"ذُل" العاصفة الثلجية


التقديرات تتحدث عن أكثر من 200 مليون خسائر الدولة الأردنية من ناتجها الوطني بسبب العاصفة الثلجية التي اجتاحت الأردن خلال الأسبوع الماضي، هذه هي الأضرار المباشرة من توقف وتعطل العمل، ولم تعرف حتى الآن الأضرار غير المباشرة التي لحقت بالبنية التحتية، شبكات الكهرباء، الطرق، الأضرار بالمركبات، الإصابات التي تعرض لها الناس.

وربما يكون سؤالاً ساذجاً للحكومة وأجهزتها العتيدة: لو كنا نملك استراتيجية حقيقية لمواجهة الكوارث، لأن ما حدث بتقديري الشخصي كارثة، ولو كنا نملك المعدات .. كم كانت ستكلف خزينة الدولة؟!.

في العالم المتحضر الذي تتساقط فيه الثلوج لا تتعطل حياة الناس، ولا تتوقف، ويستمر العمل كالمعتاد إلا ما ندر، فهناك توجد كاسحات للثلوج متطورة ترفع الثلج إلى جانبي الطرق الرئيسية، ولا تدمر الطرق وتقلع الأسفلت كما تفعل "اللوردارات"، ولا تأتي على شبكات الصرف الصحي والمياه، وهناك أيضاً كاسحات ثلوج صغيرة لطرق المشاة، والطرق الفرعية بحيث يتنقل الناس بأمان، فما قيمة أن تفتح الشوارع الرئيسية (نص مسرب) ويبقى الناس حبيسي الشوارع الفرعية، ومن يقرر المغامرة يكون مصيره إذا ركب سيارته أن تنزلق به إلى وادي أو تصطدم بمركبة أخرى في أحسن الأحوال، وإن كان مخلصاً وقرر الوصول إلى عمله راجلاً على قدميه لن يسير سوى خطوات وينقلب، بسبب الشوارع التي تحولت إلى "ساحات للتزلج"، ومصيره أن ينقل للمستشفى بكسور لا يعلم بها إلى الله؟!.

سيضحك المسؤولون في الدولة وأمانة عمان والبلديات من هذا الطرح .. وسيقولون نحن لا نواجه عواصف ثلجية إلا بالمناسبات، فهل هناك جدوى اقتصادية وإنسانية لشراء هذه المعدات وتكديسها في الكراجات والمستودعات، وبرأيي المتواضع فإن حساب الكلف والخسائر عدا عن حالة الشلل والشعور بأننا "دولة فاشلة" تنكسر في مواجهة عاصفة ثلجبة سيكون لصالح شراء كل المعدات والمستلزمات لأنها لن تكلف نصف الخسائر المالية، ولا نريد أن نضع الحالة المعنوية بالحسبان، وستبقى معنا لعقود؟!.

عشنا الأزمة وشاهدنا التخبط، والحكومة قررت أقصر الحلول، فليعطل الجميع أو يتأخر الدوام، ولننتظر أياماً ليذوب سيد المشهد "الثلج"، وبعدها تعود الحياة.

سيطرت علينا عقلية الفزعة في إدارة الأزمة، لا توجد خلية عمل تعمل بشكل متكامل، وأعجبتني مقالة الزميل فهد الخيطان الذي كشف الطابق عن مقر إدارة الأزمات الذي كلف الملايين ولم يستخدم، ولا أدري متى سيستخدم .. هل ينتظرون حرباً أو زلزالاً لا سمح الله حتى يطلعونا على ماذا يمكن أن يفعل مقر إدارة الأزمات لإنقاذنا؟.

شكراً للجيش الذي تدخل لإنقاذ الناس الذين حاصرتهم الثلوج، وحزنت أكثر من مشهد الطائرات وهي تلقي الأغذية والأغطية لسكان المناطق النائية المعزولة .. مؤلم حد البكاء أن يتحول الناس في الأردن البلد الذي نباهي به العالم، وكأننا في مخيمات لنازحين من الكوارث والحروب!.

ولكن تساءلت أليس دور الجيش هو حماية الوطن والناس في زمن الحرب والسلم أيضاً، فلماذا لم يتحرك منذ اللحظة الأولى مع قوات الأمن لإنقاذنا من "ذل" الثلج الذي استحكم بنا بعد فشل المؤسسات المدنية؟.

تسيدت صورة الملك المشهد وهو يدفع سيارة تعطلت في وسط شوارع عمان، في إشارة إلى أن واجب الدولة أن تكون حاضرة في الميدان لمساعدة الناس، ونسأل الملك بعد ذلك .. ماذا أنت فاعل بحكومة وأجهزة لم تلبي حاجات شعبك؟.

ما حدث مشهد ونص مسرحي بامتياز، لو أخرج وأنتج لحقق نجاحاً مبهراً، وما يؤلم أننا نحمل الحكومة وحدها المسؤولية، ونجلس نلطم الخدود، ونندب حظنا، ولا نعمل شيئاً، ولولا الأشقاء المصريين عمالاً في المخابز، ومحطات البنزين، والمقاهي، وحراس العمارات الذين فتحوا شوارع العمارات، لما أكلنا ولما خرجنا حتى الآن من منازلنا .. نحن مدانون جميعاً وأنا أولكم!.



تعليقات القراء

طالب حمد
رُبّ ضارة نافعة ، هذا ما حصل ، ثلجة مباغته في ظروف مادية سيئة واستعدانا على قدنا !، بالامس في بريطانيا حصلت ثلجة وبالرغم من ان بريطانيا دولة عظمى ، انقطعت الكهرباء وتقطعت السبل بالناس على الطرقات ورأينا كميرون يقف بين مواطنيه للوقوف على نتائج العاصفة لديهم بعد ان كان جلالة الملك عبدالله 2 حفظه الله ، قد اعطى المثال للعالم كله ،لم نر كتاب انجليز ينبرون لنقد وتجريح موظفين الدولة في بلادهم كالبلوى التي بين ظهرانينا، البعض امسك بالسوط لجلد نفسه بلا رحمة ولا شفقة ، اتقوا الله في بلدنا !!! .
30-12-2013 12:43 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات