حاجة الأردنيين للعمل تصطدم بضرورات السوريين الإنسانية


جراسا -

كتبت هبة العمري  - يستحوذ القلق على المواطن الاردني بسبب هيمنة العمالة السورية وحلولها مكان العمالة الاردنية، ما يخل بالبنية الاجتماعية و الديموغرافية والاقتصادية .

ويتوزع اللاجئون السوريون على محافظات المملكة لكن الاحصائيات تكشف أن العدد الأكبر من نصيب محافظة اربد حيث تجاوز عددهم الـ (150) الف لاجئ و لاجئة.

عدنان الحلو - 21 عاما- طالب جامعي كان يعمل في مطعم لإعانة نفسه على تأمين قسطه الجامعي كل فصل، ولكن مع الأعداد الهائلة من العمال السوريين "و تدني مستوى اجورهم (السوريون)، جعل من ادارة المطعم تعمل على تسريحه من عمله، حاله كحال الكثير من الأردنيين في محلات ومطاعم اخرى" حسب قوله.

ويضيف أن السوريين أثروا وبشكل كبير على فرص الأردنيين وارتفاع معدلات البطالة في شتى المجالات والقطاعات، فكان السوق يستوعب عدداً معيناً من الشباب الأردني، لكن مع دخول اللاجئين وخصوصاً اربد والمفرق على وجه التحديد وقبولهم لرواتب أقل من الرواتب المقدمة للأردنيين، إضافة الى تنوع مهارات العامل السوري، كلها أسباب أدت الى حلول العمالة السورية محل العمالة المحلية الاردنية.

أما محمد الراشد- 23 عاما- ويحمل شهادة بكالوريوس في ادارة الاعمال، مازال يبحث عن عمل منذ أن تخرج من الجامعة الا انه تفاجأ بكثرة وجود العمال السوريين في المحلات، وبالأخص محلات الالبسة وقطاع المطاعم، ما أثار استياءه.

يفسرهذا الاندفاع نحو العمالة السورية كون أجورهم قليلة، "وأقل بكثير من تلك التي حددتها وزارة العمل"، مطالباً الجهات المعنية تكثيف حملات الرقابة والتفتيش وضبط العمالة المخالفة، داعيا ً أرباب العمل الى اعطاء الفرصة و الأولوية في التعيين لأبناء الوطن.

لكن الظروف الصعبة الذي يعيشها اللاجئ السوري هي أحد الأسباب الرئيسية في تشغيله في متجره، كما يقول أبو رامي صاحب سوبر ماركت في شارع جامعة اليرموك، مبيناً في الوقت ذاته ان العمالة السورية تتقاضى رواتب أقل من العمال الأردنيين بنسبة النصف، حيث يطالب الأردنيون برواتب عالية مقابل ساعات عمل قليلة هذا ما جاء على العكس تماما للعمال السوريين.

أبو رامي يشغل 8 عمال سوريين بـ 10 ساعات عمل يومية بمعدل 150 دينارا للشهر.

يعاني الأردن بشكل كبير ومتواصل من الأحداث التي تمر بها سوريا، وبظروف غياب الرقابة عن الأيدي العاملة على أكمل وجه، الأمر الذي دفع إغراق السوق الاردنية بعمالة وافدة أصبحت منافسًا رئيسيًا وشديدا للاردنيين، تنافسهم في فرص العمل.

ظهر في الربع الأول لعام 2013 تقرير من دائرةِ الإحصاءاتِ العامة الاردنية يصف معدلّ البِطالةِ بأنه ارتفعَ إلى 12.8 % مقابلَ 11.4 % للفترةِ ذاتها من العامِ الماضي، وسجلت البطالة لفئة الذكور 11.1 % مقابل 20.5 % للإناثِ للربعِ الاول من العام الجاري.

وبسبب الأوضاع غير المستقرة في سوريا غزت أعداد كبيرة من السوريين سوق العمل الأردني ، حيث أصبحت العمالة السورية تحتل الكثير من المحلات والأسواق والمولات والتجارة الخاصة وغيرها.

أبو خالد- 45 سنة - ويعمل في محل ألبسة جاهزة ويعتمد على راتبه نهاية كل شهر للصرف على عائلته المكونة من 6 افراد، أبدى استيائه الشديد من أرباب العمل لتفضيلهم العمالة السورية على الوطنية وفتح المجال بطريقة كبيرة. ويطالب الجهات المعنية كوزارة العمل والضمان الاجتماعي وضع شروط وأحكام تنظم العمالة الوافدة والسورية على وجه التحديد، وعمل جولات تفقدية على الأسواق للتأكد من التزامها في هذه الاحكام، اضافة الى تحديد الحد الادني للأجور حتى للعامل الوافد، وإجبار أرباب العمل على توظيف عدد أو نسبة معينة من الشباب الأردني للحفاظ على فرص العمل للجميع والحد من ظاهرة البطالة ، مقابل هذا المد العمالي اللا محدود في ظل الظروف التي يعيشها الشعب السوري.

لهذا سرحت العامل الاردني
يقول صاحب مطعم يقدم وجبات سريعة، فضل عدم ذكر اسمه، إن مهارة العامل السوري وفن تجهيز الوجبات وأسلوب التعامل مع الزبون كلها عوامل مشتركه جعلتني أسرح العامل الأردني مقابل تشغيل أكثر من 17 عامل سوري، مبيناً أن الرواتب التي يقدمها عالية مع تأمين السكن بأماكن مريحة وقريبة من مكان العمل حيث وحسب قوله أقل راتب شهري يمنح لعامل التنظيفات 200 دينار و أعلى راتب يصل الـ 700 دينار للمعلم .

ويضيف "العامل الاردني يطلب راتباً عالياً ولا يقبل بأي وظيفة ولم أشعر بتحسن بالانتاجية ومعدل الربح بوجوده، عكس العمالة السورية التي أثرت وخلال فترة بسيطة على تزايد عائدات المطعم من حيث أعداد الزبائن التي من شأنها التأثير على معدل الارباح"، مبدياً ارتياحه الشديد للعمالة السورية ناصحاً الشاب الأردني بالتحرر من ثقافة العيب التي لطالما وقفت حاجزاً أمام الحصول على فرص عمل من شأنها ان تطوره مهنيا وعمليا.

لا نسفّر العامل السوري

مساعد مدير مكتب عمل اربد ساهر الجراح يؤكد تنظيم وبشكل يومي حملات تفتيشية من فريق مكون من 5 الى 6 مراقبين من مكاتب العمل لمتابعة أحوال العمالة الوافدة عامة والسورية بشكل خاص ومحاولة حصر أعدادها وأماكن تواجدها، حيث يقوم المراقبون بتقديم النصح والارشاد لأرباب العمل للقيام بتسوية اوضاع العمال وفي حالة تم ضبط مخالفات يتم انذارهم ومنحهم فترة اسبوع لتسوية اوضاعهم والا استبادلم بعمال اردنيين اذا توفروا.

ويضيف :"تم اعطاء فترة سماح شهرين من تاريخ 6/1 الى 6/3 الماضي لتصويب اوضاع العاملة الوافدة بشكل عام وبشكل طوعي وبعد هذه الفترة كان الاجراء مع العمال غير السوريين التسفير بشكل مباشر , اما العمال السوريين وبسبب الاوضاع بلادهم غير المستقرة كان يكتفى فقط بتوقيع تعهد من العامل نفسه بعدم العمل مره اخرى الا بعد الحصول على تصريح رسمي".

مبيناً في الوقت ذاته أنه ومن خلال هذه الحملات تبيّن تواجد العمال السوريين في شتى القطاعات ولكن بشكل غير متوازن حيث قطاع المطاعم ومحلات الألبسة كان لهم النصيب الأكبر من توزيعهم وبأجور متفاوتة.

ممنوعون .. ويعملون!

وقال مفتش عمل، فضل عن عدم ذكر اسمه، بأن العمال السوريين يجهلون مخالفاتهم للقانون بعملهم دون الحصول على تصريح عمل حسب القانون والاصول وكذلك بعض اصحاب العمل يجهلون خطورة توظيف مثل هذه الفئة بشكل مخالف للقانون.

فالسوريون يسمح لهم بالاقامة لكن دون العمل حسب نصوص القانون ويترتب على عملهم مخالفة قانون العمل الاردني وبالتحديد نص المادة 12 منه والتي تنص الفقرة _أ_ منها على انه "لا يجوز اسنخدام أي عامل غير اردني الا بموافقة الوزير أو من يفوضه، شريطة ان يتطلب العمل خبرة وكفاءة غير متوفرة لدى العمال الاردنيين او كان العدد المتوفر منهم لا يفي بالحاجة، وللوزير اصدار اي تعليمات يراها لازمة لتنظيم استخدام واستقدام العمال غير الاردنيين لغايات هذه المادة.

كما تنص الفقرة ب من نفس المادة على أنه "يجب أن يحصل العامل غير الأردني على تصريح عمل من الوزير أو من يفوضه قبل استقدامه أو استخدامه ولا يجوز أن تزيد مدة التصريح على سنة واحدة قابلة للتجديد.

وقال المحامي عبد الرحمن العمري أنه وعلى الرغم من فرض عقوبات على مخالفي قانون العمل الا أنها غير صارمة بالنسبة لاصحاب العمل.

فتنص الفقر (هـ) من المادة 12 على أنه "يعاقب صاحب العمل أو مدير المؤسسة حسب مقتضى الحال بغرامة لا تقل عن مئتي دينار ولا تزيد على خمسمائة دينار عن كل عامل غير أردني يستخدم بصورة تخالف أحكام هذا القانون، وتتضاعف هذه الغرامة في حالة التكرار ولا يجوز تخفيض هذه الغرامة عن حدها الأدنى في أي حالة من الحالات أو لأي سبب من الأسباب.

وقد تم ذكر هذه الحالات في الفقرة _و_ من المادة 12 من قانون العمل والتي تنص على انها تعتبر مخالفة لأحكام هذا القانون استخدام العامل غير الاردني في اي من الحالات التالية:استخدامه دون الحصول على تصريح عمل، استخدامه لدى صاحب عمل غير المصرح له بالعمل لديه مالم يكن حاصلا على اذن بذلك من الجهة المختصة بالوزارة، استخدامه في مهنة غير المهنة المصرح له العمل بها.

ويظهر قرار الحد الادنى لأجور العمال لسنة 2011 المنشور بالجريدة الرسمية رقم 5134 بتاريخ 31/12/2011 الصادر بموجب المادة 52 من قانون العمل الاردني الحد الأدنى للاجور في المملكة ويحدده بمائة وتسعين دينارا شهرياً، كما نصت الفقرة الثالثة من ذات القرار على أن لا يطبق الحد الأدنى المشار اليه اعلاه على العامل غير الاردني حيث يطبق عليه الحد الادنى للأجور المقرر في القرار السابق بتاريخ 16/11/2008.

ورغم تدني الحد الأدنى للأجور بالنسبة للعمال السوريين مقارنة بالعمال الاردني، الا أن العديد من العمالة السوريين يعملون بأجر أقل من الحد الأدنى المقرر لهم في القانون اضافة للعمل لساعات أطول، وذلك استغلالا لأوضاعم السياسية والاقتصادية بالاضافة الى عملهم بشكل غير قانوني.


وتقع مسؤولية المتابعة والتفتيش على انفاذ هذا القانون على عاتق مفتشي العمل في الوزارة المختصة، حسب نص المادة 7 من قانون العمل والتي نصت على أن تحدد مؤهلات مفتشي العمل ومهامهم وصلاحياتهم ومكاقآتهم كما تحدد التزامات صاحب العمل تجاههم بموجب انظمة تصدر لهذه الغاية.

وسبق لوزير العمل الدكتور نضال قطامين أن أكد أن فرص العمل غير كافية، كما أن مشكلة البطالة تتفاقم نتيجة للأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد الاردني ( ...) وإن الجهود التي تبذل حالياً وحسب الامكانات المتوفرة لا يمكن لها ضبط سوق العمل بأي حال الا بنسبة لا تزيد عن 50% من حجم العمالة الوافدة وأن الباقي منها يعمل بصورة مخالفة للقانون كونهم يقبلون العمل في شروط عمل واجور متدنية مقارنة بالظروف والشروط التي يقبل بها العامل الأردني.

من جهته دعا ناشط في العمل الاجتماعي فضل عن عدم ذكر اسمه ، الى ضبط سوق العمل الاردني بشكل أكبر وأكثر وعياً و فرض رقابة فاعلة على جميع المنشآت لخلق توزان بين الأفراد الأردنيين ولتشغيلهم بمصالح كل حسب رغبته للتخلص من البطالة وكسر ثقافة العيب، مقدراً قدر موقف الأردن الانساني مع مساعدة الأشقاء من اللاجئين السوريين وغيرهم الى حين انتهاء الازمة التي يعانون منها، داعياً الى النظر في أمور الأفراد الأردنيين بشكل أشمل وأوسع لتلاشي المشاكل والأوضاع السيئة التي من الممكن أن تحصل فيما بعد والأردن بغنى عنها.

أمام هذه الدعوات لضبط سوق العمل أمام السوريين بسبب تذمر الراغبين بالعمل من الاردنيين ، تظل الحكومة مطالبة بالمواءمة بين حاجات الاردنيين الطارئة وحاجات السوريين الانسانية، فهل تنجح؟

أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين





تعليقات القراء

عن تجربة
بدكم الصراحة ؟ العامل السوري يتعامل بشكل افضل مع الزبائن ، لطيف وطويل بال وهمه رضا الزبون، على عكس ولاد البلد كإنهم غاصبينهم على الشغل .
25-04-2013 05:14 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات