لماذا يتم توقيف التأمين الصحي للمتقاعد العسكري ؟


لو لم تجد عدلاً في محكمة الدنيا فارفع ملفك لمحكمة الآخرة فالشهود ملائكة والقاضي أحكم الحاكمين .

تحية إكبار وإجلال إلى كافة مرتبات الدفاع المدني وتحية إكبار وإجلال إلى كافة مرتبات الأمن العام وشرطة النجدة ومركز أمن زهران لجهودهم الجبارة في المساعدة بإنقاذ حياة ضابط متقاعد تعرض إلى حادث سير كاد يودي بحياته.

أنا لا أريد أن أناقش هنا موضوع معظم المستشفيات الخاصة التي فتحت أبوابها إلى الأخوة العرب ضحايا ثورات الربيع العربي من أجل ربح رخيص ورفضت إدخال أي مريض أردني بإستثناء مستشفى الخالدي الذي أبقى أبوابه مشرعة مفتوحة لكل المرضى الأردنيين . علما بأن من واجب وزراة الصحة في الأردن أن تصدر تعليماتها وتفرض على هذه المستشفيات أن تُبقي ما لا يقل نسبته عن 10% من أسرة المستشفيات الخاصة من أجل المرضى الأردنيين .

وإنما أريد أن أتحدث عن مدينة الحسين الطبية هذا الصرح الأردني الشامخ الذي كان قمة في التقدم في كل مجالات الطب بدءاً بكل ما يتعلق بالقلب والكلى وجراحة الدماغ والأعصاب والعظام والعيون .

لقد تم إنشاء مدينة الحسين الطبية من أجل معالجة القوات المسلحة الأردنية وعائلاتهم وكافة المتقاعدين العسكريين . واليوم وقد تم فتح أبواب المدينة الطبية إلى كل المراجعين من الدول الشقيقة فإنه ليس من المعقول أن يتمكن الطبيب من معالجة مئات المراجعين في اليوم الواحد ولا يعقل أن تتسع أسرة المستشفى إلى آلاف المرضى . وأصبح من الصعب جداً على المتقاعد العسكري أن يجد سريراً في المدينة الطبية .

إن مدينة الحسين تختلف اختلافا كليا عن المستشفيات الخاصة والهدف الرئيس من بنائها كما أسلفنا تقديم الخدمات الطبية إلى القوات المسلحة وعائلاتهم وإلى المتقاعدين العسكريين وليس من أجل تحقيق أي ربح مادي كما هو حاصل اليوم عن طريق معالجة الأخوة المرضى من الدول العربية وتفضيلهم على المتقاعدين العسكريين الذي أفنوا سنوات عمرهم في خدمة الأردن الوطن الأغلى وإن حصول المتقاعدين العسكريين على التأمين الصحي ليس منة من أحد وإنما هو حقهم كما أنه يتم اقتطاع اشتراك شهري من راتب كل متقاعد عسكري .

هناك نص حرفي لكل قانون يقابله في الجانب الآخر ما تعارف على تسميته بروح القانون . ولكن حين يتعارض هذا النص مع حق الإنسان في الحفاظ على حياته فلا بد لنا من أن نعيد النظر بهذا القانون .

إن المتقاعد العسكري يفقد حقه في التأمين الصحي وفي العلاج حين يتعرض إلى حادث سير .

وسؤالي هنا هل هناك وقت أشد حرجا وأكثر حاجة إلى العلاج من الوقت الذي يتعرض فيه المتقاعد العسكري إلى حادث سير يكاد يودي بحياته وهل هناك مجال للمفاضلة بين تغطية تكلفة العلاج وبين إنقاذ حياة متقاعد عسكري يصارع من أجل البقاء على الحياة .

إن من المفروض أن يحتفظ المتقاعد العسكري بتأمينه الصحي في كل الأوقات وفي كل الظروف ولا يجوز تحت أي حال من الأحوال سلبه حقه في الحصول على كل حقوقه كاملة غير منقوصة بكل الوسائل والسبل من أجل إسعافه وإنقاذه في حال تعرضه إلى حادث سير أو أي حادث في كل الأوقات وفي كل الأحيان.

تجربة مؤلمة قاسية ومريرة :

بعد تناول طعام الإفطار في مساء الأربعاء الموافق 17/7/2013 كنت أقود سيارتي في شارع الملكة زين متوجها من منطقة عبدون بإتجاه المنطقة الصناعية في بياد وادي السير وكانت معظم أعمدة الكهرباء مطفأة لترشيد استهلاك الكهرباء . وفجأة قفز أمامي شخص يريد أن يقطع الطريق بإتجاه السفارة الأمريكية وضغطتُ على فرامل سيارتي وحاولتُ تجنب وتفادي صدم هذا الشخص ولكنني لم أتمكن من ذلك وللمرة الأولى في حياتي بعد حصولي على رخصة قيادة السيارة عام 1969 أقوم بصدم إنسان وأتسبب في إصابة إنسان وأوقفتُ السيارة ونزلتُ ونظرت إلى شخص يرتدي ملابس خاصة بشركة أمن وحماية ورأيت الدماء تسيل من رأسه ورفعتُ عيني إلى السماء وبأعلى صوتي صرخت " يا ربي أنقذ حياة هذا الإنسان ".

واتصلتُ فوراً بالدفاع المدني وبالأمن العام وركعتُ بجانبه وسألته عن إسمه وأخبرني عن إسمه وأنه في طريقه للإلتحاق بعمله وأخبرني أنه ضابط متقاعد وهو يعمل الآن في شركة أمن وحماية خاصة لحراسة السفارة الأمريكية . وتجمهر الناس من حولي ولقد طلبتُ من أحد الشباب النشامى الذين فزعوا لمكان الحادث الإستمرار في طلب سيارة الإسعاف وشرطة النجدة . كما قام أحدهم مشكورا بإحضار زجاجة ماء غسل بها وجه الرجل المصاب وحضر بعض أصدقائه من حرس السفارة وكان ولحسن الحظ واحد منهم متقاعداً عسكرياً بمهنة ممرض أمسك برأس زميله ووضعه على صدره وضغط بأصابعه على مكان النزيف ونظرتُ إلى السماء من جديد ورددتُ من خلال الدموع دعائي "يا ربي أنقذ حياة هذا الإنسان " .

وقامت شرطة النجدة بتنظيم عملية السير وما هي إلا دقائق حتى وصلت سيارة الإسعاف من الدفاع المدني وتم نقل المصاب بكل حرفية وكفاءة إلى قسم الطوارىء في مدينة الحسين الطبية هذا الصرح الشامخ الذي قام ببنائه المغفور له الملك الحسين رحمه الله كي يكون موطنا ومحجا لكل القوات المسلحة وعائلاتهم وتحول مع الأيام ليكون موئلا لكل مرضى الوطن العربي .

وتم اصطحابي إلى مركز أمن زهران وتم أخذ إفادتي وحضر الأصدقاء والأهل وطلبتُ منهم التوجه فورا إلى المدينة الطبية والعمل على الإتصال بعائلة المصاب .

ولقد اتصل بي إبني وأخبرني أن المسؤول في قسم الطوارىء في مدينة الحسين الطبية يريد شهادة إنهاء الخدمة العسكرية أي بطاقة إحالتي على التقاعد ورقمي العسكري ولقد أرسلت البطاقة بالإضافة إلى بطاقة الأحوال المدنية . وبقيتُ على إتصال دائم مع الأصدقاء ومع أهل المصاب ولقد أصريتُ أن يتم إتخاذ كل الإجراءات اللازمة والعمل على تصويره بالرنين الغناطيسي وكل أنواع التصوير الطبقي اللازمة . وحال الإنتهاء من أخذ إفادتي في المركز الأمني والإنتهاء من أخذ إفادة الشخص المصاب في مدينة الحسين الطبية قمتُ بالتوجه فوراً أنا وأصدقائي إلى قسم الطوارىء وقمتُ بزيارة الشخص المصاب ولقد ملأت الدموع عيوني وأنا أطمئن عليه وهو بين أهله وعائلته وأبنائه . ولم ألق منهم غير الشهامة والأخوة والعفو والمغفرة وهي من صفات الأردنين النشامى .

ولقد قمتُ بالتوقيع على شيك تأمين مفتوح وتعهد بدفع كافة نفقات العلاج في قسم المحاسبة لأن المتقاعد العسكري يفقد حقه في التأمين الصحي في حال تعرضه إلى حادث سير .

والواقع أنني أسأل خبراء القانون وخبراء الدستور كيف يتم فقدان المتقاعد العسكري لحقه في التأمين الصحي هذا الحق المكتسب في كل الأوقات وفي كل الحالات والذي اكتسبه بعد خدمة سنوات طويلة مشرفة أهلته للحصول على التأمين الصحي بكل جدارة واستحقاق . لا سيما إذا كانت حياته معرضة للخطر . وتركه تحت رحمة شركات التأمين ونحن جميعاً نعرف قصة شركات التأمين وكيف تم فرض شتى أنواع التأمين ورفع قيمة التأمين دونما وجه حق من أجل أن يستفيد رئيس وزراء سابق . وأؤكد لكم بأن قطرة دم متقاعد عسكري تساوي كل أموال الدنيا وخزائنها .

إن من حق كل متقاعد عسكري أن يدخل مستشفى المدينة الطبية بكل كرامة وأن يتم تأمين سرير لمعالجته قبل أي إنسان آخر لأن هذه المدينة قد بنيت أصلا من أجل مرتبات القوات المسلحة وعائلاتهم وتأمين الرعاية الصحية لهم . كما أن الهدف من بناء مدينة الحسين الطبية ليس من أجل الربح المادي كما هو حاصل اليوم حيث يتم تفضيل المرضى من الجنسيات المختلفة على أبناء القوات المسلحة لأن المرضى العرب يدفعون المال من أجل العلاج ولا أعلم هل يتناول أطباء المدينة الطبية نسبة من هذا المال أم لا ؟؟ . ونسي المسؤولون أن المتقاعد العسكري الأردني قد اكتسب التأمين الصحي بدمه وخدمته المشرفة الطويلة وهو يدافع عن ثرى هذا البلد الطهور. ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتم تفضيل الأخوة العرب عليهم فالمتقاعدون العسكريون ورجال القوات المسلحة العاملون هم الأصل وهم الأساس .

ونحن نطالب بتقليص معالجة الأخوة العرب وتخصيص نسبة معينة لهم بحيث لا يتأثر المتقاعدون العسكريون في حقهم بالحصول على نوعية ممتازة من العلاج . وإنها والله لجريمة إنسانية أن يتم منع أي فرد من المتقاعدين العسكريين من الدخول إلى مدينة الحسين الطبية بحجة أن المدينة الطبية ملأى بالمرضى العرب . ويزيد الطين بلة أن المتقاعد العسكري يفقد حقه في التأمين الصحي في حال تعرضه إلى إصابة ناجمة عن حادث سير.

وتكمن الخطورة هنا بحق المتقاعد العسكري أولا في حال تعرضه إلى إصابة من سائق سيارة هرب بسيارته من موقع الحادث وترك الشخص المصاب في مكان الحادث .

وثانيا ما هو الوضع القانوني لهذا المتقاعد العسكري في حال تعرضه للإصابة من قبل سائق غير حائز على رخصة قيادة أو كانت رخصة قيادته ملغاة بصورة دائمة أو معلقة لمدة يُمنع على السائق القيادة خلالها. أو في حال وقوع السائق تحت تأثير مسكر بنسبة تزيد على الحد المسموح به أو في حال تعاطي السائق لمادة مخدرة .

وثالثا ما هو مصير المتقاعد العسكري إذا تعرض للإصابة بسبب استعمال المركبة في غير الأغراض المرخصة لأجلها أو إذا تم استعمال المركبة في تعليم قيادة المركبات ولم تكن المركبة مرخصة لهذه الغاية .
ورابعا ما هو مصير المتقاعد العسكري إذا كان الحادث متعمداً من قبل سائق المركبة المتسببة بالحادث أو إذا تعرض المتقاعد العسكري إلى حادث من قبل سيارة مسروقة .

في كل هذه الحالات يفقد المتقاعد العسكري حقه في التأمين الصحي ويفقد حقه في إجبار شركات التأمين في دفع نفقات العلاج المترتبة عن الحادث . ويكون المتقاعد العسكري هو الضحية.

إن هذا المتقاعد العسكري الذي تعرض إلى حادث السير هو ضابط سابق من سلاح الدروع الملكي وإن راتبه التقاعدي لا يكفيه متطلبات الحياة وأعباء الأبناء والعيش بكرامة ورجولة مما اضطره إلى البحث عن مصدر رزق آخر وعمل جديد فوجد مصدر الرزق في شركة أمن وحماية في محيط السفارة الأمريكية .

وإنني اليوم وأنا أكتب كلماتي هذه مقرونة بالدعاء إلى الله العلي القدير أن يحفظ هذا الرجل وأن يعيد عليه صحته وعافيته ويبقيه ذخرا وسندا لأهله وعشيرته ووطنه فهو صورة حية للكثيرين من أبناء القوات المسلحة الشرفاء الأمناء .

فإنني أتوجه إلى أصحاب القرار وإلى نواب الأمة المحترمين أن يطالبوا بإعادة النظر في نظام التأمين الجائر الذي يحرم المتقاعدين العسكريين من حقهم في التأمين الصحي لدى تعرضهم للإصابة من جراء حوادث السير.



تعليقات القراء

متابع
جميع المتقاعدين العسكريين القدماء ومن رتبة عقيد وحتى جندي رواتبهم ضئيلة جدا مقدم متقاعد كان قائد كتيبه راتبه 500 دينار وعنده اثنان في الجامعه كيف يعيش انه يقوم بعمل واسطات ليكون حارسا في شركة حمايه ’ حسبي الله ونعم الوكيل ومقدم يتقاعد اليوم راتبه فوق ال 800 دينار للاسف الكل يتنصل من خدمة المتقاعدين العسكريين سيدنا امر اكثر من مره بمساوات رواتب المتقاعدين القديمين مع الجدد ولكن لا حياة لمن تنادي لأن اولاد المسؤولين واخوانهم غير عسكريين وكأن العسكري المتقاعد كانت خدماته كلها ضد البلد ونقول حسبنا الله ونعم الوكيل
20-07-2013 04:15 PM
من هالقوم
ضابط متقاعد متوسط العمر باول الخمسينيات مصاب بمرض دواءه مكلف باكثر من 1200 دينار قيمة اكمن حبة دواء ولا يباع بالصيدليات وينتظر من شهرين الدواء ممكن الله ياخذ وداعته ولم يحضروا له الدواء وادوية كثيرة يكتبها الاطباء لا توجد بصيدلية المدينة الطبية وتصرف بالواسطة الضمير مات عند بعض الناس مصابين بالسرطان لا يوجد اماكن لهم ولا دواء مرات خليها على الله ناس نايمة ما في عدالة
20-07-2013 08:17 PM
فوزي حداد
أرجو اعادة النظر في هذا القانون لانه ظالم المتقاعد كما وأرجو اعادة النظر لرواتب المتقاعدين الذين تقاعدوا في الثمانينات وما قبل
24-11-2018 06:55 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات