اختبار الحقيقة وإدارة الأزمات في الأردن


الحقيقة تعني الشيء الثابت يقينا وهناك الحقيقة الجارحة والمؤذية تعني انكشف على أمره وانفضح وقالوا إن الحقيقة مرة حين تتم المكاشفة رحل المنخفض وانقشعت المعاناة التي اختلطت بها السعادة والفرح بما جادت به السماء من غيث واكتست الأرض حلتها البيضاء بما فاضت به من عطاء وخيرا وإنا لله شاكرون ولن نقنط من رحمة الله .

إن تساقط الثلوج بهذا الكم يعتبر حالة استثنائية تفوق طاقاتنا وقدراتنا ولا نجيد التعامل معها على المستويين المجتمعي والرسمي من ناحية الاستعداد والتجهيز وتأهيل الكوادر المحترفة بإدارة الأزمات والتكيف معها.

في الظروف الجوية الصعبة التي سادت المملكة وجدنا الرجال الغر الميامين الذين يتوسمون و يتوشحون التاج الأردني الذي يتلألأ فوق جباههم وبين أعينهم حاضرون بين أبناء الوطن لم يبخلوا بجهد أوطاقة من أجل تقديم الواجب الوطني والإنساني بفتح الطرق وإسعاف المرضى وتقديم الرعاية لحالات الولادة وتأمين الأغذية والأغطية والملابس وغيرها للمناطق المتضررة ألا وهم جهاز الدفاع المدني وأجهزة الأمن العام بكل كوادرها وقوات الدرك والجيش العربي الأردني ،فالوطن قوي بهم وبقيادتهم الرشيدة صاحب الجلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة ، لذا فأننا نتقدم إليهم بوافر الشكر وعظيم الامتنان.

وبعكس ماقامت به بعض المؤسسات الأخرى التي كان جهدها متواضعا وخافتا أثارالريبة والتذمر في نفوس المواطنين وكدّر الخواطر وقد يعزى السبب في بعض الأحيان إلى التركة الصعبة من ارث الإدارات السابقة بشكل تراكمي،والمسؤولية موزعة على عدة إدارات متواترة من خلال أعوام خلت سببت العجز المالي في كثير من مؤسسات الدولة التي حالت دون أخذ الاحتياطات والتجهيزات اللازمة من المعدات وتأهيل الكوادر بشتى أنواعها ولا نغفل أن بعض الإدارات الحالية لديها ما يكفي من الإهمال والتراخي والتباطؤ وعلى سبيل المثال شركة الكهرباء الوطنية وشركات توزيع الكهرباء التي كان غيابها واضحا وجليا للعيان في ضعف الأداء الفني والتقصير في تقديم الخدمات اللازمة مما يظهر فشلها في التخطيط والإعداد لمثل هذه الظروف الطارئة الأمر الذي يدعو إلى إعادة النظر في سياسة إدارة الشركات لوضع نظام جديد يتلاءم مع متطلبات الحدث من حيث الإعداد المتقن بتأهيل كوادر خاصة وكفؤة تتعامل مع الأزمات بشكل مهني ومدروس مسبقا لتجنب الجهد المرتجل غير المدروس لما يحدث بشكل طارئ أو الأحداث والكوارث التي لم تحدث بعد سواء أكانت طبيعية أونتيجة أفتعال بشري يجنبها التخبط والإرباك وذلك من خلال إيجاد إدارة مركزية تشرف عليها وزارة الداخلية وطواقمها من الحكام الإداريين بالتعاون والتشارك المتين مع أجهزة الدولة ذات الصلة للتغلب على حل الأزمات والخروج منها بأقل الخسائر وبالسرعة الممكنة .

ومن الملاحظ أيضا أن أمانة عمان الكبرى والبلديات في محافظات المملكة قصرت في أداء الواجبات من خلال ملاحظات المواطنين وغيرهم لعدم توفر أعداد كافية من المعدات والآليات والأجهزة وقد يكون السبب أن بعض الآليات غير صالح للاستخدام مع العلم أن الكوادر البشرية فائضة عن الحاجة ومتكدسة في المكاتب ويمتلك بعضهم همما عالية ،إلا أن الميدان كان خاليا من الفرق المعنية بإدارة الأزمات وحل المشاكل المتعلقة بالظروف الجوية أو غيرها،بالإضافة إلى عدم توفر وسائل الاتصال لتقبل شكاوي المواطنين،والرد على نداءاتهم واستغاثاتهم .

أما وزارة الأشغال فقد تعودنا عبر السنوات الماضية أن لها دورا كبيرا في مثل هذه الحالات بما أسند و أوكل إليها من مهام ذات صلة بالطرق الخارجية إلا أنها في هذا العام كان أداءها دون المتوقع فلم يكن لها صدى في الإعلام.

بالإضافة إلى ذلك كله فقد لمس المواطنون غياب دور القطاع الخاص الذي يمتلك القدرات الفنية والمعدات المجهزة التي تحظى في العادة بالرعاية والدعم من قبل مؤسسات الدولة من خلال المشاريع العامة والعطاءات في البناء وفتح وتعبيد الطرق حتى تكاد تفوق إمكاناتهم قدرات العديد من مؤسسات الدولة ومما يحز في نفس المواطن أن أصحاب بعض الآليات والمعدات لم يسخروا إمكانياتهم في العمل التطوعي في مثل هذه الظروف الصعبة التي رافقت المنخفض الجوي .

ومما يؤسف له أيضا أن البعض لم يصغو إلى نداءات الجهات الرسمية (وزارة الداخلية ودائرة الأرصاد الجوية ) ووسائل الأعلام وتحذيراتهم بعدم الخروج إلى الشوارع إلا للحالات القصوى ،ولكنهم بدلا من ذلك خرجوا وسببوا إرباكا لحركة الآليات وإعاقة العمل بتشتيت الجهد .

مما سبق يجب التفكير بإمعان وتمحص بإعادة النظر بكيفية في التخطيط والتنظيم والإعداد الجيد والقضاء على الترهل وسد الثغرات والعيوب التي ظهرت على الملأ . وهذا يدعو إلى التفكير جليا بكيفية طلب المنح وكيفية تسخيرها وتوزيعها في مكانها الصحيح وفق حاجات البلد بما يخدم المصلحة العامة والابتعاد عن المشاريع الوهمية التي يهرول ويلهث وراءها البعض بطريقة ملهوفة . و من متطلبات إدارة الأزمات التخطيط والتنظيم وإيجاد نظم سريعة وتوفير سهولة الاتصالات ودقة التنبؤ وتطوير أساليب أخرى متبعة عالميا توفر الجهد والمال وتبعد الشكوك والإشاعات عن بعض المسؤولين. و لا يفوتنا الشكر لكل فرد أو جماعة أو جهة رسمية في الدولة على ما قاموا به من جهد يثنى عليه ، فالنجاح و الانجاز هو بحد ذاته اعلام .

ونصيحة اليوم تقول: كن لينا في غير ضعف وقويا في غير عنف



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات