بين حرية الرأي ورأي السلطة


منصور محمد هزايمة
زبيغنيو بريجنسكي هل يتذكر احد هذا الاسم؟ هو مستشار الأمن القومي الامريكي الاسبق في عهد إدارة جيمي كارتر ربما كان الكثير لا يعرفه او يتذكره لكن الرجل بقي في منصبه الهام المنافس لوزاراتي الخارجية والدفاع من اشد المعارضين للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني على أرضه وفي إقامة دولته المستقلة.
لكن المفاجأة أنه عندما ترك السلطة وغادر منصبه الرسمي تحول الى أهم الداعين لاستعادة الفلسطينيين حقوقهم المشروعة على أرضهم وترابهم الوطني.
وفي مؤتمر صحفي سأله احدهم باستغراب: لكنك كنت متشددا ضد هذه الحقوق وانت في السلطة؟
فأجاب الرجل بثقة وهدوء: ان السؤال نفسه ينطوي على الجواب
وعذرا اذا فسرت قصده بأن الانسان في السلطة عبدٌ لها يتبنى رأيها وعندما يكون حراً قد يمتلك رأيا مخالفاً.
ذلك ليس غريباً ولا يثير عجباً أن يختلف موقف رجل او حزب او جماعة في السلطة عنه خارجها حيث تتغير الأدوار والمسئوليات وتتباين الحقائق والمعلومات.
أتذكر هذا وانا اتابع ما كان يهدد به بعض النواب الاردنيين طرحه في وجه رئيس الوزراء من تذكير بمواقف كان قد اتخذها وخطابات القاها عندما كان زميلا لهم يجلس في مقاعدهم.
يعتقد النواب أنهم بهذا يحرجون الرئيس لكنه يحتج عليهم أيضا بأن الإنسان في السلطة مثقل بقيودها وملزم احياناً باتخاذ القرارات الصعبة.
هنا قد يكون موقف الرئيس مبررا لولا أننا في الاردن لنا خصوصية قد لا تتفق تماما مع منطق الرئيس ومع ما يحدث في اماكن اخرى لكن كيف؟
مثلا المستشار المذكور غادر السلطة قبل أكثر من ثلاثة عقود ولم يعد اليها وهذا غالبا ما يحدث في معظم أنحاء العالم امّا عندنا فالوضع يختلف تماما حيث يترك الواحد منصبه وينتظر أن يعود اليه او لغيره مرة أو مرات اخرى فلدينا العديد ممن تقلب بين الوزارة والنيابة وهناك من كان له رؤية وموقف وهو رئيس حكومة لتتغير النظرة وهو في البيت ينتظر أن يعود رئيساً ويعود ليقلب من جديد اي أن الرئيس عندنا لا يذهب ابدا وإنما يمشي بحرس وراتب وحلم العودة ولم أرى احداً يعود لتجارته او عمله او مكتبه لكن تراهم في جاهات الخطبة واحد يطلب والاخر يعطي بانتظار التشكيل الجديد لمرتين او ثلاث في السنة فمثلا كان احدهم نائبا صلبا يهاجم الحكومات فصار رئيسا يسوّق السياسات ليعود من جديد نائبا متشددا لا يعجبه العجب ولا صيام الحكومة في رجب واخر خرج بهبة شعبية فعاد بعد قليل ليجلس قبالتنا فقط عشرين عاما.
ما يؤخذ على معظم الرؤساء أن له موقفاً في المنصب يتوب عنه في البيت ويرجع عن التوبة بعودة المنصب ليكون همه التبجيل والتوقير ولا يتصدى لحل مشكلة بل يعمل على إدارتها هذا إذا افترضنا أنه اكثر من موظف برتبة رئيس.
كما ذكرت سابقا أن الانقلاب على المواقف قد يبدو عاديا بل أن بعض الجماعات التي دائما حصرت نفسها في خانة المثل والمبادئ وكان خطابها جهاديا وجدت نفسها غير قادرة على المجاراة وتصرفت ببراغماتية لافتة حتى وصلت الى السلطة لتتبدل الرؤية ويتغير الخطاب.
حدث ذلك في غير موقف ومكان تبعا لاختلاف المصالح والادوار فالنظرة الى السلطة كانت خجلاء وعلى استحياء لتصبح اليوم مطلبا تهون امامه المبادئ والمهج فتذهب شعارات مثل "الحكومات لها ضروراتها والشعوب لها خياراتها" ادراج الرياح بالاستسلام لشهوة السلطة وبريقها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات