الإعلام الإلكتروني والثورات العربية


 لم يسجل التاريخ قفزة نوعية في عالم انتشار المعلومات إلا عندما اخترع غوتنبرغ عام 1833 المطبعة، ثم جاء اختراع الراديو عام 1920 فكسر حدود حصر المعلومات وأصبحت تنتقل ما بين الشرق والغرب بلمح البصر، وعندما ظهر للعالم التلفزيون عام 1939 انبهر العالم بصورته الفضية وبدا العالم مشغول بتطور وسائل الاتصال والتواصل حتى وصلنا في منصف الثمانينيات إلى عصر النت وبعد ذلك انتقلنا نقلة نوعية إلى الإعلام الجديد (new media) الذي أتاح لكل مستخدمي الكمبيوتر خاصية التواصل مع من يريد ومن أي بلد أو مكان يوجد فيه .

إن هذه الثورات العلمية الحديثة في حقيقة الأمر أثرت على عقولنا ووفرت الجهد العقلي وأدت إلى امتداد الوعي .

أثرت هذه التقنيات والوسائل عبر الفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي على الحالة السياسة بين مختلف الأقاليم والدول في نشر وتبادل الأخبار والمعلومات الهامة، وتحديد مواعيد وأماكن التحشدات الجماهيرية.

استفاد الشباب التونسي في بداية تحركاتهم من المعلومات التي سربها موقع ويكليليكس الالكتروني، عن رسالة سفير الولايات المتحدة الأمريكية في تونس، الذي تحدث فيها عن الثروة الطائلة التي يمتلكها الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وزوجته، فكانت تلك الرسالة مادة دسمة تلاقفها المحتجون ونشروها عبر الفيس بوك واليوتيوب والمسنجر وتويتر والهواتف النقالة .

أنشأ الشباب المصري مواقع خاصة من المدونات وشبكات التواصل الاجتماعي مثل موقع شباب 6 ابريل وموقع كلنا خالد سعيد تخليداً لذكرى الشاب المصري الذي قتلته قوات الأمن المصرية في مدينة الاسكندرية .

ازدادت أهمية الشباب العربي الثائر في كافة مناحي الوطن العربي الذي لم يعر أهمية لهذه المواقع قبل استخدامها، كما وتعتبر الأسباب الحقيقية المباشرة في انتشار الثورات العربية شبكة التواصل الاجتماعي الفيس بوك ، ولا أحد ينكر كيف استفاد العالم العربي من محرك البحث جوجل في كيفية التصدي للغازات السامة من قبل الأنظمة في ليبيا و مصر وتونس واليمن وسوريا .

لقد تمردت الشعوب العربية على وجبة الإعلام الجاهزة التي كانت تقدمها له وسائل الإعلام التقليدية، من طرف واحد وأصبح مشاركاً ومتفاعلاً ومحللاً لما يدور من حوله من أحداث رافضاً وسائل الإعلام الإجبارية القديمة.

شكل الإعلام الكتروني وعياً سياسياً صادقاً بالصورة والصوت والسرعة بل أتاح فرصة كبيرة للمشاركة ولو بكلمة للتعبير عن حرية الرأي واستشراف المستقبل بل ساعد في على معالجة قضايا الفساد من خلال الإشارة إليها فأصبح مناخ الحريات العامة أكبر وأوسع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات