اللعبة القذرة .. وتغيير المسار


من السذاجة أن يؤمن عالمنا العربي ، أو يقتنعوا بمثل هذه اللعبة السياسية القذرة .. السياسة التي سببت توترا شديدا في العالم كله عامة ، وفي الشرق الأوسط خاصة ..
ولا شك بأن الساسة بأن الشرق الأوسط ، الذي أصبح حقل تجارب للويلات والحروب والنزاعات . وقد يصل إلى أذهان الشعوب البسيطة بأن ما يحدث في عالمنا العربي من أمور ، إنما مرده إلى تلك الأطماع التي يتهم الغرب دائما بأنه وراءها ..
لنعود قليلا إلى الوراء .. إلى عهد صدام حسين حيث كان العراق يشكل قلعة حصينة في وجه العدو الصهيوني ..
وبلعبة بسيطة اتفق عليها السياسيون في الشرق والغرب استطاعوا من خلالها إقناع العراق بطريقة أو بأخرى للتخلي عن أسلحته الاستراتيجية بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، فقد تم تدمير تلك الأسلحة على أيدي الجيش العراقي نفسه دحضا لاتهامات دول التحالف للعراق بامتلاكه للأسلحة الكيماوية . وإثبات أن العراق هي دولة تخلو تماما من كل أسلحة الدمار الشامل .
وحينما تأكدت دول التحالف من أن العراق يخلوا تماما من أي نوع من السلاح الخطر ، وأن العراق قد أصبح لا يشكل خطرا على غيره من الدول ، والأهم من ذلك هو أمن اسرائيل ، التي أصبحت بفعل هذه التأكيدات بمأمن من أي هجوم محتمل على أراضيها .
هناك أجمع الحلفاء في الغرب على أن العراق أصبح لغمة سائغة ويمنكن مهاجمته بسهولة دون أن يشكل أي خطر على غيره من الدول المشاركة في هذا الهجوم .. ولأن الهجوم بات ممكنا وسهلا ، ودون أن تتأثر دولة الصهاينة بتبعاته وتداعياته ..
وهكذا دمرت دولة عربية ، كانت كما أسلفت تشكل قلعة صمود ، وقوة عربية يشار لها بالبنان ، نعم لقد دمر العراق شر تدمير ، بعد أن هوجم العراق على مراحل ، وجاءوا بقيادة جديدة عميلة ، رموز جاءوا على الدبابات الأمريكية ، وهم ما زالوا إلى الآن يفعلون كل فعل مشين من أجل إبقاء العراق ضعيفا منهكا مسلوب الإرادة معزولا عن العالم بكل المقاييس .
واليوم فنحن نرى الصورة تتكرر في دولة عربية أخرى هي سوريا ، والوضع في سوريا لم يختلف أبدا ، بل هي نسخة كربونية لمأساة العراق .. لقد هددت سوريا قبل أيام بضربة عسكرية صاروخية كانت توصف على أنها مدمرة .. لكن الذي حصل ، هو أن سوريا استطاعت من خلال تهديدها باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد اسرائيل وضد دول أخرى في المنطقة ، أن تثني الولايات المتحدة عن القيام بضرب سوريا ، لأن تلك الضربة سوف يكون لها مضاعفات .. وهكذا اعتقد الرئيس السوري بأن تهديده هذا قد أتى أكله ، ولم يدر بباله وهو رئيس له مستشاروه السياسيون ، ولديه دول كبرى تؤيده وهي روسيا .. وروسيا هي ذاتها التي زودته بالسلاح الكيماوي وغيره ، وتعلم كل التفاصيل عن كل ما يمتلكه السوريون من الاسلحة والمعدات التي تعتبر من أسلحة الدمار الشامل ..
وهكذا استطاعت روسيا بالاتفاق مع أمريكا ، أن تنزع فتيل التوتر من الشرق الأوسط ، وبهذا فقد أوهمت العالم بأنها صاحبة قرار وحكمة صائبتين .. بينما قد نرى هناك حقائق أخرى ، استنبطناها بحكم تجاربنا مع السياسة الغربية القذرة ضد عالمنا العربي .. الذي لا يقيم له الغرب وزنا ولا احتراما ، ولم يكن بوسعنا تبرئة أنفسنا أمام الغرب من هذه السمات الملطخة بالذل والعار ...
لم يكن استخدام سوريا للأسلحة الكيمائية ضد شعبها عبثا ، ولم يكن اعتباطا ، ولم يأت من فراغ ، بل هو خطة محكمة وضعت من قبل أعداء سوريا ، وعلى رأسها روسيا الحليفة الرئيس لسوريا ، وروسيا التي عرفت بتخاذلها مع حليفتها العراق أمام الغزو الغربي لأراضي العراق ، ولن تكون روسيا في هذه الظروف بالذات أطهر من ذي قبل ، لكن ما حدث هو مؤامرة قذرة ، الغاية منها في ظاهرها إخافة دول الغرب ، ولكن ما في باطنها هو أعظم خطرا على سوريا نفسها ، ولا يستبعد الساسة والمفكرون والعسكريون ما ذهبت إليه من تفاصيل ، وهو أن الغاية من هذا الهجوم الكيماوي على الأبرياء ، هو لكي تؤكد للعالم أن سوريا هي دولة قوية بامتلاكها لأسلحة الدمار الشامل .. وعلى رأسها الأسلحة الكيميائية ..
ولكي تكون الضربة مدمرة وموجعة لسوريا ، ولضمان عدم وجود تبعات أخرى خطرة النتائج ، قد تؤثر على المنطقة وعلى رأسها ضمان سلامة الكيان الصهيوني .. فقد كان تأجيل الضربة شيء متفق عليه مسبقا ، مثلما اتفق على إيجاد تهديد بالضربة ، ولكن بعد أن تصبح كل الظروف مواتية لهذه الضربة .. وهو تدمير السلاح الكيماوي والصواريخ البالستية والأسلحة غير التقليدية التي اشترتها سوريا من روسيا الإجرامية التي لم تكن يوما نيتها حسنة في تعاملها مع حلفائها ، والتجارب العربية مع روسيا حافلة بالخيانات والغدر ..
وهكذا أوجدت روسيا لنفسها دورا رئيسا في هذه التوترات ، وأصبحت وصية على مقدرات روسيا العسكرية ، وكل الدنيا يعلم بأنها دولة لا تصلح أن تكون وصيا على شيء ، ولكنها مع ذلك قد تستفيد كثيرا من هذا الدور، وقد تحاول خداع سوريا وخداع العالم بمؤامرات أخرى أكثر خطرا على العالم ، نعم .. لقد نصبت روسيا من نفسها مرات عدة مراقبا على مصالح حلفائها في العالم العربي الساذج .. فِأوصلته إلى الحضيض .. وسحقت كل رموزه الوطنية بمؤامراتها وتخاذلها وتعاملها المطلق مع مخابرات الغرب ..
روسيا لن تستطيع إنكار علاقاتها الوطيدة مع إسرائيل ، بل فأنها لم يسبق لها أن زودت أي دولة عربية بأي سلاح غير تقليدي قد يشكل خطرا على إسرائيل ، إلا بإذن من إسرائيل نفسها ، وبوعود وضمانات مؤكدة بأنها لن تسمح لزبائنها في العالم العربي باستخدام هذا السلاح ضد إسرائيل مباشرة ، ولهذا .. فقد رأينا كيف تعاملت روسيا مع صدام حسين حينما قام باطلاق بضعة صواريخ من طراز سكود على اسرائيل .. وحينما تخلت عن مساعدته بإتمام مشروعه النووي ، وسحبت جميع خبرائها من العراق ..وتخلت عن صدام الحليف العظيم في أدق وأخطر الساعات ..
وحينما استمعت سوريا إلى نصيحة روسيا باستخدام السلاح الكيميائي ضد شعبها ، لم تدرك تماما الهدف من هذه النصيحة التي تعتبر هي المقتل بالنسبة لسياسة بشار الأسد ، فضربت عصفورين بحجر ، الأول هو التأكدي للغرب بأن بشار يمتلك أسلحة فتاكة وخطرة غير تقليدية ، ومن جهة أخرى فإن لطالما استخدمها ضد شعبه ، فما يمنعه من استخدامها ضد أي شعب آخر وعلى رأسها اسرائيل ؟
من هنا جاء استخدام السلاح الكيميائي على الشعب السوري الأعزل .. وقتل حوالي ألف وأربعمائة شخص معظمهم من الأطفال خلال نداء المؤذن لصلاة الفجر .. وهذا بحد ذاته فقد شكل لبشار قضية سلبية على النظام بأكمله .. وربما جاء استخدام السلاح الكيمائي بهذه الطريقة وبنصيحة روسية كانت مؤامرة مدروسة بإحكام ، ولها أبعادها ومبرراتها من حيث الاستراتيجية العسكرية الروسية وهي تتعاون مع الغرب . لقد كان الهجوم كما أسلفت رسالة تحذير بطريقة أو بأخرى لحليفتها اسرائيل ، بأنها إن حاولت المضي بتشجيع حليفتها أمريكا على ضرب سوريا .. فإنها ستواجه هي أيضا مخاطر استخدام هذا السلاح في حالة نشوب تلك الحرب بمهاجمة سوريا .. وسيكون مصير شعبها هو نفس مصير الشعب السوري الأعزل ..
لقد كان خطر المواجهة مع أمريكا بضربة صاروخية مقلقا للنظام .. السوري ولا شك ، وقد بدأ بإطلاق التهديدات الجادة بالرد على الضربة بمهاجمة أهداف كثيرة في الشرق الأوسط ومنها إسرائيل ، وتأكد فعلا لأمريكا حينما كشفت سوريا عن النوايا باستخدام تلك الأسلحة لكل الاتجاهات .. مما حدا بروسيا وعلى حين غفلة أن تتقدم باقتراحها التآمري بنفس الطريقة والصور المماثلة التي تمت في العراق قبل بدء الغزو الأممي للعراق .. وبذلك أرجأوا الهجوم إلى بعيد تجريد العراق من جميع الأسلحة الفتاكة وأسلحة الدمار الشامل .. التي كانت تشكل خطرا كبيرا من منظور الكثير من المحللين العسكريين على دول الجوار المؤيدة للتحالف الغربي ، وعلى سلامة وأمن إسرائيل بالذات ..
وبعد أن أفرغ البرادعي الأرض العراقية من السلاح الخطر ، أعطى الضوء الأخضر لقوات التحالف ببدء الهجوم ، وتم ذلك في جنح الظلام بما سمي في وقته بعاصفة الصحراء ، حيث تم مهاجمة العراق وتدمير قواته العسكرية تدميرا شبه كامل ، مما اضطر صدام حسين إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات ، وأرسل ممثليه ليجلسوا مع شوارز كوف وخالد بن سلطان قائد قوات التحالف في خيمة على الحدود الكويتية بصغار لم يعهد مثله ، بتاريخ العسكرية لا الهمجية ولا المتحضرة في تاريخنا القديم والحديث ..
واليوم اطمأنت سوريا إلى تحكيم الروس وغدرهم وتآمرهم ، وعندما تفرغ خزائن بشار من كل أشكال الأسلحة التي تشكل خطرا على إسرائيل ، فسوف تضرب سوريا ضربا مبرحا ، وسيخرج بشار من مخبئه ، إما مهزوما لا يلوي على شيء ، وإما جثة وأشلاء محروقة ..
ومن وجهة نظري ، فأنا لا أريد مزيدا من الدماء .. ولا مزيدا من الأشلاء ، ولا مزيدا من الدمار لسوريا المدمرة ، ولا أريد لبشار أن يستمر في الحكم ، ولا أريد للثوار أن يتولوا الحكم في سوريا ، إن كانوا على شاكلة غيرهم من ثوار الربيع العربي ، ولكني أريد دولة معتدلة في سوريا تقوم على أنقاض حكومة العسكر المستبدة التي ربضت على صدور الأحرار في بلد الأحرار لأكثر من ثلاث وأربعين عاما .
ولشد ما أعجبني ما نصه : طالبت الحكومة الاسترالية "بمعاملة إنسانية " للخراف التي يتم تصديرها من استراليا إلى المملكة والالتزام بحسن معاملتها والتقيد بالتفاهمات الموقعة التي تتعلق بسلامة الحيوانات الحية قبل وبعد وصولها إلى أراضي المملكة.
يجب أن يقوم القانون والنظام الانتخابي ونظام الحكم على العدل والمساواة ، وعلى الشعب أن يختار الحاكم بعد انقضاء فترة ولايته ، كلما انقضت تلك الفترة وعدم السماح لأي حاكم عربي بتجاوز صلاحياته أو مدة حكمه وهو أربع سنوات ، وأن لا يحوج الشعب أن يقوم بعمليات انقلاب دموية للتخلص من سوء فعاله وسوء حكمه ، لأن تجاربنا مع الحكام العرب مليئة بالدموية وبالأحداث والمآسي والاعتقالات والأحكام العرفية والإعدامات والهجوم على الشعب بأشد أنواع الأسلحة كما حصل في سوريا مؤخرا ، وكما حصل في شمال العراق على الشعب الكردي البطل أهل صلاح الدين الأيوبي ..
والله من وراء القصد ...



تعليقات القراء

محمد محسن
تحليل جميل هادف بناء
شكرا
كلنا يعرف ان الشرق والغرب يبحث عن مصالحه وهذا ما يهمه وما يحارب من اجله
16-09-2013 11:10 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات