الجيوش العربية بين مهزلة الانتصار وحقيقة الذل والعار


معذرة يا عرب , فقد اصبحت جيوشكم مهزلة ومسخرة للامم المتقدمة والمتخلفة على حد سواء, فكلما خافت اسرائيل وانزعجت من امر ما , خلقت امريكا مشكلة في الوطن العربي لاخضاع جيوشها للتجربة تتحول بعدها تلك الجيوش بهمة قادتها الى ملهاة تتسلى بها الامم , فامريكا التي تتلاعب بالجيوش العربية لحماية بني صهيون, لم تستطع ان تهزم دولا بلا جيوش ولا عتاد وتسليح , فقد رأينا كيف انهزمت امام كبرياء جزيرة كوبا وفحلها كاسترو , وأمام مشردي الصومال تلك الدولة التي يعتبرونها جزافا وظلماً بانها عربية وغالبية سكانها لا يتكلمون ولا يجيدون ابجديات العربية , وأمام عنفوان فنزويلا وصمود افغانستان وعظمة فيتنام وتحدي سيرلانكا.

نعم انها الحقيقة التي يجب ان يدركها كل عربي لكي نمسح من ذاكرتنا ما يسمى بجيوش الانتصار بعد ان اصبحنا مضحكة الامم في هذا العالم , فلا تكاد ترى جيشاً عربياً متماسكا في العدد وفي العتاد , فقد تم تفكيك جيوشنا العربية واختراقها بصورة جعلتها تنهزم وتنكسر امام اي عدوان , لنرى بعد كل هزيمة كيف يتباهى قادة الجيوش العربية بالنياشين وتتزين صدورهم بالاوسمة.

فتعالوا ايها العرب نتصور معكم حجم الاهانة التي لحقت بالامة العربية شعوباً وجيوشا على مر التاريخ, والتي تلخصها تلك القصة التي حدثت بعد هزيمة حرب 1967 في فلسطين وبالقدس على وجه التحديد.

فقد روي أن احد العرب في فلسطين قد عاد من امريكا ومعه زوجته الاجنبية , ولدى وصوله الى القدس شاهده الجنود الصهاينة وهو يتمختر بخيلاء ماشياَ امام زوجته وكانه منتصر بالحرب , فناداه احد الجنود وقام بالعبث بمؤخرته من خلف البنطال باصبعه , وكما نقول نحن في الاردن ( !) , فاستاء العربي من هذه الفعِلة بقوله للجندي :لماذا فعلت ذلك ؟, فرد عليه اليهودي بصلف وبسخرية كبيرة : رايتك تتمختر بصورة لم اطقها ظننت خلالها بأنك وجيوشك العربية قد انتصرتم علينا, فاردت ان أهزئك واوصل لك رسالة مضمونها يقول لا يحق لعربي ان يفتخر , فالقدس اخذناها , والضفة الغربية احتللناها , وجيوشكم سحقناها , وشعوبكم شردناها ونسائكم رملناها وكرامتكم دسناها , فكيف تتباهون وتفرحون ولجيوشكم تغنون؟! .

نعم لقد صدق الجندي اليهودي بكل ما قاله للفلسطيني , فقد الهت امريكا وطفلها الصهيوني الجيوش العربية واغرقتهم في مستنقعات ووحول الحروب الاهلية , فرأينا بعد هزيمة حرب 1967 كيف ادخلوا الجيش اللبناني في مستنقع الحرب الطائفية لمدة 5 سنوات ارهق خلالها الجيشين السوري واللبناني ومعهما القوة الفلسطينية التي خرجت من الاردن منتشية بحربها ضد الجيش الاردني , وكيف اشركت الجيش العراقي بحرب مدمرة مع ايران استمرت 8 سنوات اكلت الاخضر واليابس في العراق , حتى استنزفت قواه وانهكت خزائنه ومزقت اوصاله فبات جيشا ليس بين افراده رابط وطني ولا عقائدي ولا مذهبي , فانتشرت به الطائفية والمذهبية والعرقية وها هو مقبل على حرب اهلية , هذا إن لم تكن قد بدأت بالفعل , ستؤدي في نهاية المطاف الى تقسيم العراق كما ادت الحرب الاهلية الى تقسيم لبنان الى كونتونات صغيرة لكل منها جيشاً لا يخضع لقوانين الدولة كالكتائب وحزب الله .
وما اصاب الجيوش اللبنانية والعراقية اصاب الجيش الليبي الذي تمزق الى اكثر من جيش كل واحد يطالب باستقلال اقليمه عن الجسد الام , كما نرى هذه الايام إلهاء الجيش المصري بما يدور في سيناء تمهيدا لارهاقه والحاقه بالجيش العراقي المدمر, والسوري المتهالك بفعل الحرب الاهلية الدائرة حاليا في كل ارجاء الارض السورية والتي اعادت للذاكرة مشاهد ما جرى في الحرب العالمية الثانية من دمار وخراب .

كما ان الدائرة تدور هذه الايام على الجيش الاردني بفعل ما يجري في سوريا , لينصرف عن تأدية واجب حماية الحدود ليقوم بأعمال التنمية اجتماعية. وتاريخيا حاولوا تدميره بعد انتصاره بمعركة الكرامة حين افتعلوا له احداث ايلول الابيض مع الفدائيين , وليس ببعيد ان تقوم امريكا بالتسلية بجيوش العرب من جديد وتشعل حرباً شرسة الجيشين السعودي والايراني بحجة السيطرة على المنطقة ومنع التوسع الشيعي .

نعم , والف نعم , فأمريكا حينما لجأت لإرهاق الجيوش العربية لم تكن غبية , بل لأنها تدرك بان الجيش هو الضامن الوحيد لوحدة اي ارض في الدنيا , فسعوا لتفكيك الجيوش العربية وتدمير مقدراتها لفرض الارادة على العرب والاسراع في تنفيذ مخططات العدو , ودفعهم للتسابق لكسب ود اليهود في تنفيذ المشاريع على الارض العربية . وهنا لا بد من الاشارة وبكل موضوعية بأنه لولا تماسك الجيش الاردني الى الان لما تغنيتم ايها الاردنيون بالامن والامان , فحافظوا على جيشكم وعلى تركيبته, ولا تخضعوه لتجارب مجربة .

بقي ان نقول بأن التاريخ لم يسجل بين سطوره الى الان ان امريكا كانت يوما صديقة وفية لاحد من العرب إلا بمقدار ما يخدم ذلك مصالحها, وما وجود اسرائيل وقوتها إلا احد اهم تلك المصالح على الاطلاق.

فاذا كان الطرماح بن حكيم الطائي ابن قبيلة طيء المعروفة قد قال متهكما في حربه على الخوارج وعلى تميم بالتحديد : ولو أن برغوثا على ظهر قملة ** يشد على جموع تميم لولت. فرد عليه الفرزدق متهكما هو الاخر بقوله: ولو أن عصفورا يمد جناحيه ** على دور طيء كلها لاستظلت. فاسمحوا لي ان اختم بما جاء جاء في وقفة للتأمل.

وقفة للتأمل :" فلو ان برغوثاً على ظهر قملة يشد على جيوش العُرب لولت ولو ان عصفورا يمد جناحيه لجاءت جيوش العُرب تحته واستظلت".



تعليقات القراء

اذا لم تستحي فقل ما شئت
اسميت ايلول بالابيض وهل اقتتال الاخوه فيه بياض. بل هو اسود وليس ابيض كيوم معركة الكرامه. الفتنه نائمه يا ظالم نفسه واخوته.
04-12-2013 04:25 PM
فساد القلم واكلمه
"بكل موضوعية بأنه لولا تماسك الجيش الاردني الى الان لما تغنيتم ايها الاردنيون بالامن والامان , فحافظوا على جيشكم وعلى تركيبته, ولا تخضعوه لتجارب مجربة ".
مقتبص من المقال, وهنا دس السم في العسل. فهذه هي غاية الكاتب اثارة الفتنه
04-12-2013 04:30 PM
ابو خطاب
معركة الكرامة حققها الفدائيون , ومد لهم العون القائد الاردني العظيم مشهور حديثة - رحمه الله - وهذه التوأمة الكريمة بين ابناء الشعب الواحد في الاردن وفلسطين هي التي كسرت شوكة اليهود . فلا تغالط احداث التاريخ ؟؟؟
واخيرا اريد ان اطمئنك ان الجيش في الاردن لن يصل اليه التفكيك كما حصل لجيوش المنطقة , لان الغرب لن يسمح بذلك وهذا سبب وجود القوات الامريكية المتأهبة في الاردن . فأمن اسرائيل لايهددها جيش صغير مثل الجيش الاردني .
04-12-2013 11:34 PM
شب
...
05-12-2013 08:15 AM
هسهس
...
05-12-2013 08:15 AM
م ر ا ق ب
05-12-2013 10:23 AM
غشيم
هو هذا نفسه القرعان اللي كان يكتب بعد اسمه (عضو اتحاد التكاب والادباء الردنيين) أم قرعان ثاني؟
حبيبي يا أصلي يا ابن البد، الله محيك يا مدافع عن جيشنا
06-12-2013 03:15 AM
ناوم كاشكارجيان
رد من المحرر:
نعتذر
11-01-2014 12:08 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات