الغش طريق النجاح الزائف!


الغش لغةً عدم النصح او الخداع واصطلاحاً خلط الرديء بالجيد او هو تزييف للواقع بهدف الحصول على منافع ليست من حق ممارسه.
قد تلحظه في كل مظاهر الحياة ويرقى لان يكون ظاهرة تماثل الرشوة والكذب والنفاق تكمن خطورته في انه قد يكون اساس جميع الامراض الاجتماعية.
يواجهك في كل المهن ونشاطات الحياة في السياسة كما في الاقتصاد في الصناعة والتجارة والزراعة والتعليم وغيره لا يخص امةً او جنساً او ثقافةً قد يؤدي الى تخريب الحياة العامة لأنه يقلل الثقة بين افراد المجتمع ويزيد من امراضه.
يدعي كل منا انه تعرض له وبنفس الوقت ينكر أي منا ممارسته.
"من غشنا فليس منا" من لا يعرفه او يسمع به كحديث عن رسولنا (ص) يتبرأ به ممن يتخذ الغش منهجا او اداة لتزييف الواقع وتغيير الحقائق من اجل الحصول على مكاسب مادية .
الغش في التعليم ربما كان اخطر الأنواع واكثرها تأثيرا نظراً لما يعززه من تشويه للمفاهيم و القيم في حياة الناشئة بحيث يتخرجون وقد اصبح ممارسة عادية في حياتهم او جزءاً لا يتجزأ من الشخصية.
الغش في الاختبارات صار عادياً بل أن البعض يعتبره حقاَ لا خلاف عليه ويجادل أنه من ابواب التعاون وفي السنوات الاخيرة تنوعت طرقه و أدواته.
لم تعد الاساليب القديمة من نقل عن الآخر او الكتابة على الجسم او الثياب او استخدام البراشيم مجدية بل ان التكنولوجيا دخلت على الموضوع لتنعش سوقه وتزيد انتشاره ويصبح تقنيا بامتياز.
من استخدام الجوال في التواصل الى سماعة اذن لا يلحظها احد تبدو قاعات الامتحان اقرب الى مجالس يقدم فيها الامتحان بشكل جمعي مع دعم خارجي.
في الامتحان حيث يكرم المرء او يهان لم يعد احدا يقبل الاهانة ليس بالجد والاجتهاد بل بالغش والتدليس.
لكن لمَ يلجا الطالب للغش حتى يتفق الجميع على انه صار يرقى لاعتباره ظاهرة؟
يبدأ ذلك بأسباب ذاتية لدى الطالب مثل غياب الدافعية والوازع الديني والأخلاقي وعدم وجود هدف ويرى النجاح ممثلا في درجة او رقم يخدع فيها الاهل والمجتمع.
وهناك اسباب تخص النظام التعليمي الذي يكثر من الاختبارات دون مبرر لدرجة أنها اصبحت غاية في ذاتها لا وسيلة وهي تركز على استظهار واسترجاع المعلومة دون قناعة بأهمية ذلك في الحياة.
يفرض نظام التقييم تقديم الدرجات مجاناً دون عناء او مجهود اي ان النجاح صار تضليلا.
اما الاهل فهم يمارسون الضغوط على الابناء للحصول على درجات لا تعدو كونها ارقاما صماء لا تقرر شيئا او تنبئ بعلم.
يحدث أن طالبا يشكو منه الجميع إدارة ومعلمين فيستدعى ولي الامر للحديث عن سلوكه فيحاججهم بدرجاته المرتفعة وهنا يقع التناقض بين سلوك سيء ودرجات زائفة ليدخل الجميع في الوهم ولعبة الخداع.
لذلك ليس غريباً اليوم أن نجد طالبا على وشك أن يتخرج من المدرسة وهو لا يعرف حروف اللغة او مبادئ الحساب لكنه ينجح في الثانوية العامة بدرجة عالية ومستوى أمي.
علاج الظاهرة ليس هيناً لان المسئولية تتنازعها اطرافٌ كثيرة نحتاج فيها اعادة النظر نحو التعليم والتقييم والقيم.
امّا النظام التعليمي نفسه فعليه أن يعيد النظر بأمور كثيرة مثل أهداف التقييم وأنواعه وأوقاته وأساليبه وعدد التقييمات فكثرتها ترهق الجميع وتدخل الطالب في دائرة الفشل التي يبدو فيها الكثير من الابناء عاجزين عن فعل اي شيء فيكون الغش سبيل النجاح الزائف.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات