الحل في سوريا كيف ومتى؟


عندما بدأ حكم الرئيس بشار الاسد بعد وفاة والده سنة 2000 تفاءل السوريون بنهج جديد يطوي صفحة غابرة من حياتهم امتدت عقود من حكم والده ومع ان الرئيس الشاب جاء ضمن ظروف ملتبسة وربما رتبتها الصدفة نسبة الى وفاة شقيقه الاكبر في حادث والذي كان مرشحا ومعدا لمتطلبات التوريث ثم نسبة الى ظروف تعيينه بصورة بعيدة عن النهج العريق في تداول السلطة حيث كان سن الرئيس وحده مشكلة دستورية تم تطويعها فورا تمهيدا لاستحقاقات الوراثة.
بدأ العهد الجديد بتفاؤل بني على مجموعة من المقدمات والاصلاحات السياسية والاقتصادية التي لاقت استحسانا من السوريين وبدأ المواطن يلمس تحسنا واختلافا وتمت زيادة الرواتب وتخفيض اسعار بعض السلع وزاد دخل المواطن وزادت مساحة الحرية وخرج الاعلام من قمقمه بل ان تلك الفترة التي اعقبت تسلم الرئيس السلطة كانت حشيشا وقمرا حتى اطلق عليها "ربيع دمشق" وتحركت الدبلوماسية السورية باحتراف باتجاه تركيا والسعودية ومصر وباقي العرب وانتهى التشابك مع لبنان بعقلانية فرضتها التحولات العالمية اما اغتيال الحريري في شباط 2005 كانت كارثة استطاع النظام ان يفلت منها لكن المدهش أن بدأ النظام يتراجع عن الوعود والاصلاحات بتأثيرات داخلية ربما ابرزها تدخلات الاسرة والحرس القديم الذي فضل نهج والده في القبضة الحديدية.
اخذت اصوات فردية ومؤسسية تصدح علنا بمطالب الاصلاح لكن النظام مال الى المراوغة حتى اندلع الربيع العربي بدأ في تونس ديسمبر2010 فهرب الرئيس وتلتها الثورة المصرية يناير2011 وسجن الرئيس وفي الشهر التالي انطلقت الثورة اليمنية فأحرقت الرئيس وفي نفس الشهر اندلعت الثورة الليبية فقتل الزعيم وبدأت ثورة الشام في الشهر التالي وما زال النظام يدعي ان الوضع هنا يختلف تماما
بعد ثمانمائة يوم تقريبا من انطلاق الثورة واتصافها بالدموية وقتل عشرات الالاف ومرورا بعدد من المجازر وتهجير الملايين يبدو ان الوضع لا يتحلحل ولا يمكن لاحد ان يتنبأ بنهاية القصة.
في كل يوم يزداد الامر تعقيدا وتدخل اللعبة اطرافٌ جديدة وكل ذلك يتم حتما باسم مناصرة الشعب السوري!
النظام يقتل باسم الشعب والمعارضة تقتل باسمه وجبهة النصرة تحمي الشعب وامريكا حريصة عليه وروسيا مع خيار الشعب وتركيا تحزن من اجله والخليج يدعمه.
ايران لن تترك الشعب السوري وحده وحزب الله تطوع في جبهة الداخل السوري متجاوزا دولته اللبنانية لأجل الشعب.
الجولان ومزارع لبنان ما زالت محتلة لكن الاطراف تشتبك معا على اطرافهما باسم الشعب ولحماية المقاومة!
اسرائيل تغير وتضرب اي هدف تريد واي طرف تشاء والجميع ينشغل بقتل بعضهم بعضا.
غارات اسرائيل تكاد تفرح الجميع من باب المناكفة فإسرائيل تقصف هنا والنظام يرد هناك حماية للشعب!.
باختصار اضحت حياة السوريين مرهونة بمعادلات اقليمية ودولية واطراف كثيرة مختلطة وكل يسعى لتحقيق مصالحه على حساب الشعب.
في الوقت الذي يستبعد فيه ان تتم حرب عالمية من اجل النظام لتثبيته او اسقاطه تبدو الصراعات الاقليمية اشد عنفا وصار واضحا ان احلافا غير معلنة تتناحر في الموضوع السوري على خلفية مذهبية بغيضة ليخرج كل حلف بأهم المكاسب واقل الخسائر.
حلف شيعي ممثلا بإيران وحزب الله وسورية مدعوما بقوى عظمى تتمثل بالصين وروسيا يتكاسر مع حلف سني يتمثل بتركيا ومصر والخليج مدعوما بقطب دولي يمثله حلف الناتو والشعب السوري وقضيته هو الضحية.
إن استطاعت روسيا وامريكا أن تجمعا طرفي النزاع حول مائدة الحوار فهذا قد يفكك بعض خيوط الازمة علما بان هذا يميل لوجهة ومصلحة النظام.
ان سيناريوهات الحل في سوريا لا تعرف حتى الان كيف ُتنزل الاطراف عن الشجرة دون خيار قطعها بالجميع من الجذور.
- منها ما يراهن ان النظام قد ينتهي من داخله إما بالاغتيال او الانقلاب او بتأكل شرعيته مع الوقت.
- واخر يرى ان الوضع سيبقى على حاله حتى نهاية فترة الرئيس العام القادم لينسحب مع حفظ ماء وجهه وضمان عدم ملاحقته مع تحمل كلفة ذلك من الدم السوري علما ان الرئيس صرح أن من حقه الترشح لفترة اخرى.
- اما السيناريو الثالث فهو الزلزال بعينه حيث يقود الغرب حملة لإسقاط النظام يحفز القطب الروسي الصيني على دعمه بأحدث الاسلحة مع دعم ايران وحزب الله على الارض لتمتد توابع الزلزال الى كل دول الجوار ويحدث لجوء ضخم تنأى بحمله الدول.
- سيناريو رابع يؤدي الى خلط جديد للأوراق ويجر اسرائيل الى المواجهة قد تنتهي بتقسيمات جديدة.
- سيناريو خامس هو التقاط النظام انفاسه لتستعر حرب اهلية تقود المعارضة للتسلح بشتى انواع الأسلحة.
- وآخر السيناريوهات هو العجز عن الحسم باي اتجاه لتزيد الفوضى ويستمر القتل ليقضي الله امرا كان مفعولا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات