء الثقات فقط، ونصف العمى ولا العمى كله!

عقب عودتي الميمونة الي القاهرة، حيث رُفع الحجر العرفي، كان أول ما فعلته انني دخلت علي موقع "الجزيرة نت"، ومن هناك استمعت الي لقاء زيدان مع أبو اليزيد. ومن هذا الموقع يمكنك ان تطالع بطاقات تعريف للمذيعين والمذيعات بـ"الجزيرة"، ومنه وقفت على ان "جمانة نمور" حاصلة على دبلوم في الانثروبولوجيا، نفس تخصصي الدقيق!
لم يكن مصطفى أبو اليزيد موفقا، فخطابه المتعالي جاء بعد خطاب أوباما العاطفي، ولو انه قاله في وجود بوش لكان يليق به، فضلا عن أن أبو اليزيد بدا كما لو كان صلاح الدين الأيوبي، او قائد جيوش المسلمين، وسوف يحارب خصومه حتي ينطق الشجر والحجر ويقول يا مسلم خلفي كافر فاقتله. لقد وصف أوباما بمجرم البيت الأبيض الجديد، وان استراتيجية تنظيم القاعدة هي ضرب الأمريكان رأس الافعى بما يحقق مصالح الإسلام والمسلمين، ومضاعفة العمليات العسكرية واستنزاف العدو. ولو كان الأمر خاصا بأفغانستان، بل وفي أي بلد محتل، لوجد من يتعاطفون معه، فحق مقاومة الاحتلال لا ينكره إلا ضال او ديوث. ولكن المشكلة ان الرجل الثالث بتنظيم القاعدة بدا كما لو كانت عملياته لا حدود لها، وكما لو كان أميره هو أمير المؤمنين، الذي سيعيد دولة الخلافة الإسلامية، فيقرر للإسلام مصيره.

وقد أدهشني وهو يتحدث عن إمكانية قبوله الهدنة مع الأمريكان، ليعرض عليهم وتنظيمه الإسلام فإن اسلموا، فقد عصموا دماءهم وأرواحهم، وان أبوا فعليهم ان يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون. ومعلوم ان فلسفة الجزية تقوم على ان من يدفعها يكون الحاكم المسلم ملزما بحمايته. يبدو ان أحلام القوم لا تتوقف عند تحقيق صلح مع سكان البيت الأبيض تكون فيه يد الشيخ أسامة بن لادن هي العليا، ولكنهم يطمحون الى تحقيق الفتح الإسلامي لأمريكا، حتى يتمكنوا من فرض الجزية، وإسباغ الحماية. لا مانع عندي، بشرط ان تكون مهمتي انا هي حماية كوندوليزا رايس، ليقيني من انه لن يقترب منها انس ولا جان! آسف لأن كلام مصطفى ابو اليزيد بدا كأحلام إنسان ينام في (الطل) أي في الخلاء، بدون غطاء.

نجم الجمعة
يوم الجمعة قبل الماضي، كان علي خامنئي هو النجم التلفزيوني الأوحد، فقد انتظر الجميع خطبته ليضع فيها النقط فوق الحروف، فيما يختص بالانتخابات الإيرانية، التي أثارت جدلا واسعا، وقد خرج على اثر إعلان النتائج أنصار مرشح الإصلاحيين للشارع يطالبون بإعادة الانتخابات! دول الموالاة انحازت للمظاهرات، واعتبرت ان خروجها سيقضي على حكومة " الملالي"، ربما من فرط الدعاية صدقوا أنهم من أنصار الدولة المدنية، مع انهم شيدوا دولا بوليسية لا ترقب في الجماهير (إلا ولا ذمة).

بعضهم اعتبرها دليلا على فشل الديمقراطية، باعتبار ان الاستبداد هو القادر على ضبط ايقاع سكان العالم الثالث، والبعض يتعامل مع الإصلاحيين على أنهم رجال الولايات المتحدة الأمريكية في إيران، مع انه عندما تولى الرمز الإصلاحي محمد خاتمي الحكم في إيران، لم يفتحوا الأبواب في وجهه لان القرار الأمريكي لم يصدر لهم! خامنئي قال ان كل المرشحين هم من أبناء الثورة الإسلامية، وان كان هو ينحاز لأحمدي نجاد. ويؤخذ على الحكم في إيران قيامه بمنع الإعلاميين من تغطية حركة الاحتجاج بالصورة، واستخدم أسلوبا شموليا ثبت فشله، ففي ظل التقنية الحديثة تم تصوير التظاهرات بكاميرات الهواتف الجوالة، ولم ينجح المنع في عدم وصولها للناس.

المقررات الدراسية
في يوم خطبة خامنئي استضافت " الجزيرة" مصطفى اللباد معلقا، وهو خبير في الشأن الإيراني، وفي برنامج "ما وراء الخبر" في نفس اليوم كان اللباد ضيفا يقول نفس الكلام، ويجيب على نفس الأسئلة، وأحيانا بصياغات مختلفة. وعندما جاء أوباما الي القاهرة ليخاطب العالم الثالث كان عمرو الحمزاوي احد المعلقين في هذا اليوم بقناة الجزيرة، وبعد هذا استضافته خديجة بن قنة في برنامج "أكثر من رأي" ليتحدث في نفس الموضوع.

انه أسلوب يحول المعلقين الى مقررات دراسية، والدافع له هو الاستسهال مع ان خطبة نجاد كانت واضحة للاعمى، وما قاله عمرو الحمزاوي يقوله ليل نهار، ولا جديد فيه يستدعي التعامل معه على المفكر الضرورة.
ارحمونا الهي تموتوا قبل ان يموت صفوت الشريف.

" صحافي من مصر
azouz1966@gmail.com



تعليقات القراء

علي
المقال عقلاني لقد تعبنا من المهرجين ودفعت امتنا الكثير بسبب الكلام غير المسؤل الذي يطلقه احدهم ويذهب لينام اويختبىء الىمتى نبقى نسمع الى الغوغائيين فقط هم يحرضون العالم علينا لا اعرف هل هم مع الامه ام يستعدون الامم علينا وبالتالي يعملون مع جهات مشبوهه هذه النوعيه نتائج اقوالهم تدفعها الامه كل يوم
28-06-2009 07:48 AM
سوسو
توهتنا بالكلام مرة هون ومره هناك ومش عارفين على موضوع مهين نمور
28-07-2009 09:20 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات