الصدق


الصدق صفة محببة بالنفس البشرية وقد حث عليه ديننا الإسلامي وأمرنا بالتحلي بها ، فهل نقول الحق ويطابق قولنا الواقع ، فيما يدور من أحاديث فيما بيننا ،في جلساتنا ، في إجتماعتنا ، في نداوتنا، في مؤتمراتنا،في دوائرنا ، في وزاراتنا ، في مؤسستنا ، في كلام مسؤولي دولتنا؟ هل يتطابق قولنا واقعنا ؟ آمل أن يكون ذلك.

والصدق يكون مع الله أولا ، نخلص في عبادتنا ، وأعمالنا ، فلا رياء ولا سمعة ، ولا مرضاة لمدير أو مسؤول إذا كان لديه نهج سليم في حياته وامر قويم كالحرص على الصلاة في عمله ومع موظفيه،انا كمسلم أخلص في طاعتي وعبادتي لله على أكمل وجه وأبهى صورة. والمسلم يكون صادقا مع نفسه ، ولا يخدعها ، معترفا بعيوبه وأخطائه جاهدا لتصحيحها . وكذلك يكون صادقا مع الناس فلا يكذب لإن الكذب من صفات المنافقين وكلنا نعرف الحديث الشريف الذي روي عني النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) [البخاري].

فالكذب إذن صفة ذميمة سيئة وهو عكس الصدق فلنبتعد عن الكذب في جميع أمور حياتنا ، حتى لا ينطبق علينا حديث النبي السابق إن مارسنا الكذب .

يحكى أن رجلا كان يعصي الله -سبحانه- وكان فيه الكثير من العيوب، فحاول أن يصلحها، فلم يستطع، فذهب إلى عالم، وطلب منه وصية يعالج بها عيوبه، فأمره العالم أن يعالج عيبًا واحدًا وهو الكذب، وأوصاه بالصدق في كل حال، وأخذ من الرجل عهدًا على ذلك، وبعد فترة أراد الرجل أن يشرب خمرًا ، وعندما رفعها إلى فمه قال: ماذا أقول للعالم إن سألني: هل شربتَ خمرًا؟ فهل أكذب عليه؟ لا، لن أشرب الخمر أبدًا.

وفي اليوم التالي، أراد الرجل أن يفعل ذنبًا آخر، لكنه تذكر عهده مع العالم بالصدق. فلم يفعل ذلك الذنب، وكلما أراد الرجل أن يفعل ذنبًا امتنع عن فعله حتى لا يكذب على العالم، وبمرور الأيام تخلى الرجل عن كل عيوبه بفضل تمسكه بخلق الصدق وابتعاده عن االكذب.

ولقد أمرنا الله بالصدق وحثنا عليه ودعانا للتمسك بهذه الصفة الحميدة والمسلك القويم فقال سبحانه وتعالى ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )الآية119 سورة التوبة.

والصدق كما قال حبيبنا محمد – صلى الله عليه وسلم – يهدي إلى البرّ , والبر يهدي إلى الجنة .."
قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - (عليك بالصدق وإن قتلك)

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: أربع من كن فيه فقد ربح: ((الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر))

وقال عبد الملك بن مروان لمعلم أولاده: "علمهم الصدق كما تعلمهم القران".

ويقول الشاعر:

عود لسانك قول الصدق تحظ به *** إن اللسان لما عودت معتاد

وكم نسمع من مسؤولينا بأنهم صادقين ، ولكن نرى عكس ما يقولنا ، كم سمعنا من يقول بأنه صادق أكثر من مرة ولكن الواقع يقول عكس ما نعانيه ، من هول ما أصابنا من قرارت ، في حياتنا .

قصة معبرة عن الصدق وماذا صنعت ، وما النتيجة ،،، كان هناك في إحدى البلاد غلام اسمه يحيي يعيش مع أمه بعد ما مات أبوه وهو طفل صغير .تربى هذا الغلام في حِجر أمه التي علمته الصدق في كل شيء فكان صادقا لا يكذب أبداً ،وفي يوم من الأيام أراد هذا الغلام أن يسافر ليطلب العلم في إحدى البلدات المجاورة.

ذهب لوداع أمه قبل السفر ،فقالت له أمه : يا يحيي أريدك أن تبايعني على الصدق… فبايعها على أن يكون صادقاً وألا يكذب أبدا.

وخرج يحيي متوكلاً على الله بعدما أخذ كتبه والقليل من الطعام ، وأعطته أمه أربعين ديناراً فأخفاها تحت ملابسه حتى لا يراها اللصوص .وسافر يحيي مع إحدى القوافل المسافرة إلى تلك البلدة التي سيدرس فيها وبينما هم في الطريق إذ خرج عليهم اللصوص وسرقوا كل شيء في القافلة ولم يتركوا أي شيء .نظر كبير اللصوص فرأى يحيي واقفاً.. ثم نادى كبير اللصوص عليه وقال له : تعالَ هنا يا فتى .فنظر إليه يحيي وهو يشعر بالخوف الشديد… ثم نادى كبير اللصوص عليه مرة أخرى وقال له : قلت لك تعالَ هنا.. تعالَ وإلاّ قتلتك .ذهب يحيي لكبير اللصوص وقال له : نعم.. ماذا تريد مني ؟
فضحك كبير اللصوص وقال له : هل معك أموال ؟ فقال يحيي : نعم.. معي أربعون ديناراً أخفيتها تحت ملابسي ،صمت كبير اللصوص ونظر ليحيي وهو يشعر بالغضب الشديد.. وقال ليحيي : هل تسخر مني ؟ معك مال كثير وتخبر به بهذه السهولة..ثم قال له : الويل لك إن كنت تكذب علي وتسخر مني .
فقال يحيي : أنا لا أهزأ منك هذه هي الحقيقة.. فمعي أربعون ديناراً .نظر إليه كبير اللصوص والشر يبدو في عينيه ، ثم هدأ وقال ليحيي : سأفتشك وسنرى.. وإن كنت كاذبا سأقتلك في الحال..ثم نادى كبير اللصوص على رجاله وقال لهم : فتشوا هذا الفتى .فأسرع الرجال وفتشوا يحيي فعثروا على النقود وأعطوها لكبيرهم فعدها فوجدها بالفعل أربعين ديناراً .فتعجب كبير اللصوص وقال له : ولماذا أخبرتني بالدنانير التي معك ؟ وما الذي حملك على أن تصدق معي وأنت تعرف أني سأسرقها .؟
قال يحيي : لأنني بايعتُ أمي على الصدق فلن أخون عهد أمي ، فنظر إليه كبير اللصوص وبكى بكاءاً شديداً وقال : أنت تخشى أن تخون عهد أمك.. وأنا أخونُ عهد ربي وأروع وأخيف الناس وأسلبهم أموالهم.. أشهدكم جميعاً أني تائب إلى الله منذ هذه اللحظة .فأمر كبير اللصوص برد الأموال والأشياء التي سرقت ففرح الناس ،وجاء اللصوص وقالوا له : لقد كنت كبيرنا في السرقة وأنت اليوم كبيرنا في التوبة فقد تبنا جميعاً إلى الله . وهكذا ببركة الصدق نجا الغلام والقافلة وتاب جميع اللصوص .
أترك هذه المقالة والقصة لمن سولت له نفسه الكذب، لمن سولت له نفسه السرقة ، لمن سولت له نفسه ترويع الآخرين، لمن سولت له نفسه سرقة مقدرات الوطن والعبث بخيراته وبيعها، ولمن سولت له نفسه التعالي على غيره من الضعفاء بهضم حقوقهم وسلبهم ما يملكون من مدخرات ضمانهم المتبقي لخريف العمر ،وإلى..وإلى من لا يخاف الله ولا يخشاه ، أقول : آما آن لك أن ترجع عن غيك وتتوب ، متى ستعود لصوابك؟؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات