انتفاضة فكر ..


"يجب أن نسلح الرأس أولاً قبل أن نسلح الأيدي" .. مكسيم غوركي.
تلح علي أحيانا رغبة بالصمت, اصمت, اكسري قلمك, انك لن تصلحي الكون أبداً, سيمزقون صورتك, سيتهمونك في وطنيتك أحياناً وفي عقيدتك أحياناً اخرى, وسيجهل القوم مقصدك, صوت يناديني عليك ان تكوني كباقي أصحابك, حاولي أن ترضي الجميع, ما الذي ستربحينه من كشف الحقيقة؟ هل تظنين ان الحياة حدوته؟ الحياة ليست كالحواديت التي نقصها على الأطفال, في الحدوته يدور الصراع بين الخير والشر, بين الحق والباطل, وفي النهاية ينتصر الحق وتعلو رايته, ولكن الحياة غير ذلك, الخير لا ينتصر دائماً والباطل تعلو كثيراً.
ومع ذلك قررت أن أكتب. لماذا أكتب؟ أكتب كما قال نزار قباني: كي أفجر الأشياء, فالكتابة انفجار, كي ينتصر الضوء على العتمة فالكتابة انتصار, حتى أنقذ العالم من أضراس هولاكو, ومن حكم الميليشيات, ومن جنون قائد العصابة, حتى أنقذ الكلمة من محاكم التفتيش, ومن شمشمة الكلاب, ومن مشانق الرقابة, أكتب كما قال أجيب تركي يسمى "أورهان باموك": أكتب لأنني لا أستطيع أن أتحمل الحقيقة وحدي, ولأنني عزمت على مقاومة هذه الحقيقة.
عندما قرأت الخبر المتعلق بـ الدكتور محمد العريفي على موقع "عرب تايمز" بأنه يدعو المسلمين للجهاد وهو يذهب ليصيف مع عائلته في لندن, كما وتناقل الخبر الكثير من نشاطاء الفيس بوك بذات الطريقة, لا اخيفكم سراً أنني كنت في قمة الشك, خفت أن تكون قناعاتي تجاه هذا الرجل قد خانتني وان احترامي له سيتلاشى في أي لحظة, أنا أحترم هذا الرجل واثق به لكنني لا اقدس أحداً على الإطلاق, ساورني الشك بهذا الرجل وبدأت اقلب صفحات ذاكرتي المتعلقة وكل ما هو متعلق به, وقبل ان يهاجمني "الجهل والتخبط العشوائي" ذهبت مباشره على حسابه على التويتر لأطلب منه توضيح ما يتحدثون عنه وعن صورته وهو يتحدث إلى فتاة بريطانية غير محجبه وثالثهما رجل لكنه يبدو بعيدا قليلا والدكتور يتحدث الى المرأة وهو يبتسم. هل كان على الدكتور ان يعقد حاجبيه ويرسم كشرته على شفاهه امام الفتاة؟؟ " "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" مع الإشارة الى أن صورة الدكتور العريفي مع الفتاة لا شيء فيها يخدش الحياة وابتسامته هي ابتسامه سمحه, هذا ما رايته.
فوجدت الدكتور كان قد سطر على متصفحة قبل سؤالي, ان خطبته ستكون في اكبر مسجد في بريطانيا وأنه سوف يجمع تبرعات بعد الصلاة "هذه التبرعات ستكون لأهل سوريه" وبغض النظر الى اي جهة ستكون التبرعات – أعني الاشخاص ضد الثورة أو الاشخاص ضد النظام السوري – ما يعنيني ان الدكتور لم يذهب الى لندن للاستجمام وامضاء وقت ممتع مع عائلته ونسي الاسلام ونسي الجهاد ونسي امة يدعوها ويحثها على الالتزام.
عندما وجدت ما سطره الدكتور قمت بأخذ صورة عنه ووضعته على متصفحي معلقةً على الصورة بكلمة واحدة "شكراً", وقلت في نفسي الآن اتضحت الحقيقة ولا داعي لأن اسطر أكثر من هذا, لكن ما ثار غضبي خبر قرأته هذا اليوم على أحد المواقع الاخبارية الالكترونية المحلية نص عنوان الخبر الآتي: (الشيخ "الساقط" العريفي يدعو للفتنة ولاجهاد في سوريا ويتوجه الى فنادق وحانات لندن لمشاهدة الساقطات). عندما قرأت العنوان, شعرت أن صاحبه وكأنه فوهة مدفع سريعة الطلقات منطلقا بكلماته وحروفه.
وااااااااا اسفاه, ما يواسني في الخبر ان "الشهبذ" الذي كتب العنوان كتبت "سوريا" ولم يكتب "سوريه" وهنا فرق, ليس موضوعي في هذا الطرح. لكن هذا "الشهبذ" من سطر الخبر ارفق معه صورة الدكتور العريفي يتحدث إلى الفتاة البريطانية وهو مبتسم, ولكنه لم يروي ظمأ الذئاب جيدا, فالخبر كان يحمل بعض التعليقات من تويتر لبعض النشطاء منهم من شتم الدكتور بطريقه اقرب للحياء والآخر مدافعاً عنه.
لكن سؤالي له, لما قلت "الشيخ" ووصفته بالساقط ؟؟ لما لم تقل الدكتور محمد العريفي مباشرة؟ هل تراك تدرك او تعلم معنى كلمة "شيخ" ؟؟ بصراحة لا أظن. ولن اسعفك ارجو ان تبحث في المعظم عن المعنى. الأمر الآخر كنت اتمنى من عطوفتك ان تسعفنا لو بصور صغيرة الحجم لهذا الدكتور القدير مع احدى الساقاطات او وهو يشرب باحدى الحانات, او على الاقل وهو يمسك بالكأس دون ان يتناول منه شيء؟ لم يسعفك ذكاؤك لهذا!! أعلم فأنت تقول "سوريا" ولم تقل "سوريه" .
أمر آخر يا دعاة الحرية والعدالة والديمقراطيه, لما لم يكلف نفسه صاحب هذا الخبر بالذهاب لمتصفح التويتر الخاص بالدكتور العريفي ويتحرى الحقيقة؟؟ أنا اخبركم لماذا.. لأن العين قد تنكر الضوء أحيانا, فمن عاش في العتمة زمناً يفاجئه النور فيعشي بصره للحظات ويصعب على حدقيته استيعاب الضياء, وقتها قد تنكر العين الضوء وتستنكره, وما أصعب ان نستنكر الحقيقة!.
لو أن هذا الصحفي المحترم الذي سطر عنوان الخبر, كلف خاطره ليس لأجل أحد بل لأجل نفسه بأن لا يكون ئمة, لو كلف خاطره وذهب إلى متصفح الدكتور محمد العريفي لوجد صور له مع الكثير من الاشخاص حديثي الاسلام ولوجد أيضا حديثه عن أن هناك مدارس اسلامية كثيرة في بريطانيا, ولوجد حديثة أيضا عن زيارته لطلبة العلم للجمعيات الإنسانية الأوروبية، ولقرأ عن نشاطات ديسكفر الكثيرة من أجل الدعوة وقيامهم بعمل نشاط مميز يوم الجمع بصناعة اطعمه لذيذه بأسعار زهيده, ولقرأت أيضا عن حديثه عن رجل يقول: بحثت عن كتاب لأعرف الإسلام، فوجدت كتاباً يقول: إن المسلمين يعبدون إله القمر وهو يسكن صندوقاً أسود بالصحراء!, وتحدث أيضا انه التقى ببعض الأسرى السابقين في جوانتانامو.
هذا شيء بسيط مما ذكر الدكتور محمد العريفي على متصفحه, لكن سؤالي الذي يستفز فكري, ألم تسجل هذه الزيارة لصالح الدكتور محمد العريفي وهي تتزامن مع ارتفاع معدلات العداء ضد الاسلام خاصة بعد احداث مقتل الجندي البريطاني وكما قالت دراسات بريطانيه انها تضاعفت اكثر بعشر أضعاف خلال اسبوعين على مرور الحادثة؟؟ ألم يسعفكم فكركم لأن تفكروا بهذه الطريقة؟ لماذا لم تدرج صور الدكتور مع الاشخاص حديثي الاسلام في بريطانيا خاصة ذاك الرجل الهندي الاصل الذي كان يعبد الأصنام؟
ضوء الشمعة لا يكفي لأن تكتشف الجمال الإنساني, ابحث عن الحقيقة بنفسك, لأنك تحترم فكرك فقط.

"وأنت في طريقك إلى تحرير الأوطان, لا تنسى أن تعرج قليلاً لتحرير الإنسان" ,, طوني خوري
وبما أن الدكتور العريفي في بريطانيا أفضل أن أنيهي مقالي بحروف انجليزيه قرأتها ذات مرة, تقول:
There is only one way to learn to write and that is by reading




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات