خـرابـيــش بـال ..


يا لها من دنيا غريبة وعقول غريبة!! هل أسخر من نفسي أم أجعل نفسي تسخر مني؟! الموضوع بمجمله يصلح أن يكتبه كاتب ساخر في مسرحية ساخرة, لقد كنت ألتهم كتبي بشغف تلك التي تعطى لنا في المدارس والجامعات ويتم في نهاية كل عام او كل فصل امتحاننا بما ورد فيها.

بدلا من أن يمر علينا الزمن نمر نحن عليه, وبدلاً من أن يدور بنا ندور نحن به, في خضم هذه الاحداث التي تمر بوطني, وفي ظل جميع التصريحات من المسؤولين سواء تلك المتعلقه بالشؤون الداخلية او الشؤون الخارجية, تلك التي تتعلق بالحلول المستخلصه للخروج من الأزمات واهمها الاقتصادية وتختلف تلك عن المتعلقه بالاصلاحية, يتوه مني كل ما كانت تحمله تلك الكتب التي كانت تحوي كما يقول "علماً", وبدأت أشك حقاً فيما إن كنا ندرس أساطير أم شيء آخر, واستحضرتني هذه الأسطورة.

تروي أسطورة هندية قديمة أنه كان هناك ملك ثري جدا لا تنفد أمواله, وفي يوم أعلن هذا الملك لشعبه "من يروي لي حكاية تجبرني على أن أقول له أنت كاذب, سوف أهبه نصف ملكي, وسأجعل من حكيم المملكة حكماً يقضي بيننا".

في اليوم الأول زار القصر تاجر من الشعب وقال للملك: دام عزك يا مولاي, أنت تعلم أنني من عائلة الصادقين, نقول الصدق ولا نكذب أبداً, وقد ترك لي والدي عصا غريبة جداً, هي أطول عصا عرفها البشر لدرجة أن والدي عليه رحمة الله كان يرفعها في السماء فيحرك بها النجوم, فرد عليه الملك: لا أيها التاجر الصادق, هذه ليست العصا الأطول, فوالدي كان لديه عصا يرفعها إلى السماء فيشعل طرفها من الشمس..!! , وبعد أن سمع حكيم المملكة الحوار قال: لقد عجزت ايها الرجل من أن تجعل الملك يقول لك أنت كاذب, لذلك انت من الخاسرين, فخرج الرجل مخلفا وراءه خيبة الأمل. وفي اليوم التالي زار القصر خياط وقال للملك: المعذره يا مولاي كما تعلمون أن البارحة هطلت الأمطار غزيرة واشتدت لدرجة أن السماء تشققت فقمت بخياطتها. فرد الملك: خير ما فعلت, لكنك لم تحسن الخياطة فصباح اليوم هطلت زخات خفيفه من المطر. وسمع الحكيم الحوار وقال له ذات الرد الذي رد به على التاجر.

وحده الذي كان يملك الحقيقة رجل عجوز صادق, ظل عمره يبحث عن حق له سلبه الملك, فقد كان يحفر في أرض له منذ زمن وعثر على جرة ذهب, وعندما سمع بخبرها الملك سلبها منه, لم يتوان الفقير في البحث عن حقة المسلوب لكن قضاة المملكة كانوا يرفضون قضيته, ومرت السنوات إلى أن قرر هذا الرجل أن يذهب إلى قصر الملك كي يطالبه بحقه, وحين دخل على الملك قال له الملك: وأنت يا رجل ماذا تريد؟ فقال الرجل: انت مدين لي بجرة من الذهب وجئت لآخذها. فاستغرب الملك ورد على الفور: أنت كاذب لست مديناً لك بشيء. فقال حكيم المملكة: بما أنك قلت له كاذب فقد صارت نصف المملكة له, فتذكر الملك وعده وعدل عن قوله وقال: لا إنه صادق, فقال الحكيم: إذن فأعطه جرة الذهب, فخرج القروي وهو يحمل جرة الذهب وقد أصيب الملك بخيبة الأمل!.

انتهت الأسطورة وتلاشت الصورة وما زال المسؤولون يكذبون ويتلونون بالاحكام والقرارات ويتمايلون ويتأرجحون كما راقصي الحبل. دقات القلب تطرق باب العقل, الأمر معلق بين وطني وبين نفسي, وكرامة نفسي لا تتنافى مع ولائي وانتمائي, كرامتي لا تنهي وطنيتي بلا تعززها, انما التخبط في التصريحات والتلاطم كما الامواج يخرج الحرف عن الصمت, أما كفانا لعباً وتزيفيا؟ في حين أن وزير خارجيتنا بارك للشعب المصري بانجازه الانقلابي على الانقلاب, يتهاطلون علينا بالتحليلات والواجبات والضرورات والمستلزمات من الفرضيات لانقاذ الوطن من مديونيته, تاره برفع اسعار المشتقات, ورفع أسعار الكهرباء وثم رفع معدلات الضرائب, وينكرون ويستنكرون للحقائق والمنطق بالزركشه بألوان لا تروق لها العين لشدة تنافرها في سبيل تمرير قرارات حكيت ونسجت وخيطت دون أدنى تفكير منطقي.

لست ذات بال مشحون تجاه ذاك القرار برفع الضرائب على أسعار المكالمات أو بطاقات الشحن أو حتى الأجهزة الخلوية, لكن هل يعقل عوضاً عن أن تدفع الشركات ذاتها الضريبة "ذات الربيحه العالية والعالية جدا" أن ندفعها نحن عوضاً عنها؟ هل غابت عنك ضرائب الأرباح؟ وهل يعقل عزيزي "صاحب القرارات البنفتحية" – كون هذا اللون بالذات لا يمكن ان تجد لها تدليل – أن جيب علم الاقتصاد برمته عجز عن أن يعطيك حلول أخرى تشفي بها غليل الخزينه المتهالكة؟

سأخبرك كما أقول دائماً "هل يمكن أن تدفعوا زكاة أموالكم ولنرى هل سيغني هذا الخزينه ولو إلى حين؟؟"


"ليس لي منفى ,, لأقول لي وطن" ,, محمود درويش



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات