تشافيز .. رمز الدكتاتورية العادلة


ماذا سيروي لنا التاريخ عن الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز. تشافيز الذي أوجد حالة من الزعامة الجديدة في فنزويلا منذ استقلالها أكثر من 200 عام ليس زعيما عاديا حيث يعتبره البعض في مصاف أو في المرتبة الثانية بعد الزعيم التاريخي سيمون بوليفار الذي قاد معركة الاستقلال. وبغض النظر عما يراه شعبه المناصرون والمناوئون له، أو كيف يصنفه أصدقاؤه وأعداؤه بالخارج، فان للتاريخ روايته الخاصة بشأنه، فما عساها ان تكون؟ 

مع 


لقد عمل تشافيز لفقراء بلده الذين تجاوزت نسبتهم قبل ان يكون رئيسا بحدود %70 وتركهم بنسبة تقل عن %30 حيث استفاد حوالي 20 مليون من شعبه مما أطلق عليه ببرنامج مكافحة الفقر، ولقد أمم المصارف والبترول لتكون للشعب بدلا من ان تكون تحت إمرة وتصرف الأغنياء وخلال عقد واحد في حكمه صرف ما يزيد عن 770 مليار دولار لصالح شعبه حيث قام بتطوير الخدمات للمواطنين حيث قفز بنسبة الربط بشبكات الصرف الصحي من %62 قبل ان يصل للحكم وقفز بها الى 92 في عام 2007، ونجح في خفض نسبة السكان الذين يعانون من سوء التغذية من %21 قبل حكمه الى %6 من خلال برامج التغذية المجانية لـ5 ملايين نسمه وانشاء 6 آلاف مطبخ لتقديم الوجبات المجانية لنحو مليون مواطن، وفر فرص العمل فانخفضت نسبة البطالة التي كانت تزيد عن %16 قبل ان ينتخب الى حد %6 تقريبا، لقد بنى الجامعات التي كانت بعدد أصابع اليد لتكون 40 جامعة، كما قام ببناء مليون وحدة سكنية خلال فترة حكمه. في ظل التضييق الاقتصادي الذي مارسته عليه بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الرغم من انخفاض تصدير النفط خلال عهده، الا انه زاد الرواتب وتضاعف عدد المستفيدين من الرواتب لكبار السن الى ما يزيد عن 2 مليون بعدما كانوا في حدود 400 ألف، لقد استطاع ان يحول الاقتصاد الفنزويلي المتخلف ليحتل المكانة الخامسة على مستوى دول أمريكا اللاتينية، إبان الفترة الأولى من حكمة بعد توليه الرئاسة في عام 1999 الى عام 2007 أوصل بلده في مؤشر التنمية البشرية للمرتبة 58 على دول العالم الـ182.

 

لقد ترجم تشافيز شعاراته في مناصرة الحق ومناهضة الباطل حسب قناعته حتى لو لم يجني الفوائد السياسية، لذلك فقد كان أكبر زعيم في الأمريكيتين ممن ناصروا الحق الفلسطيني والعربي وظل صامدا ضد اسرائيل التي كانت تصنع حبائل الشر في بلده لاسقاطه. ان هذه البيانات والنسب والمعلومات الرقمية التي صادقت عليها الهيئات الدولية والاقتصادية والتنموية والتي رأتها العين ولم تقتصر على السمع فقط هي حقائق دامغه تتحدث عن نفسها. هكذا عاش تشافيز رئيسا للفقراء والمعدمين من شعبه، ولم يرفع شعارات براقة كالكثيرين من الزعماء في العالم. لقد ضرب تشافيز مثلا صادقا وناجحا لدول أمريكا اللاتينية بأنه يستطيع ان يخرج عن جلباب الثوب الأمريكي ومغريات النخب الغنية. هكذا سيكتب التاريخ سيرة تشافيز بحروف محفورة على الصخر وليس على الأوراق المخملية.

ضد

ان لهذه البيانات قراءات أخرى، فيكفي القول بأنها مضللة كشعارات تشافيز الذي أتى عبر الديموقراطية فعزز دكتاتوريته وناصر الدكتاتوريين في العالم. لقد حاول ونجح الى حد ما ان يدخل من باب الديموقراطية لتعزيز سلطاته وخرق لحقوق الانسان مثلما عبرت عنه هيومن رايت وتش حيث سيطر على الاعلام وأصدر قانونا للتعيين والتحكم في القضاة والمحاكم العليا ويلاحق الصحافيين المنتقدين له بشكل غير مسبوق. يقول أحد التقارير المتصلة بحقوق الانسان ان بعض المحطات والقنوات الاعلامية تتعرض للمضايقات والقمع لمجرد النقد مثل محطة «آر سي تي في» التلفزيونية والتي تعتبر الأقدم في فنزويلا، فبعد بثها «لمقطع فيديو عن وزير طاقة تشافيز وهو يقول لموظفيه في شركة نفط وطنية ان يتركوا وظائفهم ان لم يدعموا الرئيس، حذر تشافيز القناة علناً وغيرها من القنوات من أنهم قد يفقدون رخص البث التلفزيوني... في الشهر التالي، أعلن الرئيس قرارا بأن القناة لم تعد «مقبولة» على موجات الأثير العامة بعد نفاد مدة ترخيصها في العام التالي».

 

هكذا واجهت نفس المصير قناة بعد ان قامت قناة غلوبوفيجن بعد ان قامت بتوفير تغطية موسعة لأعمال الشغب في السجون في يونيو 2011 اقتصاديا، سبح تشافيز ضد التيار حينما تبنى النهج الاشتراكي متوهما بأنه سيصل للبر بأمان. لقد قام وفق نهجه الاشتراكي الذي أثبت فشله بتأميم الشركات الخدمية والمصارف والنفط وبسط سطوة الحكومة عليها وأخذ يوزع المنافع دون خطط وبرامج. هذه الحالة الاقتصادية دون شك ستوجد تقدما في بعض المؤشرات لكنها وعلى الأمد البعيد ستنعكس بشكل سلبي كبير وستدمر الاقتصاد الفنزويلي خاصة لو حدث شيء في أسواق النفط. كما استطاع تشافيز ان يستغل الصعود الكبير لأسعار النفط في صرف مدخولاته على مشاريع استهلاكية قصيرة الأجل مبذرا دخل وطنه من أجل اعادة انتخابه من الطبقات الشعبية الفقيرة وغير المنتجة متشابها مع ما نطلق عليه بنواب الخدمات الذين لا يهمهم التنمية البعيدة الأمد بل يتصرفون تحت تأثير القول «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب». سياسيا، عبر سيطرته على الأغلبية في البرلمان بعد مقاطعة المعارضة للانتخابات في عام 2005 استطاع ان ينتزع قانون يمنحه سلطات قانونية لمدة العام ونصف العام دون مراجعة السلطة التشريعية. اجتماعيا وأمنيا، لقد أوجد تشافيز حالة من التفكك الاجتماعي بين الفقراء والأغنياء. كما ازدادت حالات الجريمة بشكل ملحوظ إبان حكمه بنحو يزيد عن %400 حتى بلغ عدد جرائم القتل أكثر مما هي في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي مجتمعة مشيرة بدلاله على انعدام الأمن وزيادة العنف الاجتماعي والجنائي. هذه هي رواية تشافيز الحقيقية كما سيرويها التاريخ.



تعليقات القراء

عاطف المناصير
الكاتبة د كاترين اعتقد جازما ان المقال مليء بالتناقض الصارخ فعند الشروع بالقراءة تعتقد ان تشافيز هو افضل من سيمون بوليفار وعند نهاية المقال تنغمين بالفجوة الخارقة التى اوجدها تشافيز بين الفقراء والاغنياء وكثره الجريمة الى 400 بالمائة

لكن الشيء المهم الذى حققه تشاغيز هو قوة الارادة السياسية وحضورة بشكل لافت للنظر في ميادين السياسة الدولة وتبنية كشف المكياج السياسي الامريكي السلطوى القمعي



نلتقط من حياة تشافيز رسائل قوية ان العالم ممكن ان يتغير للافضل ويبقى البشر عاجزون عن تحقيق التنمية والنهضة الشاملة كونهم رضوا بحكم البشر على حكم خالق البشر



ودمتى بحفظ الله ورعايته ولا فض الله فوك



11-03-2013 08:44 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات