عاشوراء (مشروعيته وفضله)

قال رسول الله:

((صوم يوم عاشوراء أحتسبُ على الله أن يكفر سنةً ماضية)).

نعم أيها الاخو فإن رباط العقيدة هو الرابط بين المسلمين مهما كانت فواصل الزمن، وكما تجاوز المؤمنون من قوم موسى- عليه السلام -المحنة، كذلك ينبغي أن يتجاوزها المسلمون في كل عصر ، وقد صام موسى -عليه السلام - يوم عاشوراء من شهر الله المحرم شكراً لله على النصر للمؤمنين، وكذلك صامه محمد- صلى الله عليه وسلم -والمؤمنون، ولا يزال المسلمون يتواصون بسنة محمد -صلى الله عليه وسلم - بصيام هذا اليوم، ويرجون بره وفضله.

فاقدروا لهذا اليوم قدره، وسارعوا فيه إلى الطاعة واطلبوا المغفرة، وخالفوا اليهود، وصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده، فذلك أكمل مراتب الصيام كما قال ابن القيم رحمه الله.

لما أنجى الله موسى وأغرق فرعونَ صام موسى عليه السلام يومَ العاشر من محرم شكراً لله ، فكانت قريشٌ تصومه في جاهليتها، وكان النبي يصومه معهم.

*بيان مشروعية صيام يوم عاشوراء :- )من التطوع وهو سنة مؤكدة)
قالت عائشة رضي الله عنها: {كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه}. متفق عليه.

قدم الرسول المدينةَ مهاجراً، واليهود إذ ذاك بها، فوجدهم يصومون اليوم العاشر، سألهم: ما سبب الصيام؟ قالوا: يومٌ أنجى الله فيه موسى ومن معه، وأغرق فرعونَ ومن معه، فصامه موسى شكراً لله، فنحن نصوم، قال لهم النبي: ((نحن أحق وأولى بموسى منكم))، فصامه محمدٌ -صلى الله عليه وسلم – وأمر بصيامه، وأرسل إلى قرى الأنصار: ((من أصبح صائماً فليتمَّ صومَه، ومن أكل فليتمَّ بقيةَ يومه))، فلما افتُرض رمضان أخبرهم أن من شاء صام، ومن شاء لم يصم، لكنه رغَّبنا في صيامه، يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ما رأيت رسول الله يصوم يوماً يتحرَّى فضلَه على الأيام من هذا اليوم، يعني يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان.

*اما فضله :-

وصوم عاشوراء وإن لم يعد واجباً فهو مما ينبغي الحرص عليه غاية الحرص، وذلك لما يأتي:

1- صيامه يكفر السنة الماضية:كما ورد في صحيح مسلم الحديث سلف الذكر .

2-إصابة سنة النبي –عليه السلام- بصيامه .

* مراتب صيامه :-

صام النبي -صلى الله عليه -وسلم تسعَ سنين، صامَ عاشوراء، وفي العام الأخير قال: ((لئن عشتُ إلى قابل لأصومنَّ التاسعَ))، يعني مع العاشر، وتوفي النبي- صلى الله عليه وسلم -قبل أن يصومه، وقال لنا: ((صوموا يوماً قبله، أو يوماً بعده، خالفوا اليهود)). قال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق وآخرون: يستحب صوم التاسع والعاشر جميعا; لأن النبي -صلى الله عليه وسلم -صام العاشر, ونوى صيام التاسع. وقال بعض العلماء: ولعل السبب في صوم التاسع مع العاشر ألا يتشبه باليهود في إفراد العاشر.

وإما مراتب الصيام ليوم عاشوراء .:-

1ـ صوم التاسع والعاشر والحادي عشر.2ـ صوم التاسع والعاشر.3ـ صوم العاشر وحده.

وقال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله - : ( فإن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام، وإنما يفعل ذلك ليتيقن صوم التاسع والعاشر ).

*أما الحكمة من صيام التاسع مع العاشر:-

فهي كما قال النووي رحمه الله: ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي حِكْمَةِ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ تَاسُوعَاءَ أَوْجُهًا:

أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فِي اقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْعَاشِرِ, وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.وهو الأرجح الآراء.

الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ وَصْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصَوْمٍ, كَمَا نَهَى أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَحْدَهُ.

الثَّالِثَ: الاحْتِيَاطُ فِي صَوْمِ الْعَاشِرِ خَشْيَةَ نَقْصِ الْهِلالِ, وَوُقُوعِ غَلَطٍ فَيَكُونُ التَّاسِعُ فِي الْعَدَدِ هُوَ الْعَاشِرُ فِي نَفْسِ الأَمْرِ. انتهى

هلموا إلى عبادة الله في هذا الشهر الكريم كما يحبّ ويرضى، ووفق سنّة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، واحتسبوا وارغبوا في صيام عاشوراء رجاء أن تشملكم رحمة الله ومغفرته، وجددوا لله تعالى التوبة في كل حين. اللهم تب علينا واعف عنا وتجاوز عن خطيئاتنا , وتقبل طاعاتنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

والحمد لله رب العالمين.