التوافق الاميركي الروسي يبعث الامل على حل الازمة السورية


 الاتفاق الذي تم التفاهم حوله في موسكو يوم الثلاثاء بعد لقاء وزير الخارجية الاميركية جون كيري مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومن ثم وزير الخارجية سيرغي لافروف حول الازمة في سوريا ما هو الا فرصة ثمينة يجب استثمارها من الاطراف كافة داخلية في سوريا او اقليمية ودولية وخاصة من قبل اطراف المعارضة السورية ، وذلك بعد التحولات الكبيرة التي شهدتها وتشهدها الساحة السورية في الفترة الاخيرة .

فعلى الصعيد الدولي والدعم المزعوم من اصدقاء سوريا او دول النفط العربي فقد ثبت على مدى اكثر من سنتين ان المعارضة السورية تسمع دقا للفناجين دونما رؤية للقهوة ، بمعنى ان المعارك تدور وتطحن يوميا مئات السوريين وتشرد الملايين وتدمر البلاد وتنهك الاقتصاد وتقضي على المقومات الاساسية للحياة والعالم يتفرج ، يكتفي بالتنديد واستنكار المجازر والتلويح بتقديم المجرمين من النظام السوري للعدالة الدولية كمجرمي حرب والتوقف عند هذا الحد الذي لا يسمن ولا يعني من جوع .

لقد استنفذت المعارضة كل ما لديها وبدت اليوم اضعف من اي وقت مضى حتى اصبح بعض اطرافها مدرجين على قوائم الارهاب الدولي من قبل الولايات المتحدة وبعض دول اصدقاء سوريا المتشدقين بحماية ونصرة الشعب السوري .

الامور اليوم واضحة وخاصة بعد ان اعلنت الولايات المتحدة عن انه لا توجد ادلة على استخدام النظام السوري لاسلحة كيماوية ، كانت تهدد امريكا ومعها الغرب بتوجيه ضربة عسكرية للنظام في حال ثبت استخدامه لها ، وكانت ارسلت لجنة من حقوق الانسان الى سوريا للتحقق من ذلك ، الا ان الفاجعة بالنسبة لما يسمى المعارضة السورية هو ما صرحت به عضو اللجنة كارلا بونتي قبل ايام عن اتهامها المعارضة باستخدام غاز السارين السام وليس النظام ، هذا الامر بحد ذاته يشكل نقطة تحول في المواقف الغربية والامريكية من الازمة السورية ويدعو المعارضة للتريث قليلا قبل اصدار الاحكام والتفكير بجدية ، خاصة بعد لقاء كيري-بوتين في موسكو والتصريحات الصحفية الصادرة في المؤتمر الصحفي المشترك مع لافروف والتي تنم عن تفاهمات اميركية روسية تستند الى بيان جنيف لحل الازمة السورية سلميا بعد ان ثبت فشل كل من النظام السوري والمقاومة على انهاء الازمة عسكريا. فالمؤشرات كلها تشير الى ان اتفاق روسي اميركي سيعرض على الطرفين قريبا من خلال المؤتمر الدولي حول سوريا المطروح عقده نهاية الشهر الحالي ولا نستبعد ان يكون في عمان سيما وان جلالة الملك عبدالله الثاني حرص منذ بداية الازمة في سوريا على دعوة الاطراف للحوار والالتقاء للتباحث في حل الازمة ، وما لجلالته من اطلالة واسعة على المواقف الروسية والاميركية وعلاقته بالرئيس السوري بشار الاسد كلها عوامل تتيح لجلالته بان يلعب دور الوسيط المقبول من الاطراف كافة بما فيها ايران التي التقى جلالته وزير خارجيتها الثلاثاء الماضي في عمان ، حيث تصدرت الازمة السورية وسبل التوصل الى حقن الدم السوري مباحثاته مع الوزير الايراني. 

لا يمكن التغاضي عن ان هناك تحول دراماتيكي كبير حصل في المواقف بخصوص الازمة في سوريا وضرورة حلها لوقف الدم النازف على الارض السورية وبما يحفظ وحدة الاراضي السورية ، ولعل الغارات الاسرائيلية الاخيرة على مواقع في دمشق تشكل احدى هذه الاشارات الدالة على هذا التحول خاصة في المواقف العربية .

صحيح ان الغارات لم تكن بالتأكيد انتقاما لاطفال البيضاء في بانياس الساحل ولا دعما للمعارضة السورية في القصير ،وليست التقاء عضويا بين اسرائيل والمتطرفين في سوريا حسب وصف وزير اعلام النظام السوري عمران الزعبي في بيانه الصحفي بعد الغارة الاخيرة ، بل حلقة في سلسلة التحولات في المواقف العربية والدولية ، وعملت على خدمة النظام السوري ورئيسه الذي تلقى ومباشرة رسالة تطمينات من رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو اكد له فيها بان ليس نظامه ولا هو شخصيا المقصود من هذه الغارات وانما اسلحة ايران التي في طريقها الى حزب الله في لبنان( ولو صدق هذا القول لكانت اسرائيل وجهت ضربتها الى حزب الله وعلى الاراضي اللبنانية فلماذا اختارت دمشق؟) اما كيف صبت هذه الغارات في مصلحة النظام السوري فاقول بانه وبعد الغارة الاخيرة سارعت الجامعة العربية وعلى لسان امينها العام نبيل العربي الى دعوة مجلس الامن لاتخاذ الاجراءات الضرورية لوقف العدوان على سوريا ( الشقيقة) فيا للعجب بالامس القريب تم طرد مندوب سوريا بالجامعة ومنح مقعده الى الائتلاف المعارض دون وجه حق ؟؟؟ وبالامس في دوحة النفط العربي تم الاتفاق على ضرورة تسليح (المقاومة السورية) ؟؟؟

وكذلك تم التوافق العربي على تعميق الهوة ان لم يكن القطيعة مع سوريا ونظامها واليوم وبقدرة قادر اصبحت سوريا الشقيقة؟؟؟؟ اضف الى ذلك الاستنكارات والتنديدات البرلمانية والحكومية العربية للغارات والجميع يعلم ان الغارة استهدفت مخازن للسلاح الايراني الذي يقتل به يوميا الاف السوريين على ايدي النظام؟؟ فالغارة عملت على عودة سوريا ( النظام) الى الصف العربي وراح العرب يدافعون عن هذا النظام مما اكسبه شرعية عربية طلقها هو بعد مؤتمرات القمة العربية واخرها قمة الدوحة.

من هنا يمكن القول ان المخطط الامريكي الروسي كان معدا من قبل وبانتظار تليين المواقف العربية المتشددة والمتورطة بالدم السوري ليتبين ان اللعبة تديرها امريكا وروسيا ومعهما اسرائيل على حساب الشعب السوري والمال العربي.

ومن هنا نقول بان الفرصة اليوم مهيأة ليس فقط لحل الازمة السورية ، بل لانهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني بكامله والبدء بمرحلة جديدة في الشرق الاوسط تضمن قبل كل شيء امن واستقرار اسرائيل وضمان تفوقها العسكري والاقتصادي وتهيئتها لقيادة المرحلة المقبلة في المنطقة باسرها ، حيث سيشهد الملف الفلسطيني الاسرائيلي ايضا زحزحة من مكانه والبشائر تبدو في ايعاز رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو لوقف كافة اشكال الاستيطان في الضفة الغربية يوم اول امس بالتزامن مع زيارة عباس الى الصين التي تبعتها زيارة نتنياهو ايضا الى الصين الدولة العضو الدائم في مجلس الامن ، اضف الى ذلك التفاهمات الاردنية الفلسطينية والاسرائيلية الفلسطينية حول موضوع الحل النهائي والكونفدرالية التي سترى النور قبل نهاية عام 2014والتي سبقتها جولة كيري بعد زيارة اوباما للمنطقة واللقاءات في واشنطن مع جلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهد الامارات وامير قطر والتحركات على الصعيد التركي والايراني التي تشير كلها الى ان حلا مرتقبا يلوح في الافق.

وفي خضم هذه الاحداث المتسارعة ندعو النظام السوري والمعارضة لالتقاط المبادرة واستثمار التفاهمات الدولية خاصة بين روسيا وامريكا للجلوس الى طاولة المفاوضات طواعية دون اكراه ووقف نزيف الدم السوري باسرع وقت وقبل فوات الآوان.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات