معجزة لي كوان رئيس الوزراء السنغافوري


يدور حديث الشارع الأردني في هذه المرحلة الراهنة عن منح الثقة لرئيس الوزراء الأردني وحُكومته المشكلة من ثمانية عشر وزيراً والتي تعبر عن مدى حرص الرئيس الحالي على قضية ضبط النفقات، والتي قدرها أحد أعضاء مجلس البرلمان الأردني الحالي بأنها ستوفر وفراً على خزينة الدولة مليون دينار سنوياً ، بينما أشار بأن هذا اللوفر سيعيق ويبطئ عملية الإصلاح المتمثلة بدمج الوزارات الأردنية فأصبح الوزير يحمل حقيبتين بدلاً من تفرغه لحقيبة واحدة . 
بينما أشار بعض نواب البرلمان إلى قضية التركيبة الوزارية بأنها جاءت نتاج المحسوبية والواسطة ولم تنظر إلى أصحاب الخبرة والاختصاص في تسير أمور الدولة حسب ما تقضيه المصلحة الراهنة ، أعتقد بأن جهاز الأمن العام قد خسر الباشا حسين هزاع ألمجالي الرجل الذي أثبت وجوده كرجل أمن عام صاحب خبرة تعامل مع جميع الأوضاع الجارية في الشارع الأردني بمهنية عالية واحتراف .
هنالك العديد من القضايا الوطنية العالقة منذ سنوات عديدة بحاجة إلى خطوات جادة وهادفة وجريئة لمحاربة الفساد ووقف نزيف غلاء الأسعار الجنوني، معالجة الملف السوري وقضية اللاجئين ، وضع برامج وخطط لتحديات الراهنة والمستقبلية ، والتي أعتقد بأنها لن تتحقق إلا من خلال الانفتاح الاقتصادي كالتجربة السنغافورية في قضية بناء الإنسان والاهتمام بالتعليم في المقدمة..
إن الأسس التي اعتمدت عليها سنغافورة في تحقيق معجزتها اعتمدت أصلا على بناء الإنسان وقبله الاعتماد على القيم الحضارية والتاريخ والتقاليد ومن ثم الانطلاق الى الأخذ بمقومات بناء دولة حديثة لا تعرف حدودا للتطور.
إن ثمة مجموعة أسس يمكن الاعتماد عليها في توضيح هذه المعجزة أولها تبني نظام حازم لتحديد النسل حيث لم تتجاوز نسبة زيادة السكان 1.9% في 1970 و1.2% في 1980، مما جنب البلاد كارثة الانفجار السكاني التي تمثل عائقا مخيفا للتنمية.
لكن ما إن أصبح الاقتصاد السنغافوري في حاجة إلى مزيد من الأيدي العاملة المؤهلة حتى غيرت الدولة سياستها السكانية في الاتجاه المعاكس باعتماد برنامج جديد يهدف لتحفيز المواطنين لزيادة النسل، خصصت له ميزانية تقد بـ 300 مليون دولار، وهذا التغير في السياسة السكانية ناتج عن أن كل مولود جديد في مرحلة التخلف يعني عبئا على الاقتصاد، بينما في مرحلة النمو و التقدم ومع توفر الخدمات التعليمية و الصحية اللازمة للأطفال فان ذلك يجعل منهم ثروة بشرية تدفع بدورها عجلة الاقتصاد إلى الأمام.
أما الأساس الأهم فارتكز إلى سياسة تعميم التعليم وتحديثه باعتماد أفضل المناهج في العالم حيث تتصدر سنغافورة الأولمبياد الدولي في امتحانات المواد العلمية، بينما لم تستطع دولة عربية واحدة أن تكون من ضمن الـ 30 دولة الأولى في آخر النتائج المنشورة للتقييم الدولي للتقدم التعليمي في مادة الرياضيات على سبيل المثال .
واعتمدت المعجزة السنغافورية على أساس أخر لا يقل أهمية عن الأول والثاني حيث اعتمدت على بيروقراطية صغيرة الحجم ذات كفاءة عالية (قوامها حوالي 50 ألف موظف لا أكثر) وعلى درجة كبيرة من المهنية والتعليم والثقافة.
كما تم الاعتماد على أسس وظيفية تمثل نموذجا يمكن أن يدرس، من بينها إن التعيين في مختلف الوظائف يتم عبر مناظرات عامة مفتوحة للجميع بينما يحصل موظفو القطاع العام على رواتب تنافسية مثل القطاع الخاص إن لم يكن أعلى (200 ألف دولار راتباً سنوياً للوزير كمثال) إلى جانب الشفافية وانخفاض نسبة الفساد الإداري والمالي إلى حد إن سنغافورة تتصدر حاليا مؤشر الشفافية الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.
أعتقد بأننا إذا شمرنا عن سواعدنا واحتذينا حذو الدول التي كانت في القاع وخرجت إلى القمة سوف نصل ونحقق الآمال المنشودة والتي قام على صياغتها وترجمتها إلى أرض الواقع رجل واحد فقط هو رئيس الوزراء السنغافوري لي كوان .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات