ما هو قادم سلام ام استسلام؟


المحادثات التي تدور اليوم بين الفلسطينين والاسرائيلين برعاية امريكية للوصول الى انهاء الصراع العربي الاسرائيلي والتي بدأت قبل أشهر ومقرر لها أن تنتهي مع نهاية نيسان من العام القادم والتي حدد لها 9 اشهر اي بما يوازي فترة الحمل الطبيعية بقي ما يدور فيها بعيدا عن الاضواء اذ كان ذلك شرطا بين الاطراف متفقا عليه.
في ظل التعتيم على سير هذه المحادثات كان هناك امرا واضحا يقدره الجميع وهو حماس واصرار الوزير كيري على عدم افشال هذه المحادثات والوصول بها الى بر الامان وبدا ذلك من خلال الجولات الكثيرة التي قام بها بين الطرفين منذ توليه منصبه بداية العام كوزير للخارجية في الإدارة الثانية للرئيس اوباما وذكرتنا بجولات كيسنجر المكوكية لفض الاشتباك بين مصر واسرائيل عقب حرب رمضان 1973.
على الرغم من الحديث الدائم عن أن القضية الفلسطينية هي اساس الصراع وأن حلها بالضرورة يفضي الى حلحلة الكثير من القضايا في المنطقة لكن الواقع انه تم التعامل معها من باب المقايضة على هوامش قضايا اخرى كما حدث في مؤتمر مدريد واليوم يبدو انها تتم ضمن جردة حساب اقليمية دولية مُلزمة.
في ظل تفسخ عربي غير مسبوق واختلال الموازين بين الطرفين وتأجج الصراع في الاقليم على أساس مذهبي تبدو اسرائيل في مأمن منه لا اعرف كيف يمكن لنا أن نصل الى حل ينهي النزاع ويحمي نفسه.
تجربة العرب في التفاوض مع اسرائل مريرة لم تنتج شيء وكانت هي بدورها تعبث بالمفاوضات من باب تضييع الوقت وكانت الامور تذهب دائما في مصلحتها على الرغم من ادعائنا الدائم والكاذب ان الزمن في غير صالحها وتقوم بدورها بتغيير معالم الارض لتفرض واقعا جديدا لا يمكن تجاهله في الجولات القادمة من المفاوضات والمريب ايضا اننا نعود لنتنازل بل نبدي الندم على ما فرطنا به في السابق.
هذه الجولة تتم في ظل الانقسام الفلسطيني المعيب الذي لم يعد يثير الاهتمام ولا يكلف احد خاطره بالسؤال عن القطاع واهله اما حركة وحكومة حماس فيبدو انها تعيش حصارا لا تحسد عليه وهذا ما جعل الوزير كيري يتجاهل القطاع بحجة أن حماس مشغولة بنفسها ولن تقوى على معارضة شيء.
اليوم ايضا يبدو أن العرب جميعا متحمسون لدعم هذه المفاوضات حتى أخر لحظة مهما كانت النتيجة ومهما كانت ممارسات الطرف الأخر بل أن الاستيطان الذي افشل جولات سابقة لم يعد اليوم عقبة وربما يمارس الجميع الضغط على الفلسطينين ليقدموا المزيد من التنازل ما دام القوي لا يمكن أن يخضع مصالحه للمساومة.
ان فترة الـ 9 شهور (فترة الحمل) المتوقع ان تحدث في نهايتها الولادة اي في اخر نيسان القادم وقد يطول الحمل او يكون كاذبا فإنه في احسن الاحوال واسعدها فان المولود سياتي مشوها فكل المقدمات تبشر بذلك.
القضايا النهائية والتي ربما يتم التوصل الى اطار عمل حولها لن يتحقق للطرف الفلسطيني فيها ما يسر او يحقق اختراقا في اي منها بل أن الطرح الاسرائيلي يتسيد فمن اصرار على ترتيبات أمنية كما تريد الى تنكر تام لقضية اللاجئين وترتيب يناسبها في القدس وسيطرة على الماء وابقاء الكتل الاستيطانية الضخمة وعلى العاجز ان يلعق نتائج عجزه.
الرئيس الفلسطيني ومن خلال طلبه الاجتماع الى وزراء الخارجية العرب يوم السبت القادم يريد أن يلقي الكرة في حضن العرب مثلما أن العرب ومنذ زمن رموا الكرة في وجه الفلسطينين وقد ضاقوا بقضيتهم وما ترتب عنها لكن الضعيف لا يمنح القوة بل يزيد الضعف ضعفا.
كانت عقدة اللاجئين على الدوام هي القنبلة الاصعب تفكيكا في كل الجولات السابقة في ظل اختلاف كبير بين الطرفين ففي الوقت الذي نتحدث فيه عن 5 ملايين لاجئ فلسطيني يعيش 42% منهم في الاردن و15% في سوريا و10% في لبنان والباقي في الضفة والقطاع كما جاء في بيان مركز الاحصاء الفلسطيني يتحدث الامريكيون والاسرائليون عن عشرات الالاف فقط وفي ظل اختلال التوازن بين الاطراف فلن يريح الجميع غير التوطين ومقايضاة دولة هزيلة باللاجئين وغيرهم اي أن اسرائيل تقايض حقوقنا بعضها ببعض.
النظام الأردني بدوره يشجع على استمرار المفاوضات ويعلن دائما أن قيام الدولة الفلسطينية مصلحة عليا وبالنتيجة سيُفرض على الشعب الاردني توطين العدد الاكبر من اللاجئين والاندماج مع دولة ماسخة لنجد أنفسنا وقد تورطنا من جديد في المستنقع الفلسطيني بكل إشكالاته وتناقضاته ويعود الحديث من جديد عن احتلال اردني يرفع عن كاهل الاحتلال الاسرائلي معاناته وعندها يكون الشعب الاردني هو الأشد خسارة بما يوازي الفلسطينين او ربما يفوقهم. 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات