الولاء الوطني لهذا البلد الحبيب


إن الولاء الوطني لهذا البلد الحبيب، لهذه الأرض الطيبة التي يقول الله سبحانه وتعالى (بلدة طيبة ورب غفور)، فإذا تكاتفت الجهود سيمضي الوطن -إن شاء الله- الى مستقبل زاهر. فعلينا أن نتحلى بمسؤولية بناء الوطن فهو ملك للجميع وعلينا أن نعطيه جهداً كبيراً مثلما أعطانا الثقة وحملنا المسؤولية وعلينا أن نرتقي بالوطن مثلما ارتقى بنا الى العلياء.

إن وطني الذي يرفرف على ربوعه علم المملكة الأردنية الهاشمية هو المولود العظيم الذي يستقبله شعبنا بالاستبشار والفرح فلنعطيه كل الولاء والمحبة والإخلاص.

ان بلادنا بلد السلام وستظل تنشد السلام والأمن والاستقرار بفضل أهلها الشرفاء.

والمشاعر الوطنية شعور نبيل يرتقي بالانسان الى الرفعة والعلو والسؤدد وحب الله والناس أجمعين وفي هذا السياق نرى الفطرة قد غرست فينا حب الوطن.

فطر الإنسان على حب الوطن وذلك لأنه ولد فيه فكانت الأرض ملعب طفولته ومدرج صباه ومراحل شبابه وكلما أنتقل من مرحلة الى مرحلة أخرى من المراحل تنامى الحب وقوّيت العلاقة إذا أصبحت مستودع الذكريات ومستقر الأهل والأحباب والأتراب. والإنسان في كل عصر لايفارقه هذا الشعور ولايزائله هذا الاحساس لأن ارتباطه بوطنه يجري في عروقه مجرى الدم، أنه الأب والأم والخال والعم، والاخ والاخت والاصحاب والرفيق.. يقول الأصمعي سمعت أعرابياً يقول «إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه الى أوطانه وتشوقه الى أخوانه وبكائه على مامضى من زمانه».

وهذا أحمد شوقي يبالغ في التعبير عن مشاعر الوطنية وهو في منفاه في الأندلس فيقول:

وطني لو شغلت بالخلد عنه .. نازعتني اليه في الخلد نفسي.

انه الشعور الوطني فطرة إنسانية وهو شعور بناء وباعث من بواعث الحضارة والعمران ويؤسس في النفس سلوكية كريمة هي الوفاء.

فماذا عن الاسلام وعن هذه المشاعر الوطنية أيدعمها ويزكيها أم يتصدى لها ويوقف تأثيرها؟

والجواب : إن شأن الانسان معه كشأنه مع غرائز الانسان ونوازعه أعني التسامي بها وتوظيفها توظيفاً كريماً يخدم المقاصد العامة للشريعة بحيث لاتتعارض مع ما أرساه الاسلام من قيم وفضائل وفي مقدمتها إخلاص العبودية لله وحده.

وكانت مكة أحب البلاد الى الله وماوجدت على أرض العرب قوماً حُببت اليهم أوطانهم بالصورة التي ربطت قريشاً بمكة والبيت الحرام ولذا كانت هجرة المهاجرين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة لوناً من التضحية البالغة يؤهلهم لعفو الله ورحمته وينزلهم منازل الرضا والمثوبة عنده، لأنهم ضحوا وتركوا أموالهم وديارهم يقول الله تعالى «إن الذين امنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم» (البقرة:218)، ومع يقين المؤمنين والمهاجرين مع رسول الله بمكانتهم التي نالوها بهجرتهم لم يبرح قلوبهم الشوق الى الوطن فتذكروا الصفا والحجون، واشتاقوا الى «شامة» وطفيل «والأزخر» والجليل.

حتى ان المهاجرين من مكة داهمتهم حمى يثرب فنالت من قواهم وأشتد بهم الوهن..

وتأثر النبي صلى الله عليه وسلم بما نالهم، ولم ينتقد هذا الشعور الوطني الذي خالجهم وإنما قال صلوات ربي وسلامه عليه: «اللهم طيب لنا المدينة كما طيبت لنا مكة، اللهم بارك لنا في صاعها ومدها» وعاش المهاجرون والأنصار ينعمون ببركة هذا الدعاء.

وقدوتنا في الشعور بالوطنية رسولنا صلى الله عليه وسلم عندما عزم على الهجرة فاض قلبه الكريم بهذا الشعور الوطني المتدفق .. قال ووجهه الى البيت الحرام والله إني لأعلم إنك أحب بلاد الله الى الله ولولا أن اهلك أخرجوني منك ماخرجت، وإذا بربنا تبارك وتعالى يطمئن حبيبه فيقول له «أن الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاد» القصص.

وكان أسعد خبر عند المهاجرين أن ذكر لهم النبي عليه الصلاة والسلام رؤياه التي سجلها القرآن الكريم بقول الله تعالى « لقد صدق الله ورسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لاتخافون فعلم مالم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً»(الفتح:27).

فسارعوا ملبين نداء العمرة إنها العودة الى الوطن الحبيب والبيت الحرام وصدق من قال:

بلادي وان جارت عليّ عزيزة.

وأهلي وان بخلوا عليّ كرام.

إن الشعور بالوطنية والتعلق بالوطن والوفاء له والانتماء الصادق الى محبة الوطن وصدق الانتماء اليه وهذا يجعل الناس يدافعون عنه وينتصرون له .. ويضحون بالنفس والغالي والنفيس في سبيله وتكون خيانته والتفريط في حقه في الأمن والاستقرار من الخيانة العظمى وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول «إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع».

حماية الوطن مسؤولية

كل مؤمن صادق الإيمان يجب ان يكون وفياً لترابه وان يصونه من كل غائلة ومن كل ترويع واضطراب فلا ايمان لمن لا امانة له ولا دين لمن لا إعتدال له ، سمات المؤمن أن يأمنه الناس على أموالهم واعراضهم ودمائهم بل يكون اسمه نجدة للمكروبين والمفزوعين ويكون جواره الأمن والأمان فهذا المعتصم تستغيث به امرأة في عمورية أسرها الروم على الحدود فنادت المرأة وامعتصماه واذا بالمعتصم يسرع في نجدة المرأة من أسرها ويفرج كربها.

نعم أيها الاخوة إن حماية الأموال والاعراض والانفس مسؤوليتنا جميعاً لاستبقاء الامن والسلام للوطن والأوطان.

بل جعل الاسلام الدفاع عن الأوطان بما فيها من أمال واعراض شهادة في سبيل الله يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد) رواه أبو داود.

وحماية الوطن تكون بكل الوسائل

باللسان، والقلم، والفكر، باليد، وبالنفس، وكل هذه الوسائل لها ضوابط شرعية ومنها تقديم مصلحة الدين والوطن على المصالح الشخصية.

والجهاد باللسان: يكون بالدعوة الى الله وتبصير الناس بمكانة الوطن والحرص على أمنه والدفاع عنه بكل الطرق عند اعتداء المعتدين وباللسان تجاهد بعدم ترويج الشائعات وعدم تصديقها وان تقول كل كلمة تكون فيها مصلحة للدين والوطن.

وتذود عنه بالفكر:

والقلم إن تكتب كل ما فيه مصلحة للدين والوطن وان تكتب عمن يؤججون النار ويشعلون نار الفتنة ويصبون الزيت على النار وينسون ان هذا فيه إزهاق للروح البريئة وفيه زعزعة للأمن والاستقرار فليتقوا الله ويعودوا الى رشدهم ويتركوا الصيد في الماء العكر.. ويضعوا مصلحة الدين والوطن في المقدمة.

وزد على ذلك ان من حكمة الله عز وجل ان جعل الاتحاد بين المسلمين هو الأساس المتين الذي بني عليه الاسلام فهؤلاء المسلمون في كل يوم خمس مرات يقفون صفاً واحداً لافرق بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح.

ولكي تقوى هذه الاخوة وهذه الوحدة جعل الله الحج مرة في العام ليأتي اليه المسلمون من كل أقطار الأرض مرة كل عام.

والمجاهد الحق: هو الذي يسمع كلام ربه وكلام نبيه وكلام ولي أمره ويعلم أنه في مهمة دينية ووطنية لأن الولاء للوطن تضحية وخدمة قبل كل شيء فهو مصدر واجبات وفروض ومن هذه الواجبات كما اسلفنا الدفاع عنه ساعة يدق النفير والذود عن كل شبر من أرضه تجاه المعتدين ومنها تطبيق الأنظمة والقوانين بروح الاقتناع.

حمى الله الأردن من كل مكروة ومن ثم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم والشعب الأردني.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات