أثار إهتمامي أحد مشاهد مسلسل أمريكي يتناول الجانب التحقيقي الجنائي في الجرائم ، ويتم خلال هذا المسلسل والعديد من المسلسلات التحقيقية إستعراض جانب كبير من التنقينايت الهندسية والميكانيكية والفيزيائية والكيميائية وعلم النفس للوصول إلى الجاني ، وفي نفس الوقت تستخدم بها أعلى درجات التقنية في التصوير والمؤثرات التصورية والصوتيىة وتصاغ لغة الحوار فيها من قبل فنين ومتخصصين في علم الجريمة والتحقيقات للتأكد من خلوها من أية أخطاء علمية أو مسميات جرمية تحدث إشكال قانوني ربما يتعرض له معدي ومنتجي هذه المسلسلات ، وتتشابه هذه المسلسلات بالعديد من الصفات أبرزها أنها قادرة إنتاجيا على التواصل مع بعضها البعض جغرافيا لأنها تحمل مسميات مدن محددة ولكن ذلك لايمنع من الانتقال بالاحداث إلى جغرافية أخرى لتحقيق المزيد من التشويق لدى المشاهد .

والذي يعنينا هنا في هذه المسلسلات شقين الأول أنها تمثل درجة عالية جدا من فن التسويق للمنتجات الفنية كأجهزة وتقنيات تساعد في كشف الجريمة ، وهذا الشق يتم التنسيق فيه مع المؤسسات الحكومية دون مقابل مالي ويكفي فقط أن تكون نهاية القصة للحلقة تتواقف بشكل كامل مع المفاهيم الأمريكية للقانون وسيادته في المجتمع وأن الفصل بين السلطات قائم حتى في أصغر تفاصيل حياتهم ، وكما يطلق عليه الباحثين العرب مسمى أن تكون هذه المسلسلاىت موالية جدا للقانون والنظام الذي تسير عليه الدولة الأمريكية .

والشق الأخر وهو يمثل حالة من التناقض المتعمد في الطرح بغية تحقيق هدف أخر أسمى من مجرد بيع جهاز لدولة ما أو تسويق تقنيات لدولة أخرى ، وهو يتمثل في الحرص على إظهار الشق الروحي ( الديني ) في هذه المسلسلات من خلال عدة طرق كأن يتم الاستعانة بقس في غرفة الاعتراف في الكنيسة أو وقوف أحد الأبطال الذين لايؤمنون سوى بالدليل العلمي أمام المذبح يدعوا لنفسه في حالة تثير التناقض الفكري لدى المشاهد الذي وعلى مدار نصف ساعة أو أكثر وهو يتباع لقطات تلفزيوينة ونقاشات وحوار قائمان على العلم البحت والمجرد .

وهنا في هذا الشق الروحاني يحرص المسلسل على إبراز الرموز الدينية من خلال التماثيل والسلاسل التي يلبسها الممثلين ، وإبراز تلك الرموز الدينية في داخل البيوت أو مداخلها ، وقد ينتهي المسلسل بمشهد لجموع من الناس داخل مكان عبادة وتنتهي اللقطة بسماء زرقاء وأشجار خضراء وغيوم بيضاء ترمز للجنة .

وفي نهاية الأمر يصبح هذين الشقين متقبلين من قبل الجمهور المشاهد وإن إختلف مع المسلسل أو الفيلم بالفكر والعقيدة لأن القدرة الفنية والتقينة على إدخال هذه المشاهد داخل المسلسل أو الفيلم لاتحدث أية فجوات ذهنية عند المشاهد بل تجدها تبرز بسلاسة وسهولة وتصبح في النهاية مكون رئيسي من أحداث الفيلم أو المسلسل .

وسؤالنا هنا للمنتج العربي هل إستطاع أن يقوم بدوره في نشر الدين الاسلامي عبر مسلسلاته وأفلامه كما يقوم به الأخرين ؟ أم أنه إنتهى الأمر كما قال أحد آممة المساجد .. قطعة قماش ولحية ببلاش .. وهي مجرد مناقيش زعتر لمن يريد أن يفهم .