هل نحن مسلمون حقّا .. ؟!


سؤال يجب أن يقف عليه كلّ مسلم من باب الإدانة لنفسه وإصلاحها وإبعادها عن صريح معنى قول الله تعالى في سورة الكهف: ("قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104).

هذا ما أخشاه إذ لا نجد أنفسنا كمسلمين على كتاب الله، ومع هذا...؛ نحسب أنّنا نحن فقط المُخلصون لا بل المنقذون للإنسانيّة والبشريّة من الكفر بالله والإشراك معه، وأتمنّى لو نكون؛ ولكن بعد وهيهات من خلال ما نرى ونسمع ونقول، ومن خلال ما آلت إليه حالنا وأركست فيه أحوالنا، فالحذر الحذر...!

نعم..؛ فمن مأمنه يؤتى الحذر، فما بالنا إن كان هذا الحذر من رحمن رحيمٍ إن استحقّينا رحمته قولاً وفعلا، وعذابه شديد إن كذبنا وتأوّلنا عليه بما نقول ولا نفعل، ولنجد أنفسنا مسلمين صوتاً بلا صورة، ولنكتشف أنّ المذهبيّة في كلّ واحدٍ فينا تتقدّم على أصول الإسلام وتربيته...؛ فهل أئمّتنا ومفتونا وشيوخنا وعلماؤنا؛ يعلمون ما معنى الدّين أو ما معنى الإسلام؟ وإن علموهما؛ فسيقدمونهما للمسلمين وغير المسلمين على طبقٍ من مذهبيّة على خلاف ما قدّمهما وحي الله لرسوله وهو حيّ يُرزق في قرآنه الكريم...!

لو كنّا مسلمين حقّا...؛ لكانت رسالتنا السّماويّة التي أُنزلت على رسولنا الكريم محمّد صلّى الله غليه وسلّم مصدرنا الوحيد والأساسي في تشريعاتنا وفقهنا وأصولنا وعلومنا، ولما تحوّلت هذه مذهبيّة لتفرغنا من ديننا وتفرغ ديننا منّا خدمةً لحكّام وملوك اتخذوا القرآن مهجورا، وعملوا على تهجيرنا عنه إرضاءً لأعداء الله ورسوله والمؤمنين...!

حقّاً لو كنّا مسلمين حقّا...؛ لما حاكينا الجاهليّة الأولى وتجاوزناها بسلوكيّاتنا واستجاباتنا غير السّويّة البعيدة عن أمر عقيدتنا وشريعتنا...، فما تفسيرنا وردّنا على ما نمارسه يوميّاً من جهلٍ وتخلّفٍ وأحقاد وكراهة، وقتلٍ للنفس التي حرّم الله إلّا بالحق، وسفكٍ للدّماء باسم الدّين والوطنيّة والعشائريّة الزّائفة، ونصبٍ واحتيالٍ وتسوّل وفسادٍ وفقرٍ وأمراضٍ لا نعلم لها أسبابٍ عضويّة، ولا ننسى ديدننا من الغيبة والظّلم والقهر والضّنك، وممارسة الرشوة....، أكلّ هذه فينا ونحن مسلمون أو لو كنّا حقّاً مسلمون؟ فإن كانت هذه أو تلك حال المسلمين...؛ فالسّؤال: ما هي أحوال غير المسلمين وتعريفنا لهم إن كنّا نحن المسلمين كذلك؟ ألسنا بذلك على ضلالة وكلّ ضلالةٍ في النّار؟ ومن يقول أنّ أفعالنا هذه تستوي على صراطٍ مستقيم وتهدنا إليه؟ لا أظنّ أحداً يتجرّأ إلّا من اعتاد أن يتجرّأ على الله فهو إلى ما تجرّأ فيه...!

لو كنّا مسلمين حقّا...؛ لوجدنا عدالة بين حاكم ومحكوم، ولوجد إنساننا وفردنا تلك الحقوق الفطريّة والقيمة الحقيقيّة التي خلقه الله عليها، وجعله مُكرّماً فيها ويستحقّها...! ولما وجدنا بيننا رجال بلا أعمال – أصحاب السّلطة والمال - وتلهيهم تجارتهم وخسّتهم ليس فقط عن ذكر الله بل عن الله نفسه، وإلّا كيف تجرئوا لأن يسرقوا أموال النّاس ويشتروا بها الحاكم والقاضي والمحكمة ليظلموا أهلها وأصحابها ألأبرياء، والذين إن استغاثوا...؛ لا يُغاثون إلّا بظلمٍ أو سجن أو قطيعة، وحكامهم وسجّانوهم والكلّ يعلم أنّهم على حق...؛ فأنّى لهم الحق؟

ولو كنّا مسلمين حقّا...؛ لما وجدنا من يحكم المسلمين - الملوك منهم والأمراء والرّؤساء – غير شرعيّين أو غير مشرَّعين من الله في كتابه العزيز، فالمشرّع من الله لا يحكم بالوراثة أو بالأسر الحاكمة أو بالانقلابات والثّورات، ولكنّه يحكم بالشّورى وببيعة الشّعوب المحكومة لا ببيعة وتشريعات علمائهم غير الشّرعيين مثلهم وصنعوهم لأنفسهم لينافقوا لهم ويُضلّوا عليهم ويشاقوا الله والمسلمين بهم، فيؤلّهونهم ويمنحون لهم الحقّ المراد منه غيرهً بأكل أموال النّاس بالباطل، وليسوّغوا لهم القتل والتّشريد والظّلم والاستبداد والحكم بالحديد والنّار ليُحافظوا على عروشهم إن خافوا عليها من قوّة الإسلام والمسلمين، أو من كلمة الحقّ والدّين إن قيلت أو تحرّكت، و لو قتلوا النّاس جميعا...!

هناك أمثلة ومواقف كثيرة لا تمتّ للإسلام بصفة أو قولٍ أو فعلٍ أو تقرير وتصدر عن أناس ينسبون أنفسهم إليه ودائماً ما تجعل المسلم وغير المسلم في حيرة وأمام تساؤلات دائمة، وصراعات ديناميّة داخليّة مستمرّة تحتاج إلى إجابة فارزة فاصلة منّا ولا تحتمل شبهةً أو تردّداً أبدا...؛ ولا تحتمل من كلّ واحدٍ منّا إلّا أن يكون مسلماً حقّاً أو لا يكون...، فالإسلام لم يأتِ ليُحفظ فقط في الصّدور والعقول كمعلوماتٍ أو نظريّات وقيم...؛ وإنّما جاء سلوكاً وعبادات ورياضاتٍ روحيّة ترتبط بمعانٍ سامية مستمدة من القرآن والسّنة وتاريخ المسلمين العظيم، ويُحكم عليه بالنّتائج من خلال أدوات الملاحظة والقياس...، وغير ذلك...؛ فإنّنا نعيش كذبة كبيرة على الله أوّلاً وعلى أنفسنا ثانياً...، وإلّا ما تفسيرنا جميعاً لما نردّده كل يوم بيننا ونشكو منه للقريب والبعيد، ولا أقصد هنا إلّا ما يُسمى: معيشة ضنكا وهواننا على النّاس جميعا؟ أليس هذا قياساً كافياً على أنّنا نحسب أنّنا نحسن صنعا وأعمالنا خاسرة، وسعينا مُظلٍّ ظال؟

الجواب عندك أيّها المسلم، وإن قلت: لا جواب لديّ إذِ الأمر قد اختلط عليّ...؛ فما عليك إلّا أن تطبّق وصفة الصّالحين وهي: انجُ بنفسك...، ولا تخض مع الخائضين بلسانك وقلبك وهما يا سيّدي أوسط وأضعف الإيمان...!



تعليقات القراء

أردوغاااااان
أبدعت يا د. صالح.. سلمت و سلم قلمك الحرّ..
25-05-2013 05:28 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات