العيش في ظل كذبة كبيرة


يتميز الشعب الأردني من بين الشعوب العربية بأنه شعب متعلم، ولديه طاقات بشرية كبيرة قادرة على تحقيق انجازات تقنية وعلمية، إذا توفرت الإمكانات والموارد المناسبة، وكثير من أصحاب رايات النجاح تمكنوا من بناء قدراتهم الذاتية بعصامية تامة، واستطاعوا إثبات نظريات النجاح بكل كفاءة واقتدار، ومع ذلك أيضا تمكن أفراد من الشعب الأردني أن يثبتوا للعالم اجمع أنهم يمتلكون قدرات خارقة في التميز والفهلوة وتحقيق الانجازات العظيمة من السراب.

فنحن في الأردن البلد الوحيد الذي استطاع أن يحقق مردود اقتصادي كبير من عوائد الخصخصة، ولم يسجل قيد قانوني واحد يثبت انه تم التصرف بأي من هذه العوائد لغير الأغراض المخطط للإنفاق عليها، بمعنى أن مستوى الفساد صفر، ونتيجة لذلك شهد قطاع الأعمال الأردني نموا كبيرا، فاق النمو الذي عاشه الاقتصاد الأردني مطلع الثمانينات من القرن الماضي، وانخفض مستوى البطالة لأدنى معدل له في تاريخ المملكة، رغم التصريح الحكومي على محافظة بياناتها على نسبة 12-13% التي تتستر بها لغايات تحصيل المنح والدعم للاقتصاد الوطني، وهذه كذبة كبيرة وللأسف أننا نعيش في ظلالها ولا يوجد ما يثبت عكسها.

أما في مجال الإبداع الإداري فحدث ولا حرج، فالحكومة تتبنى سياسات ترشيد إنفاق حكيمة، وتشدد الرقابة على العطاءات الحكومية، وتراعي في ذلك المهنية العالية، وتحرص على تحقيق أعلى درجات الجودة عند استلام المشاريع المنفذة، فالمدارس والمستشفيات والطرق المنفذة من قبل المتعهدين وشركات المقاولات، لا تعاني من أي مشاكل أو عيوب، بل يتم استلامها وفقا للأسس والشروط المحددة، ولا داعي لرفض استلام أي مشروع، فكل الكتابات على الورق، تثبت سلامة وصحة الأعمال، وان كانت الشواهد البصرية تكذب ذلك، فربما عذر الحكومة أن ذلك لا يعدو كونه خداع بصر، أو إنها كذبة كبيرة نقنع أنفسنا بصدقها، ومصداقية الحكومة عند الحديث بخصوصها.

أما فيما يتعلق بالنظريات الاقتصادية وحجج الإقناع، فيكفي لنا تصريح صغير مقتضب من دولة رئيس الوزراء، يغني عن كل النظريات التي درسناها بالجامعات، لإقناع الشعب الأردني عالمه ومتعلمه وجاهله، بان البلاد كانت على هاوية الإفلاس، وإنها بدون عبدالله النسور ستكون في مقبرة التاريخ، وأنها ستكون بلاد بدون بشر، ونحن نصدق أن عبدالله النسور بطل وطني، أو على الأقل يشبح ببطولات مبنية على انقاذ الأوهام، والغريب العجيب أننا رغم إدراكنا لفهلوة وشطارة النسور، إلا إننا نقتنع بكلامه، وخصوصا إذا أعسل لسانه بالحديث واسترسل في حب الوطن.

أما آخر إصدارات الفهلوة الأردنية والعبقرية الإدارية، فهي قضايا نصب على الشعب، إما أن نكون فيها ضحايا أو جناة، وهذا ما ستكشفه الأيام بعد إشاعة خبر بيع حصة مؤسسة الضمان في بنك الإسكان، فان صدق الخبر فعلى البلاد السلام، ولن يجدي لسان النسور نفعا يومها، ولن يكون المواطن ساذجا ليجد عذرا لمجلس النواب إن مرر هذه القضية، مثل ما مرر قضية الكازينو قبلها، أو ربما تحيل هيئة مكافحة الفساد القضية إلى الصندوق البلاستيكي العجيب، الذي تمكن من حفظ كبريات قضايا الفساد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات