طاغوت العرب


تكريسٌ ظاهرٌ وممنهجٌ، على كل الصُّعد، التي تتحكم فيها الأنظمة، عبر وسائل إعلامها، ومؤسساتها التعليمية قبلها، لقتل طاقات الشباب في هذه الأمة.
تعليمٌ نمطيٌ متخلفٌ وممل، وإعلام يسوقنا كالقطعان إلى بيت الطاعة،ويقهرنا على قبول جميع تُرَّهاتِهِ عن الزعيم الأوحد البطل، وإنجازاته المبهرة في كل شيء،وثقافة استهلاكية ركيكة، لا تتصل إلا بالتسمين والتسميم واستيعاب الجديد من القماش المزركش،والأثاث الوثير، والهواتف المرهفة الإحساس، والسيارات المرفهة.

وقمع للتدين بكل الأشكال، سواءً بالملاحقة وتفتيش الأذهان، والفحص بالأشعة عن أية نية مبيتة، للصحوة والنهوض ، أو بترسيخ مفاهيم تعادي الدين وتبطله،وتخلطه بالأديان الأخرى لتفقده تميزه، ثم تغلف كل ذلك الخلط بنصوص مشتبهة من الدين، ليصدق العامي أو على الأقل يقول بلسان حاله ومقاله( لا ندري إلى من نستمع) فمن لم تستطع قلعه من دينه، فلا أقل من تشتيته وإدخاله في حالة من الفصام .

تطلق الإم بي سي، الأكثرمشاهدة عربيا،برنامجا أو اثنين كل عام،مما يتعلق فقط بالمسابقات الغنائية، فتستجلب ألافواج من شباب الأمة المقهور، لتستخرج أصواتا جديدة تتحفنا بالغناء المترافق مع سائر المحرمات،ولو نظرنا فقط نظرة واقعية لحالنا، لبكينا من هذا الإذلال، الذي يتم جرنا إليه كالقطعان، فكل هذه "الأطنان "من المغنين والراقصين والتافهين لا تملأ عين هذه القناة ولا من يرعاها، فيستزيد من الشباب ولا يوجهه إلا إلى الطبلة والنغم، ويحشد لهذا كل جماهير الأمة، في وقت يملأ الدم المسفوح طرقاتنا وبيوتنا المهدمة، ومخيمات اللاجئين التي نتراكم فيها بلا كرامة ولا وطن، ضمن حرب صليبية رافضية جديدة تم الإعلان عنها بكل وضوح وصفاقة، في فلسطين، وسوريا والعراق، وأفغانستان، ومالي، والعُربان يصفِّقون، والشباب إلى الرقص والمجون يساقون.

إمعان في قتل شباب الأمة، ومحاولات حثيثة لتغريبهم، وخلعهم من جذورهم، وبالأخص ما يتعلق بدينهم، وعزلهم عن واقعهم، وإتلافهم بكل أنواع الشهوات في زمن الحرب، والجوع، والقمع ،والفقر، والدموع.
لا أردي ما معنى(أراب أيدول) ولم يقدم من سمَّى هذا البرنامج المُسمَّم الذي تروج له قناة (العربية) شرحاً لمعناه في نشراتها، ولكن ما توصلت إليه من إجابات عبر "جوجل" أنها تعني( صنم، وثن، طاغوت،معبود) فضع أي لفظ منها شئت أمام (عرب) لترى (معبود العرب، وصنم العرب، ووثن العرب، وطاغوت العرب) فمادام ما يعرضه البرنامج هو (معبود العرب) فسترضى كل قوى الكفر عن العرب ،هكذا يتم استدراج الأمة، لتردد على طريقة الببغاوات،أسماء ومفاهيم يدسُّها، بعض أبناء جلدتنا، ليمكروا بنا مكر السيِّء والذي سيحيق بهم وحدهم ،بإذن الله مادام في الأمة طاقات ستتفجر ألغاما لتنسف كل ما يمكرون، ثم تأتيهم من السماء شهباً تمحقهم، وتمحق ما يأفكون، لأن الله تبارك وتعالى هو من يرعى هذا الدين ولن يأذن أبدا أن يُعبد الشيطان، بأي شكل مدسوس، في أمة التوحيد.

وليت شعري هل نَفِدَتْ، طاقات شباب الأمة، إلا من الرقص والغناء، وهل نعاني فائضا كاسداً، إلا من هذه البضاعة التافهة، وربما قال قائلكم، إنهم يعرضون برنامجا يعنى بالمواهب! فهل وجدتموه يعرض إلا المواهب الفنية الإستعراضية.
ثم تعقد هذه القناة وأخواتها من قنوات الفتنة والتغريب، برامجَ حواريةً عن النهوض بالأمة، لا يقوم المتفذلكون فيها، إلا بانتقاد الدين على أنه العقبة في طريق النهضة،وكأن الدين هو من يحكم الامة! ويوجه إعلامها! وإن كان ثمة دين يرونه، فيتناسون أنه دين توجهه الأنظمة، فيقتطعون منه على ألسنة عمائم السوء، ما يكرسون من خلاله، وجوب طاعتها، وتحريم مجرد الاعتراض على مناهجهم في سياسة الناس، حتى وإن خالفت أصول الشرع، وهم يرونهم حضورا لا يغيبون عن موائد الأنظمة، ويوضع لأحدهم كرسيٌّ من دمقس ٍوإستبرق، ليخطب في الناس عن الأمن والأمان، وأنه فقط مبتغى الشارع من الشرع، وغاية الأرب لمن أراد الجنة،أما تحكيم شرع الله ومجاهدة أعداء الملة، فلاترى منهم له ذكرا ،وإن ذكرته أمامهم، فلايستطيعون له سمعا.

أمتنا مليئة بالطاقات الفاعلة من شباب يحاولون إغراقه في الملذات والتفاهات، وقد قام ثلة منهم ، متخفين عن أعين الأنظمة، بإذلال العدو الصائل، عسكرياً وتقنياً، فهاهم (قراصنتنا منذ أيام فقط أذلوا الصهاينة، وأربكوهم وشتتوا جمعهم، واخترقوا معاقلهم، ونشروا ما شفى صدورنا، على أخطر مواقعهم رغما عن أنوفهم،أَعْلامنا، وقضايانا، وقرآننا.

ولا يتسائل أحد لماذا لاتعقد (الإم بي سي) السعودية، برنامجا لاستخراج أحسن المهندسين، أو أحسن الأطباء، أو أحسن الصيادلة، أو أحسن مخترع عربي، لماذا لا يتم الحديث عن الزراعة المائية،على سبيل المثال، والتي تدرس لطلاب الابتدائية في اليابان،وتوفر أكثر من سبعين بالمئة،من مياه الري،في بلدان تعاني من شح المياه، وتتسول قمحها وأعلاف أنعامها من أمريكا-ولكن أنا أعلم لماذا- لان هذا الإعلام الموجه حكوميا، يريدنا أن نغني للذل وأن نطبل للتخلف، وأن نرقص على جراحنا، لكي ينتزع أدنى شعور بالمعاناة من الظلم لدينا، لنكون عبيداً هانئين بعبوديتنا.



تعليقات القراء

بلقاوي
صدقت في كل ما جئت به، جزاك الله خيراً..
29-04-2013 09:58 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات