عندما يتعلق الامر بالمواطنة


من منا لا يحب الوطن ومن منا لا يعرف معنى المواطنة الصادقة المتمثلة في الاخلاص والتفاني بالعمل والحفاظ على المقدرات والممتلكات العامة والخاصة ، ومن منا لا يحب الديموقراطية التي اصبحنا نتمتع من خلالها بكافة الحقوق وحرية الراي والراي الاخر.
انا لست ضد المسيرات الهادفة بل مع حرية الراي ومع الاعتصام المشروع ولكن أن تكون هذه المظاهر بعيدة عن تخريب المنشآت وتعطيل العمل واشاعة الفوضى وغيرها من موجات العنف والشرور التي تنأى عنها شريعتنا الاسلامية السمحة.
نعم ان اسلوب المظاهرات والمسيرات والاضرابات من مضامين النظام الديموقراطي والذي يعتبر ظاهرة صحية، الا ان المطالبة بتحصيل الحقوق او المطالبة بإصلاح ما او محاسبة شخص ما هو مسلسل لا يتوقف خصوصا مع وجود العديد من الفاسدين فالحاجة الا ذلك تبقى قائمة ، فشتان بين المحتجين الشرفاء وبين الذين يتحينون الفرص ويريدون قطف الثمار اليوم قبل غد اذ لا يهمهم بقاء هذه الشجرة من عدمها .
ما يحدث في اردننا الغالي نتيجة الزلزال الربيعي الذي اجتاح دول المنطقة ان بتنا نرى شيء غريب عن مجتمعنا، فكما اشرت فالمسيرات هي نهج ديموقراطي ولكن الملاحظ ان الاعتصامات في اردننا الحبيب اخذت منحى مغاير لما يحدث في
الدول الديموقراطية التي تتنامى فيها حرية الراي والتفكير، فتساؤلي هل اغلاق الدواوير واغلاق الشوارع التي هي معبر وسير الالاف المواطنين الى اماكن عملهم، واطلاق الشعارات التي تتجاوز الخطوط الحمراء دليل على المواطنة الصادقة؟ ام هل من باب التحدي لهيبة الدولة وكوادرها الامنية؟
فليعلم الجميع اننا جميعا شركاء في هذا الوطن ، والنظام ليس شخصا واحد او فرد وانما منظومة كبيرة وسلاسل متشابكة لأشخاص ومؤسسات، فهم جزء من هذا الوطن ولا يمكن اقصاؤهم ، او الاساءة اليهم.
لقد عشنا اثناء الدراسة في دول اوروبية وكنا نشاهد بأم أعيننا العديد من المسيرات والمظاهرات ولكن شتان بين هذا وبين ما يحدث عندنا ، كنا نشاهد مسيرة صامته تسير بهدوء بدون شعارات خارقة للقانون لها ممثل يتكلم نيابة عنها امام مبنى البرلمان ومقابل ذلك يرد عليهم بالإيجاب وتحقيق المطالب وكل يعود الى مكان عمله دون تخريب ولا تعطيل للسير ، فأقول متى سنصل الى هذه الثقافة الاجتماعية التي تنم عن مواطنة حقيقية لبلاد هؤلاء.
وسؤالي هل بات تعطيل مصالح الاغلبية من فئة قليلة اصبحت عندها حب المسيرات والتظاهرات هواية اكثر منها مطالب اصلاحية او حقوقية ؟
اقول مرة اخرى نعم للمسيرات الهادفة والسلمية التي تكون اجندتها وطنية هدفها الغيرة على مصالح هذا البلد لا أن تكون هناك توجهات سياسية خارجية وداخلية تقف وراء هذه الحراكات فهناك جهات هدفها توظيف هذه الحراكات لصالحها متخذين المثل القائل " اذا هبت رياحك فاغتنمها " فالإسلام يرفض النظرية الميكافيلية ( الغاية تبرر الوسيلة)
نعم مرة اخرى اقول ان المسيرات والاحتجاجات الهادفة هي صفة حضارية اذا ما كان مسارها سليم لذا يلزم علينا ان نكون على قدم الشعور بالمسؤولية اتجاه بلدنا الغالي وهذا ما اكد عليه جلالة الملك بانه يجب ممارسة النهج الديموقراطي بروح عالية من الشعور بالمسؤولية .
فالإصلاح مسلسل يجب ان لا يتوقف ،لان الحاجة اليه ستظل قائمة، ولكل لحظة تاريخية اصلاحات ضرورية، فدعاة اقتناص الفرص ،يتعاملون مع التاريخ بجمود وعدم الحركة، ويريدون قطف كل الثمار اليوم قبل الغد، ولا يهمهم بقاء الشجرة من عدمها كما اشرت في مقالي ، وهذا منطق اناني بعيد عن النظرة المستقبلية، فالوطن لنا ولأبنائنا من بعدنا، يجب ان نبنيه من اجلهم ايضا. والمواطنة هي جوهر الحفاظ على هذا الوطن .
ختاما اقول ان تجاوز المسيرات والاعتصامات حدود الثوابت الأردنية، بالإساءة للأجهزة الأمنية والمساس برموز الوطن وتعطيل الحياة العامة المرافق والأماكن الحيوية بدعوى المطالبة بالإصلاح شيء غير لائق بمجتمعنا الاردن فلنكن رحماء وانسانيون فيما بيننا نعمل على رقي وطننا وديمومة استقراره .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات