لِكَيْ لاَ يَكُوْنُ ضَمِيْرُنَا كَاوْتشُّوكْ


 نرى اليوم ونتمعن بتيقن ونبصر بالواقع ونشاهد على شاشات التلفاز وبكل ألم وحزن ولوعة ما يستجد من أحداث ومجريات ما يحصل لشعوب معظم الدول العربية كانت أو الغربية والتي أطلقت العنان لنفسها من أجل الحرية والكرامة وفقدت الكثير من أبناءها الأحرار الذين قضوا نحبهم ظناً منها ليحيى من يعيش منهم حياة كريمة يملؤها العدل والإنصاف والمساواة أسوة بتلك الشعوب التي سبقتها في تحقيق أحلامها وأمنياتها لتستطع شمس الحرية على بلدانها وتمتعها بدفء حراراتها وتستمع بروعة إشراقها والتي طالما حلمت بها منذ عقود ونيف كان فيها الإستبداد والإستعباد والفساد والإستفراد بالسلطة لشخص ما أو لعصابة ما أو لحزب ما أو لطائفة ما فإستمكن ذلك الشخص الذي إستفرد بالسلطة فإزداد من تسلطه وإستكباره ، وإستيلاء العصابة على ولاية أمور العباد لتفعل ما تشاء بهم وبمقدرات حياتهم ، وكما هو الحزب الواحد الذي إستكبر وإستنكر وتجبر على أقرانه مصفياً كل من خالفه من الأحزاب التي شاركت وسارت معه سوياً لتحقيق الأهداف السامية والمشتركة ليتوحد في السلطة ومن ثم يستفرد وحده ليقود البلاد ضارباً ومتناسياً كل تلك المبادئ والأهداف المشتركة التي من أجلها قامت ثورتهم ، والجميع منا بالغنى عن التعريف بما تقوم به طائفة ما لو تمكنت من الوصول إلى سدة الحكم وما ستقوم به من أشكال الإستفراد بالسلطة ومنظوماتها المختلفة وما قد تلاقيه الطوائف الأخرى من ظلم وقهر وإستبداد وإستعباد .

من هنا فإن الحرية والكرامة هما أسمى ضرورات ما يحتاجهما الشخص كي يحيا حياة آمنة في وطن يسوده العدل والإنصاف والمساواة مع توافر كافة الظروف المطلوبة التي تضمن له ولأفراد أسرته حياة كريمة مرتجاه لكل من آثر حب الوطن وحب أبناء شعبه وطبيعة العلاقات الطيبة فيما بين أفرادها وما تربطهم من علاقات وطنية قوية ووطيدة وصلات أسرية ومجتمعية صادقة من شأنها تقوية حسه الوطني وتعاونه الأسري والمجتمعي وبالتالي تقوية هذا الترابط بين كآفة أبناء الشعب مع تأكده التام من أن قيادته نزيهة صالحة وحكيمة وصادقة بإعتبارها القلب الذي ينبض بضمير حي وصادق توجب عليهم الإخلاص والوفاء بالمشاركة والتعاون من أجل الوطن وشعبه بالإضافة إلى تقديمهم الواجب والمصلحة العامة على المصلحة الشخصية والفردية . حينها يستمتع الجميع بطعم الحياة التي يسودها الأمن والسلام والإستقرار .

ولكن عندما يغيب الضمير ويقل الحياء ويكثر الفساد والظلم والقهر ، ويزداد المنكر والباطل ، ويستباح العرض والشرف ، وتسلب الحرية والكرامة ويقتل القوي الضعيف وكأنها شريعة غاب مليئة بالحيوانات المفترسة والحيوانات الضعيفة والتي لا حول لها ولا قوة وكل ما هو محرم ومحظور أصبح متاح ومباح وبمتناول كل من توفرت له السلطة والسيادة والبطش والقوة لأن يفترس كل حيوان ضعيف هزيل ، وحيث يقال بالمثل العامي عند معظم شعوب البلاد العربية للذي باع ضميره بصاحب "الضمير الكاوتشوك" ويا لها من مأساة وتعاسة للجميع متى أصبح الشخص أو الجماعات أو الأحزاب أو الحكماء والعقلاء يتصفون بهذا الضمير المنافق الغائب والسيء الذكر وكالثعلب الذي لا يرتجى منه الصدق أبداً ، عندها تصبح حياة الشعوب غير آمنة وغير مطمئنة على مستقبلها ومستقبل أبنائها وأوطانها مما يضطرها ذلك للقيام بثورة شعبية عارمة تبدأها سلمية بشعارات تنادي بمطالبهم المشروعة منادية بالإصلاح والعدل والإنصاف ومحاربة الفساد والباطل ولكن التعنت والمماطلة وإستخدام التريث والتروي من قبل أنظمتها المستبدة والتي عاشت على ظلم الشعوب وقهرها يجعلها تضطر لأن تحمل السلاح في وجهها محاولة منها التغيير بالقوة حتى ولو كلفها ذلك أغلى ما تملك من مال ورجال وأبناء وهنا تأتي المأساة الكبرى والتي يروح ضحيتها الأبرياء من النساء والأطفال والرجال الطاعنين في السن ، ناهيك عن دمار وخراب مقدرات بلدانها وإنجازاتها العسكرية والإجتماعية والإقتصادية والصحية والبيئية وتهلهل بنيتها التحتية .

لهذا كله ، وكي لا يكون ضميرنا " كاوتشوك " وكي لا يكون هناك صوت ولكن لا حياة لمن تنادي حينها تحصل الكارثة ولعل ما هو حاصل ويحصل من كوارث ونزاعات وصراعات وحروب في عالمنا العربي والعالم الغربي وحتى لا نجعل من أنفسنا جميعاً "ضحية لهذا الضمير" ، وكي لا نكون في وسط الحطام واللعبة السياسية القذرة التي تلعبها الدول الكبرى من أجل مصالحها تجاه معظم الدول الصغرى منها والضعيفة محدثة إختلالاً وإضطراباً في أنظمتها وعدم إستقرار في أمنها ، وحتى لا نأسف على ما كنا ننعم فيه من أمن وإستقرار وسلام ، ولكي لا نكون لقمة سائغة لتلك الحيوانات المفترسة فعلينا جميعاً سواء كنا قادة وحكام في مواقعنا أو شعوب ورعية في أحيائنا وقرانا وأريافنا ومدننا وبلداننا وأوطاننا يجب أن نتيقظ وبحذر مما هو آت من مستقبل مبهم غير واضح الرؤى والمعالم ، وأن نكون صادقين مع أنفسنا أولاً وشعوبنا ثانياً ، وأن لا يكون التعنت من صفاتنا لأن التعنت الغير مبرر يقود في النهاية إلى الهاوية لكلا الأطراف ، فعلى الحكام أن يعوا قيمة الحرية والكرامة للشعوب وضرورتها الملحة إليهم ، بالوقت الذي يجب فيه على الشعوب والرعية أن يتفهموا حقوقهم الممنوحة لهم ومسؤلياتهم وواجباتهم تجاه وطنهم وأبناء شعبهم وإحترام قياداتهم وسلطاتهم التي تعمل جاهدة على صيانة حرياتهم وكرامتهم وتؤمن لهم الأمن والسلام والإستقرار بالوقت الذي يجب فيه أخذ الحيطة والحذر إلى ما هو محاك ويحاك من فتن سالبة ومغرضة لتمزيق أواصر العلاقات القوية التي تربطهم بأوطانهم وبقياداتهم وبأبناء شعوبهم وأن يعوا مقدار وأهمية الحاكم الصالح والرشيد وضرورته في قيادة دفة الحكم والسلطة بإعتباره ربان سفينتهم إلى بر الأمان . وعليهم جمعياً حكام وشعوب الإتفاق والوفاق بالمشاركة الفاعلة في مختلف مجالات الحياة في دولتهم متعاونين متعاضدين في كل ما فيه مصلحة وطنهم وأبناء شعبهم ، وهنا يستذكرني قول جون كنيدي " قبل أن تسأل ماذا قدم لك وطنك إسأل نفسك ماذا قدمت لوطنك؟" ، لهذا ماذا يجب علينا أن نقدم لوطننا ولأبناء شعبنا ولقيادتنا الرشيدة حتى نشعر ونحس بالرضا وحب الوطن والقناعة بالحياة بإعتبارها كنز لا يفنى .

والله ولي التوفيق .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات