فصل أعضاء مجلس الأمة في الدستور الأردني


 تتعالى الأصوات هذه الأيام داخل أروقة مجلس النواب تطالب بفصل النائب محمد العشا الدوايمة على اثر الاتهامات الموجهة له لمشاركته في الاحتفالات التي نظمت بمناسبة قيام دولة إسرائيل ومصافحة الرئيس الإسرائيلي، حيث بلغ عدد الموقعين على المذكرة النيابية المطالبة بفصله (67) نائبا.

وبعيدا عن أي اعتبارات سياسية حول التهم النيابية المسندة للنائب العشا والذي يعتبره زملاؤه أنه قد أساء إلى مجلس النواب ومس بهيبته من خلال زيارته دولة معادية، فإنه لا بد من القول ابتداء إن فصل النائب من مجلس النواب هو حق قرره المشرع الدستوري للمجلس المنتخب ضمن أسس وضوابط معينة وردت في المادة (90) من الدستور والتي تنص على أنه لا يجوز فصل أحد من عضوية أي من مجلسي الأعيان والنواب إلا بقرار صادر من المجلس الذي هو منتسب اليه وذلك بأكثرية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، وأنه إذا كان الفصل يتعلق بعضو من مجلس الأعيان فيرفع قرار المجلس إلى الملك لإقراره.

فمن خلال قراءة النص الدستوري السابق يتبين أن المشرع الدستوري قد اعتبر أن فصل النائب أو العين من مجلس الأمة هو من قبيل الاستثناء الذي يجب أن لا يتم التوسع في تطبيقه، وأن الأصل هو أن يمارس النائب والعين مهامه التشريعية حتى تحين موعد الأجال الدستورية لإنقضاء مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب. كما يلاحظ أن المشرع الدستوري لم يحدد أسبابا بعينها لفصل العضو من مجلس الأمة، وإنما قد أعطى الحق المطلق لكل من السادة الأعيان والنواب بأن يصوتوا على فصل أي من الأعضاء في مجلس الأمة لأي سبب من الأسباب كعدم اللياقة البرلمانية أو بسبب انتهاك حرمة المجلس أو الإساءة إليه، وذلك تكريسا لسلطان المجلس في إدارة شؤونه الداخلية بنفسه.

أما بخصوص إجراءات الفصل، فقد ميز الدستور الأردني بين فصل النائب والعين من مجلس الأمة بأن اعتبر النائب مفصولا من المجلس بمجرد صدور قرار بذلك من المجلس الذي هو منتسب إليه بأكثرية ثلثي الأعضاء، في حين أنه اشترط في قرار فصل العين أن يرفع إلى الملك لإقراره. وهنا يثور التساؤل حول ما إذا كان للملك الحق في أن يرفض قرار فصل العين، أم أن إقراره لقرار الفصل واجب عليه بحكم الدستور.

وهناك من يرى أنه يحق للملك أن يرفض إقرار قرار فصل أي من أعضاء مجلس الأعيان وذلك استنادا إلى أحكام المادة (36) من الدستور التي تعطي الملك الحق في تعيين أعضاء مجلس الأعيان وقبول استقالتهم، والفقرة الرابعة من المادة (34) من الدستور التي تعطي الملك الحق في أن يحل مجلس الأعيان وأن يعفي أحد أعضائه من العضوية، وهو ما من شأنه أن يعلق مصير العين بيد الملك الذي يملك الحق المطلق في تعيينه وإقالته وقبول استقالته في أي وقت يشاء.

في المقابل، فإن الرأي الآخر ينكر على الملك الحق في رفض الموافقة على قرار فصل العين بعد أن صوت مجلس الأعيان بأغلبية ثلثي أعضائه على قرار الفصل، ذلك أن القول بخلاف ذلك يؤدي إلى نتيجة مفادها أن إرادة الملك ستسمو على إرادة ثلثي أعضاء مجلس الأعيان الذين هم أعضاء في السلطة التشريعية. ولا يرد القول أن الملك يعد جزءا من السلطة التشريعية بموجب أحكام المادة (25) من الدستور التي تنص على أن تناط السلطة التشريعية بمجلس الأمة والملك كمبرر لإعطائه الحق في رفص إقرار قرار الفصل، ذلك أن الملك هو شريك في السلطة التشريعية إلى جانب مجلسي الأعيان والنواب، وأن هذه الشراكة يجب أن تقوم على أساس التوازن في الصلاحيات داخل السلطة التشريعية، وأن لا يسمح لأي جهة بأن تتغول على الجهة الأخرى.

كما لا يرد القول أن تعليق فصل العين من مجلس الأعيان على موافقة الملك هو تجسيد لأحكام المادتين (36) والفقرة الرابعة من المادة (34) من الدستور حول تعيين أعضاء مجلس الأعيان وقبول استقالتهم وإعفائهم من العضوية ذلك أن أي صلاحيات يمارسها الملك على أعضاء مجلس الأعيان يجب أن لا تتنكر لإرادة أعضائه، وأنه يجب أن ينتهي دور الملك بمجرد اختيار أعضاء مجلس الأعيان في السلطة التشريعية بحيث لا يكون له سلطان عليهم بعد أدائهم اليمين الدستورية لمباشرة العمل وفق أحكام المادة (80) من الدستور إلا في حالتي قبول الاستقالة والحل. فيمكن الرد على التهم التي توجه ضد مجلس الأعيان بأنه مجلس الملك من خلال تعديل الدستور فيما يتعلق بصلاحيات الملك في مواجهة مجلس الأعيان بأن يتم قصرها على حق تعيين أعضائه وقبول استقالتهم وحل المجلس، وأن يخرج من نطاق تلك الصلاحيات حق الملك في أن يعفي أحد الأعيان من منصبه، وذلك إلى أن تتبلور الديمقراطية الانتخابية في الأردن والتي هي شرط أساسي للانتقال إلى مرحلة انتخاب مجلس الأعيان.

كما أن التعديلات الدستورية الأخيرة لعام 2011 حول الفقرة الثالثة من المادة (76) من الدستور قد أكدت صراحة على سلطان مجلس الأمة المطلق على مصير أعضائه في غير حالتي الاستقالة والحل، حيث تم تعديل النص الدستوري السابق ليتضمن أنه إذا حدثت أي من حالات عدم الأهلية المنصوص عليها في الدستور لأي عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب أثناء عضويته أو ظهرت بعد انتخابه أو خالف أحكام الفقرة (2) من نفس المادة تسقط عضويته حكما ويصبح محله شاغرا، على أن يرفع القرار إذا كان صادرا من محلس الأعيان إلى الملك لإقراره. فبموجب التعديل الدستوري الأخير فإن حكم فقدان النائب أو العين لأي من شروط العضوية في مجلس الأمة أو مخالفته لشرط عدم التعاقد مع الحكومة أو المؤسسات الرسمية العامة أو الشركات التي تملكها أو تسيطر عليها الحكومة أو أي مؤسسة رسمية عامة هو أن تسقط عضوية ذلك النائب أو العين حكما بموجب الدستور فيصبح محله شاغرا دون الحاجة إلى أي إجراء آخر، وأن اشتراط المادة السابقة أن يرفع قرار اسقاط العضوية إذا كان صادرا من محلس الأعيان إلى الملك لإقراره يجب أن يقرأ في سياق المادة الدستورية التي قررت إسقاط العضوية حكما وشغور المحل قبل أن تعطي الحق للملك في إقرار قرار سقوط العضوية عن العين. فيكون بذلك المشرع الدستوري قد بين صراحة أن حكم إقرار الملك على أسقاط عضوية العين هو لغايات تأكيد قرار الإسقاط وليس منشئا له، وهو الحكم الذي يمكن القياس عليه في حال تقرر فصل العين بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس الأعيان.

إن النصوص الدستورية هي نصوص تشريعية متكاملة ومتوافقة ومنزهة عن التناقض أو التعارض أو التنافر فيما بينها لأنها تتضمن الأحكام والقواعد والأصول الكلية التي يقوم عليها بنيان الدولة وسلطاتها وتعين بها وتحدد صلاحيات تلك السلطات واختصاصاتها. فعلى الرغم من أنه يتعين عند تفسير النص الدستوري التعويل ابتداء على عبارة النص المطلوب تفسيره لأن كل نص في الدستور يتضمن حكما محددا يستقل به عن غيره من النصوص الأخرى، إلا أنه ليس من شأن هذا الاستقلال أن يعزل أي نص بما انفرد به من حكم عن باقي النصوص، وإنما يتعين تفسير أي نص دستوري بما ينسجم ويتفق ولا يتنافر أو يتعارض مع باقي النصوص الدستورية الأخرى.

خلاصة القول أن غاية المشرع الدستوري من اشتراط رفع القرارات ذات الصلة بأعضاء مجلس الاعيان المتعلقة بإسقاط العضوية عنهم أو فصلهم من المجلس إلى الملك لإقرارها استنادا لأحكام المادتين (76) و(90) من الدستور يجب أن تفسر على أنها بمثابة إشعار للملك بشغور مقعد في المجلس المعين ليبادر إلى ممارسة صلاحياته الدستورية بتعيين خلفا للعضو الذي تقرر فصله أو سقطت عنه العضوية في مجلس الأعيان.

laith@lawyer.com

* أستاذ القانون الدستوري المساعد في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية




تعليقات القراء

سعادة المهندس عدنان السوعير أين الحقيقه
الملايين المظلومه والمشتركين والمتقاعدين والذين دمرت حقوقهم المكتسبه بقانون الظلم الجاهلي الاجتماعي ,يطالبون رئيس اللجنه المحترم عقد مؤتمر صحفي ليخبر الناس بالحقيقه
(((((((((((((( لماذا لايكتمل النصاب ))))))))))))) في اجتماعات هذه اللجنه .
ماهي القوانين الأكثر أهميه للمواطنين من هذا القانون .
30-04-2013 12:33 PM
العوض بوجه الكريم فلاعزاء لمظلومي قانون الضمان
نعزي مظلومي قانون الضمان الاجتماعي [بأنه بدأ مسلسل عدم اكتمال النصاب والتغيب المستمر وما قطعته اللجنه المشتركه بلسان رئيسها ومقررها والاعضاء بأنه سيكون 5 اجتماعات في الاسبوع بمعدل 6 ساعات يوميا , كله لم يطبق ولم ينفذ , وان الجلسات بطيئه , والناس الذين يأملون بتعديل القانون عليهم السلام , والنقابات العماليه لاحول لهم ولاقوه , والكل يعمل الا هذه اللجنه أو بعض أعضائها وبعض أطرافها, فهذا مسلسل له أول وليس له أخر , والعوض بوجه الكريم
30-04-2013 01:20 PM
ابو العز
هل تصدقوا ان هناك نائب يعمل لصالح المواطنين؟
30-04-2013 01:53 PM
د قانون
وشو بالنسبه للنواب ال 88 المتورطين بقضايا من هنا لن ولن يتم اي فصل لنائب من المجلس والصحيح ان يتم حل هذا المجلس الذي يعتبر اسواء مجلس يشكل منذ ان استقلت الاردن
30-04-2013 02:03 PM
الى ابو العز
اسمح لي يا صديقي ان اقول لك انك ان صدقت ذلك فأنت .... لانه لايوجد نائب واحد يعمل لمصلحة الوطن والمواطن
30-04-2013 02:05 PM
فاهمين غلط
كيف توصفوا اسرائيل دولة معادية
شو اخبار معاهدة السلام
اصحوا يا نايمين
30-04-2013 03:14 PM
الى اللي فاهم غلط
اسم على مسمى ... ليكن معلوم لديك بأن المعاهده بين دوله وكيان وليس بين شعوب اما ان يذهب من يتشدق باسم فلسطين وحقوق اصحابها فهنا المشكله ... وقد اجد عذرا للقطري او السعودي او الاردني ولكن لا عذر لأي مواطن صاحب قضيه فما بالك بمن يمثلهم
30-04-2013 04:51 PM
مش فاهم غلط
الى تعليق 7
انا فاهم صح وكلامك موزون
بس اقرأ بين السطور
وبعدين ما في حدا بمثلنا صح هدول مفروضين علينا
30-04-2013 06:08 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات