الانتظار .. هل لانفراج الأزمات لدينا من سبيل ؟؟


منذ تردي الأوضاع الاقتصادية والإصلاحية في بلدنا العزيز قبل حوالي عشر سنوات ، ونحن نرى الأقلام تكتب بنهم شديد ويجتر أصحابها ويلاتنا بكل ألم ، الكل يكتب عن أسباب وتداعيات تدهور الأوضاع الاقتصادية والإصلاحية في بلدنا الأردن الحبيب ، ولكن بلا فائدة ولا نتيجة ، وكأن السياسيين والمسئولين من أصحاب القرار .. أو من يعنيهم الأمر لا يقرؤون ولا يكتبون ، وكأنهم في آذانهم وقرا.. نعم ، ما كان الأردن بائسا في يوم من الأيام .. ولا كان أكثر بؤسا منه كما هو في أيامنا هذه ، ولم يكن أردأ حالا مما هو عليه الآن ..

ما نعلمه نحن ويعلمه غيرنا من منظومة العالم العربي كله عن الأردن ، بأنه بلد شحيح الموارد .. ومن أكثر دول العالم فقرا وبطالة.. حتى أنه بات في مقدمة المنظومة العالمية لخطوط الفقر ، بل فإنه أكثر الدول الفقيرة سوءا وفقرا ، حتى أصبح أسوأ حظا من دول جنوب أفريقيا الجافة التي تفتقر لكل مقومات الحياة ..

والأردن كما هو معروف عنه ، يتميز بأرض خصبة وغنية بالموارد الطبيعية البكر والدفائن والمكنوزات ، وهي موارد لم يتم استغلالها بعد حق الاستغلال ، ولم تصل إليها بعد الأيادي الشابة المنتجة ، من أجل استغلال ثرواتها الدفينة المتنوعة في مجالات صناعية شتى ، ولا أشك أبدا بأننا وفي خضم ما وصلت إليه التكنولوجيا الحديثة من تقدم ، عدا عن قدرة الأقمار الصناعية على اكتشاف المعادن والخامات والنفط في باطن الأرض على أعماق خيالية .. فإننا صرنا نعلم عن ظروفنا أكثر من غيرنا ، والسبب هو التقصير الواضح من قبل المسئولين لدينا ، حيث بات من المهم أن يقوم بعض المسئولين والمتنفذين في هذا البلد ، وهم بطبعية الحال جماعات لا تهمهم مصلحة الأردن ولا وضعها الاقتصادي المتردي ، ولا تقدمها على ما يبدو ، ولم يكن هناك أية محاولة جادة وصادقة من أجل إنقاذ ما تبقى من مقومات الدولة التي أصبحت على كفِّ عفريت .. ولم نجد من بين مسئولينا مسئولا واحدا ، يكرس نفسه لخدمة الوطن ، وكل ما يمكنه القيام به هو أن يكون موظفا إما إمينا ، إو غير أمين .. وليس لدى الكثير منهم أي توجه صادق نحو استغلال ثروات أرضنا ، مع أنه يجب علينا أن نعد لها إعدادا جيدا بتصميم وجدّ ، لا أن نبقى نراوح مكاننا ، وننتظر فرجا قريبا من السماء .. دون أن نعمل ودون أن نهيء أنفسنا وطاقاتنا للعمل .

معالي الدكتور خالد طوقان ، هو الشخص الوحيد الذي ما زال يتبنى مشروعا جادا في سبيل الإصلاح ، وذلك بتبنيه جملة من الأهداف التي قد تؤثر إيجابا على اقتصاد الأردن ومستقبله بشكل كبير ، ومنها استخدام الطاقة النووية ، والطاقة الكامنة ، والطاقة الشمسية كبديل عن النفط الذي كان وما زال ارتفاعه عالميا ، سببا رئيسا لتدهور الاقتصاد الوطني ، وانحطاط مقومات الإصلاح لدينا ، وتقويض كل الآمال التي كان يطمح لها الشعب الأردني بعد أن غادر اللصوص والمتنفذون الذين كانوا سببا في تدمير كل مكونات الاقتصاد ، بل وكانوا سببا لانتكاسة اقتصادية لا يمكن تحملها بأكثر صورها وحالاتها التي ما زالت حتى الآن تؤثر على وضعنا الاقتصادي ، وتسوء يوما عن يوم . لقد خصص لهذا المشروع عشرات الملايين ، ولكن أين ذهبت تلك لملايين في خضم الفساد والسرقات والنهب والسلب ؟؟

الدول الخليجية الشقيقة .. تفضلت علينا قبل بضع سنوات ، ومنحت الأردن مبلغا ليس بسيطا ، منحتنا مبلغ خمسة مليارات دولار خصصت من أجل إقامة المشاريع الحيوية في الأردن ، وهذه المنحة كفيلة بأن تنشيء البنية التحتية على الأقل لمشروعات صناعية ضخمة ، قد تسهم بتحسين الأحوال المعيشية لآلاف الخريجين من الشباب المهندسين والصناعيين والمهنيين والأكاديميين على حد سواء ..

وإلى الآن ما زلنا نتابع الموضوع بشغف ، وما زلنا نسمع بأن ما تبقى من تلك المبالغ ما زال دون استغلال ، والسبب هو عدم توفر النوايا الحسنة لدى الحكومة من أجل استغلاله فعلا لتحسين المستوى الاقتصادي في الأردن ، بل لأن مصلحة الأردن ، لم تعد بنظر الكثير من المسئولين مهمة ، كما تهمهم مصالحهم الشخصية ومشاريعهم ومولاتهم وتجارتهم الخاصة .. ما ثبت لنا كأردنيين بأن هناك الكثير من المشاكل التي باتت تهدد الوضع الاقتصادي هي أولا وآخرا بسبب توجه بعض المسئولين إن لم يكن غالبيتهم ، إلاَّ من رحم ربي ، إلى استغلال كل شيء ، استغلال مناصبهم ونفوذهم وأموالهم من أجل تنمية اقتصادهم الخاص ، ولمصالحهم الشخصية فقط .. وأنا هنا أؤكد بأن المولات المنتشرة في جميع أنحاء المدن الرئيسية ، ومنها مثلا مول كبير رأيته بالأمس هو عبارة عن بناية تحتاج إلى موازنة دولة كاملة لكي تنشيء مثل هذه البناية ، ويمكنني القول بأن البناية التي رأيتها بالأمس لأول مرة ، في شارع جامعة اليرموك في اربد ، لو سخرت لبناء ناطحة سحاب لكفته ..
لكن مشاريع المولات الكبيرة التي أصبحت منتشرة ومعظمها قد تطاول بفخامتها مولات الولايات المتحدة الأمريكية .. بل وتزيد .. تجعلني أشك بأن هذه المؤسسات الاقتصادية ، قد لا يكون معني بها الشعب الأردني نفسه ، بل ربما شعوب أخرى مرتقبة ...

الشعب الأردني يعرف حجمه تماما ، ويعلم بأن إمكانياته الشرائية لا تتجاوز بضع عشرات من الدنانير .. ولكن المفارقات العجيبة بين قدرات الشعب المالية والاقتصادية، وبين ما نراه على أرض الواقع من بنايات عملاقة شاهقة واسعة لمشاريع تجارية أيضا عملاقة ، لا يمكن أن تتوافق بأي حال من الأحوال مع الإمكانيات الاقتصادية المتدنية لأكثر من سبعين بالمائة من مكونات الشعب الأردني ، قد يتولد عنها تساؤلا كبيرا وهو : من هو المعني بهذه المشاريع حقا ؟؟ ..

كان على الحكومة أن تبحث عن الصواب دائما.. وكان من المفروض أيضا أن تقوم الحكومة بتعقب تلك المتغيرات التي تطفو على السطح بغرابة فعلا ، لأن كل المتغيرات والتطورات التي تجري على الساحة الأردنية أنا من وجهة نظري على الأقل أراها توحي ولو بشيء من الشك ، إلى موضع شبهة ولا تتفق مع مقومات البلد الاقتصادية .. وعلى الحكومة إن كانت جادة في تصويب الأوضاع ، أن تقيم لها الموازين وتتساءل بكل حزم عن كل ما يجري على أرض الوطن .. لأن من غير المعقول أن تقوم مثل هذه المشاريع التجارية الضخمة (المولات) التي لا تتفق من حيث واقعها ، لا من حيث الحجم ولا من حيث الكم ولا من حيث الإمكانيات مع حالة الشعب الأردني في وضعه الاقتصادي الحالي المزري ...

حكومة عبدالله النسور ، أو أي حكومة أخرى متوقعة ، قد تخلفها في المستقبل المنظور أو غير المنظور .. يجب أن تضع بحسبانها ، بأن عليها مسئولية جسيمة تتحملها من أجل الخروج من هذه الأزمات الاقتصادية والإصلاحية .. بشتى الطرق . وأن على بعض أعضاء الحكومة المتنفذين من الوزراء والأعيان والنواب ، أولئك الذين يستغلون وظائفهم ونفوذهم خاصة ، من أجل الفائدة الشخصية فعلا ، عليهم أن يتخلوا عن هذه المبادئ البغيضة التي لا تزيد الشعب الأردني إلا فقرا ، وما تزيدهم هم إلا رخاء وغنى فاحشا ، وعليهم أن يتخلوا بالمطلق عن كل ما يمتُّ إلى الأنانية بصلة ، وعليهم عدم استغلال النفوذ والمناصب لخدمة الأغراض والمشاريع التجارية الشخصية الخاصة ..
كما أن على الحكومة ، أن تبدأ مشوار الألف ميل من هذه اللحظة ، بتخطيط سليم لمستقبل واعد ، وذلك من أجل النهوض باقتصاد هذا البلد ومحاولة إنقاذه من الحضيض ، وتخليصه من واقعه المؤلم .. كما أن عليها أن تضع رقابة صارمة على كل أداء تقوم به الوزارات والهيئات والمؤسسات ، بحيث يكون يجري الجميع في فلك واحد ، لا يتخلى عن هذا أي إنسان ..

وإذا ما بقيت الأمور على هذه الحالة ، ونبقى نعزف على نغمة الإصلاح ، ولم نفعل أي شيء بهذا الاتجاه ، فإن البلد ستبقى بتخبطها إلى أن تسقط بالكلية ، وعندها لن يكون بوسع الحكومة ولا الشعب الأردني الذي ما زال يدفع الفواتير إلى الآن ، ويتحمل وزر فساد الحكومات السابقة ، ويسدد ديونا أغرقت بلدنا نتيجة ذلك ، أن يستمر أو يدوم على هذه الحال ...

والأهم من هذه كله ، فإن على الحكومة أن تجد في مسألة استغلال كل الموارد الموجودة في تراب هذا الوطن ، واستغلال الطاقات الكامنة ، وغير الكامنة .. وتوسيع دائرة الاستغلال للطاقة الشمسية بحيث تشمل كل مناحي الحياة .. كما أن على الحكومة أن تنتبه جيدا إلى النواحي الأخرى غير الاقتصادية والإصلاحية ، أي إلى النواحي السياسية والأمنية والوضع الخطير الذي يمكن أن تتعرض له البلاد مع وتيرة تدفق اللاجئين إلى بلدنا ، على حساب الموارد المحدودة ، وهي المقدرات التي لا تكفي أصلا ، ولا تغطي متطلبات الشعب الأردني بوضعه الحالي بأي شكل من الاشكال ...
ولكن .. إن بقيت الحكومة على هذا الوضع ، فإنني على يقين تام بأنها لن تقطع من الألف ميل التي ذكرت قبل قليل ، مترا واحدا .. وستبقى بلدنا تتهاوى إلى أن تصل الحال بشعبنا إلى الهلاك لا سمح الله ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات