الأردن بين الهلالين: السني و الشيعي


* سعي امريكي حثيث للتلويح بفكرة تفعيل الحدود الأردنية.

لماذا تسعى الولايات المتحدة الى توظيف الحدود الأردنية؟

كتب الدكتور عامر السبايلة - يستغرب كثير من المراقبين السعي الأمريكي الحثيث للزج بالأردن في خضم الصراع في سوريا و رسم دور جديد له ضمن المسار التصعيدي الامريكي الأخير. هذه المحاولات ليست جديدة على الاطلاق, فطوال مسارات الأزمة السورية تعاظمت مثل هذه الأخبار و خفتت و فقاً لمسار التطورات السياسية و العسكرية على الأرض. المعلومات القادمة من دمشق تؤكد تفوق قوات الجيش السوري ميدانياً و فرضه لسيطرة محكمة على مناطق رئيسية و مفصلية كان قد خسرها سابقاً. على الصعيد الدبلوماسي, اظهرت اللياقة الدبلوماسية الروسية مرونة عالية تعاملت مع طبيعة الأزمة و تطوراتها. الرئيس بوتين نجح في اعادة لاعبين اوروبيين رئيسيين ( فرنسا- ألمانيا) الى منطقة الحياد الايجابي. بينما تسعى روسيا الان الى اختراق المنظومة العربية المعادية لسوريا, فجاء لقاء الرئيس المصري محمد مرسي بالرئيس الروسي في موسكو مؤخراً, و الحديث عن مساعدات روسية حقيقية لمصر. أما محور البريكس فاستطاع تفعيل دوره في مختلف المحطات الدولية من افريقيا الى اميركا الجنوبية. الحراك الدبلوماسي الروسي استمر ليتوج مؤخراً بزيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى اسطنبول و لقائه بالوزير التركي أحمد داوود أوغلو. الملفت للنظر أن هذه الزيارة تزامنت مع حدثين رئيسيين: الاول الحديث الامريكي عن ارسال قوات امريكية الى الأردن و الثاني اتهامات الرئيس الأسد للأردن بعدم السيطرة على حدوده.

تبديل جبهات التسخين الحدودية

بعد مرور سنتين على الأزمة السورية بدا واضحاً ان فكرة استثمار الحدود التركية من اجل فرض واقع "التغير في سوريا" لم يعد ممكناً. حتى آخر محاولات خلق شريط من المدن تحتضن حكومة الائتلاف (وفقاً لتوصيات دراسة قام بها السفير الامريكي السابق دينس روس) باءت بالفشل. بعد ذلك جاءت رسالة مناورات البحر الاسود التي أمر الرئيس بوتين باجرائها بصورة مفاجئة لتطلق صفارات الانذار التركية, تبعها فوراً ابطال محاولات تنفيذ اعمال ارهابية على الأرض التركية و اعتقال خلية ارهابية نسبت الى تنظيم القاعدة وفقاً لما اعلنت عنه السلطات التركية.

وزير الخارجية الروسي لافروف زار أنقرة على خلفية هذه التداعيات من جهة و انهاء الرئيس بوتين زيارته الى ألمانيا و ما رشح عن لقاء قمة الثمانية. الوزير الروسي حمل معه رسالة واضحة, تجميد الدور العدائي التركي مقابل علاقات تعاون و مكتسبات مادية و معنوية. اشارات القبول التركي ظهرت بسرعة, مما أوحى بأن تركيا بدأت تدرك خطر الابقاء على حدودها مفتوحة.

الحدود اللبنانية بدات هي الأخرى تشهد حالة من التهدئة. فرسائل التهدئة على الساحة اللبنانية بدأت مع منع استمرار فراغ السلطة عبر الزج برئيس وزراء توافقي و رسائل الانفتاح السعودي التي ترسل يومياً باتجاه قوى 8 اذار. انعكاس هذه السياسة بدأ واضحاً على الأوضاع في طرابلس في الشمال و الضبط الأخير لتصرفات أحمد الأسير.


اما الجبهة العراقية فقد شهدت محاولات للتفعيل المستمر انتهت مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الى بغداد قبل اسابيع و التي لم ينجح الأمريكيون بالحصول على اي موقف عراقي يتماهى مع التوظيفات الأمريكية, فكانت النتيجة الطبيعية استمرار حالات استهداف الداخل العراقي من قبل القوى المدعومة اقليمياً.

اذا منطقياً, التحولات الحاصلة على الجبهات الحدودية لسوريا تجعل من الجبهة الأردنية مفتاح تفعيل الأزمة السورية وفقاً للاستراتيجية الأمريكية التي تشعر بمرارة الخسارة الدبلوماسية في مواجهة موسكو. من هنا يرى البعض ان التصعيد الأمريكي هو نتيجة طبيعية لهذا التحول المرتبط بالعوامل التالية:

- طبيعة الانجازات العسكرية التي قامت بها المؤسسة العسكرية السورية مؤخرا و استعادتها لمفاتيح اللعبة في سوريا.
- الانجاز الدبلوماسي الروسي سواء بعزل لاعبين دوليين مهمين او بفتح خطوط مع محور الطوق السوري.
- تداعيات التصعيدات العسكرية الروسية في البحر الابيض المتوسط و البحر الاسود.
- التحولات الأخيرة في أفريقيا من مالي الى جمهورية وسط افريقيا و موزمبيق.
- الرد على التصعيد الكوري الشمالي الأخير و الذي يعتقد انه مدعوم من المحور الروسي الصيني.
- التلويح بتصعيد الأزمة السورية مع ضرورة ابقائها ضمن حدودها الجغرافية خصوصاُ مع ظهور بوادر فوضى ارهابية على الأرض الأمريكية.
- استثمار هذا التصعيد لفرض الرؤية الأمريكية لشكل تسوية الحل النهائي في المنطقة و هذا ما يفسر الحراك الدبلوماسي الامريكي الساعي لترتيب مسار الحل النهائي للقضية الفلسطينية.



الأردن: نقطة مواجهة بين الهلالين: "السني و الشيعي"

لم تأت تصريحات الرئيس السوري المتعلقة بالأردن من فراغ وفقاً لكثير من التقارير التي قدمت وقائع و بيانات تثبت صحة الرواية السورية. الحقيقة ان كثير من التفاصيل لم تكشف ايضاً عن التوظيفات الأمريكية الجديدة للمثلث الحدودي المشترك بين (الأردن, العراق و سوريا) و الذي تم تحديده سورياً و اكتشاف ممرات عبور و انفاق تستخدم لتهريب المسلحين و السلاح القادم من السعودية. الأهم ان السوريين استطاعوا رصد النشاط الاستخباري الأمريكي- الموسادي المنطلق من قاعدة أمريكية متاخمة لمنطقة التشابك الحدودي على الأرض الأردنية. هذا الواقع الجغرافي قد يقدم التفسيرات المنطقية وراء تعاظم الخطر على المنطقة الشرقية للعاصمة السورية دمشق.

الرؤية الأمريكية هذه لا تقف فقط عند تطورات الأزمة السورية, بل تسعى الى ايجاد منطقة عازلة بين سوريا و ايران. من هنا تأتي اهمية توظيفات الحدود الجغرافية الأردنية أمريكياً بحيث تكون الخط الفاصل بين ما يسمى الهلال السني و الهلال الشيعي وفقاً للرؤية الأمريكية. هذا ما يفسر فكرة توظيف حلفاء أميركا الخليجيين للتصعيد باتجاه تنحي الرئيس السوري و الابقاء على فكرة الانتقال السياسي. في هذا السياق, أفصحت مرجعية أردنية عليا مؤخراً ان الأردن فشل في اقناع السعوديين بعدم التشبث بفكرة تنحي الرئيس السوري بالرغم من الجهود الأردنية الحثيثة.


الأردن ,ضمن هذه المعادلة, يشكل حجر الزاوية في مثلث الحزام (السني – السني) الذي يشهد منافسات حثيثة في داخله بين الرؤية السعودية للحلف السني المكون من (كردستان,الأنبار القامشلي, الحسكة, تدمر, الحدود الأردنية و الضفة الغربية) و الرؤية القطرية التي تسعى لبناء حلف سني آخر مكون من (تركيا, مصر الاخوانية, حماس, الضفة الغربية و غزة). الحلف القطري يهدف ايضاً الى التفرد بصياغة شكل الحلول للقضية الفلسطينية عبر احلال قطر مكان سوريا في المعادلة الشرق أوسطية من اجل التفاوض مع "اسرائيل" باشراف تركيا. من هنا تاتي الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الى اسرائيل مروراً بغزة. الملفت أيضاً تلك المدائح التي كالها خالد مشعل مؤخراً لتركيا بعد قصة الاعتذار الاسرائيلي للاتراك. على صعيد آخر, يرصد كثير من المراقبين مؤخراً حجم المحاولات التركية لدخول الأردن عبر بوابة الاستثمارات الاقتصادية و التجارية.

الدولة الأردنية يجب ان تستعد لكل السيناريوهات المفترضة و أخطرها سيناريو الفوضى, خصوصاً في الحالات التي قد تحول الأردن الى طرف ثانوي في معادلة الأزمة, مقابل تصدر أطراف أخرى للمشهد سواء كانت أمريكية او سعودية او حتى منطقة الأنبار. مجمل المعطيات تشير الى ان المنطقة دخلت في سيناريو الاختراقات المتبادلة, فالاختراق الأردني للهلال السني يُظهر اهمية الدور الذي قد تلعبه المؤسسة العسكرية الأردنية و الذي قد ينطوي على اخطار وجودية حقيقية على الأردن في حال تم توظيفه امريكياً وفقاً لمنطق تطور أوضاع جغرافية مثلث "التشابك الحدودي السوري العراقي الأردني" ذو البعد الاقليمي السعودي و تطور شكل الأوضاع السياسية الأقليمية و ضغوطاتها. محاولات الاختراق من قبل "الهلالين" قد تتعدد في الايام القادمة و تاخذ صوراً مختلفة, بدءً من ايلات و محيطها وصولاً الى الساحات الاقليمية و العالمية.



تعليقات القراء

يزن
مش فاهم
23-04-2013 11:57 PM
الله محيي الجيش الحر
الله محيي الجيش الحرالله محيي الجيش الحرالله محيي الجيش الحرالله محيي الجيش الحرالله محيي الجيش الحرالله محيي الجيش الحرالله محيي الجيش الحر
24-04-2013 01:13 AM
أ- ق
2‏- واناكمان مش فاهم حاسس إنهاكلمات متقاطعة.
رد بواسطة أنا هسه فهمت
أنا بقول إنه المقال أعلاه بيحكي عن الأزمة السورية و الله أعلم !!!
24-04-2013 06:20 AM
بلا
والاردن لا سني ولا شيعي
24-04-2013 06:22 AM
أبو رامي
الأمريكان لا يعملون سوى لمصلحتهم ولا صديق لهم وسرعان ما يتخلون عنه وعلى الأردن أن تعى ذلك ولا تعمل إلا ما هو ضروري لمصلحتها ووجودها وأمنها ....... فكما قال الكاتب إن الوقاءع على الأرض تدل على تفوق الجيش السوري ومن الأفضل ألحفاظ على حياديتنا حمايه لمصالحنا
24-04-2013 06:28 AM
ما عم افهم !
نفسي افهم وين التقدم الخرافي الخرندعي الذي حققه الجيش السوري ...

الا اذا كان التقدم الوحيد هو ذبحه لما يزيد عن 400 مدني في منطقة في ريف دمشق لم يتواجد الجيش الحر فيها سوى لأسبوع واحد!!!

..........
رد بواسطة ابو رامي
الاخ المحترم يبدو انك لم تقرأ كامل المقال ......
24-04-2013 07:15 AM
أحمد الحويان
هذا الاردن قوي برجاله وقيادته وقواته المسلحة واجهزته الامنية وقد مر عليه عبر تاريخه الكثير من الحروب والهزات والفتن والمؤامرات ولكنه خرج منها دائماً معافى وبأقل الخسائر ولو كره المشككين .
24-04-2013 12:26 PM
تامر
الله ينصر الاسد ويذل دول الخليج دول التأمر الصهيونمريكي
اما امريكا واسرائيل فهم اعدائنا ولا جديد
24-04-2013 12:47 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات