ايهاب سلامة - الاداء البارد لكتلة الاصلاح النيابية المحسوبة على 'الاخوان المسلمين' في مجلس النواب الثامن عشر، طيلة ما يقرب من سبعة أشهر على انعقاده، قد يكون 'منطقيا'، سيما وأنهم لم يشاركوا في الانتخابات وفق توقيت ساعتهم .. بل ربما وجدوا أنفسهم مرغمين على المشاركة، بعد أن اوصدت كل الابواب بوجههم، وسيقوا عنوة لبوابة برلمان العبدلي، لمنح المشهد الديمقراطي شرعية أكبر بوجود المعارضة فيه من ناحية، وتحميلهم حصّة من تبعات القرار السياسي والاقتصادي من ناحية ثانية، وإبعادهم عن النأي بأنفسهم دون تحمل المسؤولية، وإسكاتهم عن القاء اللوم على 'السلطة' وقراراتها، كي 'لا تعايرني ولا اعايرك' !.
موجات من الضغوط المهولة خارجياً وداخلياً واجهها الاسلامييون قبيل فترة الانتخابات البرلمانية أجبرتهم على الرضوخ كرهًا.. وصلت ذروتها أن أصبحت شرعيتهم القانونية على المحك، وبات كيانهم على كفة ميزان، ولجوئهم للمشاركة في اللعبة ذاتها على الكفة الاخرى، يتمخض عنها شرعنة كيانهم المهدد، عبر صناديق الاقتراع لا أروقة المحاكم، في وقت تم فيه تجهيز ورثتهم وهم أحياء يرزقون ومن أصلابهم، ورخّصت 'جمعية' الاخوان بديلاً عن 'جماعة الاخوان' التي شُكّلت بسرعة الضوء مثلما تلاشت لاحقًا، ولوّح بها أمام أعينهم، وتموضعت لتسلم مقاليد 'الاخوة' وأصولهم المالية ومقراتهم، وبسلطة القانون .. فلم يكن أمام الجماعة من بدّ سوى المشاركة في انتخابات لم يكن توقيت رياحها مناسبا لأشرعتهم ، لا ولا هم مهيئون لها مرحليًا، سيما مع ظرف التنظيم العالمي الذي كان في اسوأ أزمنته، وكذا حالة تشظيهم داخلياً، بخروج 'مبادرة زمزم' التي انبثق عنها 'حزب المؤتمر الوطني' عن بيت طاعتهم، لتأسيس حزب 'الشراكة والإنقاذ' المنبثق عن لجنة حكمائهم، إضافة لجمعية أخوان الذنيبات المرخصة، لشخصيات مستقلة أخرى باتت تغرد خارج سربهم، كما كانوا يرزحون أيضًا تحت وطأة تباينات تياري ' الصقور والحمائم' اللذين طفى خلافهما على السطح حول 'أردنة الجماعة' من علمنتها، وتبعيتها للتنظيم العالمي أم سلخها عنه، لطروحات الاصلاحات الداخلية، للأختلاف على طبيعة العلاقة مع حركة حماس، وغيرها.
العاصفة الداخلية التي كانت تواجه الاسلاميين قبيل اذعانهم بالمشاركة البرلمانية، سبقها بوقت قليل اعصار خارجي آخر ضرب سفينتهم الأم، بانقلاب عسكري على أعتى قوة مركزية لهم تمكنت من الوصول الى سدة حكم أكبر دولة عربية، والاطاحة برئيسها المنتخب محمد مرسي، ما بدد مساحة كبيرة من أحلام وطموحات أفرع التنظيم وأطرافه في ارجاء المعمورة، وتأثرت تباعاً كاحجار الدومينو، بعد أن وصلت رشفة الماء المنتظرة منذ عشرينيات القرن الماضي للثغر المتعطش، لتواجه أيضاً خطر عاصفة ثالثة كانت تهدف للأجهاز على الاخوة في شتى البقاع، عقب اعلان الولايات المتحدة نيتها ادراج الجماعة في قائمة التنظيمات الارهابية، ما يعني أردنياً لو تم الامر، فان الدولة ستجد نفسها في مأزق كبير، يقضي بالتعاطي مع أقدم الأطر السياسية المحلية المحافظة على توازناتها معها، إما بالتصادم مع القرار الامريكي الذي كان سيأخذ صبغة دولية ملزمة للدولة الاردنية لاحقًا، وهو قرار لا يمكن تحمل تبعاته.. أو بالتصادم مع الاسلاميين داخليًا، وله أيضًا تبعات أخطر، ربما كان سيفضي لحملات اعتقال وسجن ومنع سفر وحجز اموال واغلاق مقرات وحل جمعيات ومؤسسات وبنوك تابعة للتنظيم وغيرها، مثلما كان سيناريو التصعيد المفترض معرض للانتقال الى الشارع ، تحت وقع ظروف إقليمية كارثية محيطة، وأخرى اقتصادية داخلية معقدة، فلم يكن من بديل سوى اللجوء الى 'خيار ثالث'، كمخرج من فكي الكماشة، بادخال الاسلاميين أو دخولهم في اللعبة الديمقراطية، غربية المنشأ اصلاً، وفي ذات السلة أيضاً، تتمكن الدولة من ضبط حركتهم بما يتناغم مع ايقاعها !.
الاسلامييون المربكون المشوشون داخليًا، أدركوا خطورة القرار الملوّح به خارجيًا، والذي قدمه المشرعون الامريكيون للكونجرس خمس مرات متتالية، بما في ذلك مصادقة اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكي مطلع العام المنصرم على تصنيف الاخوان كـ'تنظيم ارهابي'، الامر الذي زاد من طينتهم بلة، فانساقوا زُمرًا الى اللعبة مكرهين وهم يدركون تمامًا أن ليس بجعبتهم سحرُ ساحر ليغيروا من الواقع الداخلي المأزوم بمشاركتهم المتواضعة في الحياة السياسية، ويدركوا جيداً حجم الامال الشعبية الكبيرة التي تعلق بهم دومًا، مثلما يدركوا حجم الخيبات الكبيرة دونها !.
صنوف الضغوط التي رزحت تحتها الجماعة، دفعتها دون أدنى شك للمشاركة عنوة، والتعاطي مع قانون انتخابي أرغمهم على استقطاب تحالفات من خارج التنظيم، تكفل استكمال قوائمهم الانتخابية، فوصل 14 نائباً منهم فقط، وممن هم محسوبون عليهم، للمجلس الثامن عشر، في تمثيل نيابي لا يمكن له أن يكون مرضياً لهم، ولا مؤثراً وفق حسابات اللعبة البرلمانية، ولا يتعدى سوى منحهم صفة 'التواجد' ومهمة اصدار البيانات والتصريحات، ورفع الايادي قليلة العدد، وسط برلمان يعج بالايادي الراكدة ..
وبالنظر الى الصورة الكبيرة لهدف الاسلاميين الاسمى بالاساس، وطموحهم الأكبر، فهو لا يتحقق وفق منظورهم بمشاركة متواضعة في 'سلطة تشريع وضعية' بتاتاً، ولا تسعى عقيدتهم السياسية والعقدية واستراتيجيهم الأبعد لمشاركة قطعة من الكعكة، خاصة وهم الذين يحملون مشروعاً سياسياً أممياً عقدياً ، يفترض أن ترضخ دونه كل المشاريع السياسية الوضعية..
الجماعة التي شاركت في عدد من البرلمانات السابقة .. واكتووا بنارها .. وحمِّلوا وزر قراراتها، ومررت بوجودهم فيها اتفاقية وادي عربة المشؤومة، وتحملوا لوم اللائمين، وشماتة الشامتين، مثلما مروا مرور الكرام في برلمانات ثانية، لم يكن لهم فيها من حضور كثير، ولا تأثير كبير على القرار، الامر الذي لا يلبي طموحهم بشكل مؤكد، ولا يحقق مشروعهم السياسي الساعي للحصول على الكعكة كلها !.
وعليه، هل يمكن القول أن أداء حركة الاصلاح النيابية البارد والمستكين، طبيعي ومنطقي؟.. بل قد يقول قائل: هل هم معنيون أساساً بانجاح البرلمان الثامن عشر ورفع أسهمه في سوق الشارع النافر وتلميعه ونوابه على ظهورهم ؟، وهل يا ترى يحفلون بتغيير الصورة النمطية السيئة عنه ؟، وما الذي سيجنونه من رفع منسوب ادائهم وتاثيرهم النيابي غير الحصرم، وهم يرون غيرهم يجنى العنب !؟ ..
ربما هم غير معنيون بالأمر بتاتًا !؟
ايهاب سلامة - الاداء البارد لكتلة الاصلاح النيابية المحسوبة على 'الاخوان المسلمين' في مجلس النواب الثامن عشر، طيلة ما يقرب من سبعة أشهر على انعقاده، قد يكون 'منطقيا'، سيما وأنهم لم يشاركوا في الانتخابات وفق توقيت ساعتهم .. بل ربما وجدوا أنفسهم مرغمين على المشاركة، بعد أن اوصدت كل الابواب بوجههم، وسيقوا عنوة لبوابة برلمان العبدلي، لمنح المشهد الديمقراطي شرعية أكبر بوجود المعارضة فيه من ناحية، وتحميلهم حصّة من تبعات القرار السياسي والاقتصادي من ناحية ثانية، وإبعادهم عن النأي بأنفسهم دون تحمل المسؤولية، وإسكاتهم عن القاء اللوم على 'السلطة' وقراراتها، كي 'لا تعايرني ولا اعايرك' !.
موجات من الضغوط المهولة خارجياً وداخلياً واجهها الاسلامييون قبيل فترة الانتخابات البرلمانية أجبرتهم على الرضوخ كرهًا.. وصلت ذروتها أن أصبحت شرعيتهم القانونية على المحك، وبات كيانهم على كفة ميزان، ولجوئهم للمشاركة في اللعبة ذاتها على الكفة الاخرى، يتمخض عنها شرعنة كيانهم المهدد، عبر صناديق الاقتراع لا أروقة المحاكم، في وقت تم فيه تجهيز ورثتهم وهم أحياء يرزقون ومن أصلابهم، ورخّصت 'جمعية' الاخوان بديلاً عن 'جماعة الاخوان' التي شُكّلت بسرعة الضوء مثلما تلاشت لاحقًا، ولوّح بها أمام أعينهم، وتموضعت لتسلم مقاليد 'الاخوة' وأصولهم المالية ومقراتهم، وبسلطة القانون .. فلم يكن أمام الجماعة من بدّ سوى المشاركة في انتخابات لم يكن توقيت رياحها مناسبا لأشرعتهم ، لا ولا هم مهيئون لها مرحليًا، سيما مع ظرف التنظيم العالمي الذي كان في اسوأ أزمنته، وكذا حالة تشظيهم داخلياً، بخروج 'مبادرة زمزم' التي انبثق عنها 'حزب المؤتمر الوطني' عن بيت طاعتهم، لتأسيس حزب 'الشراكة والإنقاذ' المنبثق عن لجنة حكمائهم، إضافة لجمعية أخوان الذنيبات المرخصة، لشخصيات مستقلة أخرى باتت تغرد خارج سربهم، كما كانوا يرزحون أيضًا تحت وطأة تباينات تياري ' الصقور والحمائم' اللذين طفى خلافهما على السطح حول 'أردنة الجماعة' من علمنتها، وتبعيتها للتنظيم العالمي أم سلخها عنه، لطروحات الاصلاحات الداخلية، للأختلاف على طبيعة العلاقة مع حركة حماس، وغيرها.
العاصفة الداخلية التي كانت تواجه الاسلاميين قبيل اذعانهم بالمشاركة البرلمانية، سبقها بوقت قليل اعصار خارجي آخر ضرب سفينتهم الأم، بانقلاب عسكري على أعتى قوة مركزية لهم تمكنت من الوصول الى سدة حكم أكبر دولة عربية، والاطاحة برئيسها المنتخب محمد مرسي، ما بدد مساحة كبيرة من أحلام وطموحات أفرع التنظيم وأطرافه في ارجاء المعمورة، وتأثرت تباعاً كاحجار الدومينو، بعد أن وصلت رشفة الماء المنتظرة منذ عشرينيات القرن الماضي للثغر المتعطش، لتواجه أيضاً خطر عاصفة ثالثة كانت تهدف للأجهاز على الاخوة في شتى البقاع، عقب اعلان الولايات المتحدة نيتها ادراج الجماعة في قائمة التنظيمات الارهابية، ما يعني أردنياً لو تم الامر، فان الدولة ستجد نفسها في مأزق كبير، يقضي بالتعاطي مع أقدم الأطر السياسية المحلية المحافظة على توازناتها معها، إما بالتصادم مع القرار الامريكي الذي كان سيأخذ صبغة دولية ملزمة للدولة الاردنية لاحقًا، وهو قرار لا يمكن تحمل تبعاته.. أو بالتصادم مع الاسلاميين داخليًا، وله أيضًا تبعات أخطر، ربما كان سيفضي لحملات اعتقال وسجن ومنع سفر وحجز اموال واغلاق مقرات وحل جمعيات ومؤسسات وبنوك تابعة للتنظيم وغيرها، مثلما كان سيناريو التصعيد المفترض معرض للانتقال الى الشارع ، تحت وقع ظروف إقليمية كارثية محيطة، وأخرى اقتصادية داخلية معقدة، فلم يكن من بديل سوى اللجوء الى 'خيار ثالث'، كمخرج من فكي الكماشة، بادخال الاسلاميين أو دخولهم في اللعبة الديمقراطية، غربية المنشأ اصلاً، وفي ذات السلة أيضاً، تتمكن الدولة من ضبط حركتهم بما يتناغم مع ايقاعها !.
الاسلامييون المربكون المشوشون داخليًا، أدركوا خطورة القرار الملوّح به خارجيًا، والذي قدمه المشرعون الامريكيون للكونجرس خمس مرات متتالية، بما في ذلك مصادقة اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكي مطلع العام المنصرم على تصنيف الاخوان كـ'تنظيم ارهابي'، الامر الذي زاد من طينتهم بلة، فانساقوا زُمرًا الى اللعبة مكرهين وهم يدركون تمامًا أن ليس بجعبتهم سحرُ ساحر ليغيروا من الواقع الداخلي المأزوم بمشاركتهم المتواضعة في الحياة السياسية، ويدركوا جيداً حجم الامال الشعبية الكبيرة التي تعلق بهم دومًا، مثلما يدركوا حجم الخيبات الكبيرة دونها !.
صنوف الضغوط التي رزحت تحتها الجماعة، دفعتها دون أدنى شك للمشاركة عنوة، والتعاطي مع قانون انتخابي أرغمهم على استقطاب تحالفات من خارج التنظيم، تكفل استكمال قوائمهم الانتخابية، فوصل 14 نائباً منهم فقط، وممن هم محسوبون عليهم، للمجلس الثامن عشر، في تمثيل نيابي لا يمكن له أن يكون مرضياً لهم، ولا مؤثراً وفق حسابات اللعبة البرلمانية، ولا يتعدى سوى منحهم صفة 'التواجد' ومهمة اصدار البيانات والتصريحات، ورفع الايادي قليلة العدد، وسط برلمان يعج بالايادي الراكدة ..
وبالنظر الى الصورة الكبيرة لهدف الاسلاميين الاسمى بالاساس، وطموحهم الأكبر، فهو لا يتحقق وفق منظورهم بمشاركة متواضعة في 'سلطة تشريع وضعية' بتاتاً، ولا تسعى عقيدتهم السياسية والعقدية واستراتيجيهم الأبعد لمشاركة قطعة من الكعكة، خاصة وهم الذين يحملون مشروعاً سياسياً أممياً عقدياً ، يفترض أن ترضخ دونه كل المشاريع السياسية الوضعية..
الجماعة التي شاركت في عدد من البرلمانات السابقة .. واكتووا بنارها .. وحمِّلوا وزر قراراتها، ومررت بوجودهم فيها اتفاقية وادي عربة المشؤومة، وتحملوا لوم اللائمين، وشماتة الشامتين، مثلما مروا مرور الكرام في برلمانات ثانية، لم يكن لهم فيها من حضور كثير، ولا تأثير كبير على القرار، الامر الذي لا يلبي طموحهم بشكل مؤكد، ولا يحقق مشروعهم السياسي الساعي للحصول على الكعكة كلها !.
وعليه، هل يمكن القول أن أداء حركة الاصلاح النيابية البارد والمستكين، طبيعي ومنطقي؟.. بل قد يقول قائل: هل هم معنيون أساساً بانجاح البرلمان الثامن عشر ورفع أسهمه في سوق الشارع النافر وتلميعه ونوابه على ظهورهم ؟، وهل يا ترى يحفلون بتغيير الصورة النمطية السيئة عنه ؟، وما الذي سيجنونه من رفع منسوب ادائهم وتاثيرهم النيابي غير الحصرم، وهم يرون غيرهم يجنى العنب !؟ ..
ربما هم غير معنيون بالأمر بتاتًا !؟
ايهاب سلامة - الاداء البارد لكتلة الاصلاح النيابية المحسوبة على 'الاخوان المسلمين' في مجلس النواب الثامن عشر، طيلة ما يقرب من سبعة أشهر على انعقاده، قد يكون 'منطقيا'، سيما وأنهم لم يشاركوا في الانتخابات وفق توقيت ساعتهم .. بل ربما وجدوا أنفسهم مرغمين على المشاركة، بعد أن اوصدت كل الابواب بوجههم، وسيقوا عنوة لبوابة برلمان العبدلي، لمنح المشهد الديمقراطي شرعية أكبر بوجود المعارضة فيه من ناحية، وتحميلهم حصّة من تبعات القرار السياسي والاقتصادي من ناحية ثانية، وإبعادهم عن النأي بأنفسهم دون تحمل المسؤولية، وإسكاتهم عن القاء اللوم على 'السلطة' وقراراتها، كي 'لا تعايرني ولا اعايرك' !.
موجات من الضغوط المهولة خارجياً وداخلياً واجهها الاسلامييون قبيل فترة الانتخابات البرلمانية أجبرتهم على الرضوخ كرهًا.. وصلت ذروتها أن أصبحت شرعيتهم القانونية على المحك، وبات كيانهم على كفة ميزان، ولجوئهم للمشاركة في اللعبة ذاتها على الكفة الاخرى، يتمخض عنها شرعنة كيانهم المهدد، عبر صناديق الاقتراع لا أروقة المحاكم، في وقت تم فيه تجهيز ورثتهم وهم أحياء يرزقون ومن أصلابهم، ورخّصت 'جمعية' الاخوان بديلاً عن 'جماعة الاخوان' التي شُكّلت بسرعة الضوء مثلما تلاشت لاحقًا، ولوّح بها أمام أعينهم، وتموضعت لتسلم مقاليد 'الاخوة' وأصولهم المالية ومقراتهم، وبسلطة القانون .. فلم يكن أمام الجماعة من بدّ سوى المشاركة في انتخابات لم يكن توقيت رياحها مناسبا لأشرعتهم ، لا ولا هم مهيئون لها مرحليًا، سيما مع ظرف التنظيم العالمي الذي كان في اسوأ أزمنته، وكذا حالة تشظيهم داخلياً، بخروج 'مبادرة زمزم' التي انبثق عنها 'حزب المؤتمر الوطني' عن بيت طاعتهم، لتأسيس حزب 'الشراكة والإنقاذ' المنبثق عن لجنة حكمائهم، إضافة لجمعية أخوان الذنيبات المرخصة، لشخصيات مستقلة أخرى باتت تغرد خارج سربهم، كما كانوا يرزحون أيضًا تحت وطأة تباينات تياري ' الصقور والحمائم' اللذين طفى خلافهما على السطح حول 'أردنة الجماعة' من علمنتها، وتبعيتها للتنظيم العالمي أم سلخها عنه، لطروحات الاصلاحات الداخلية، للأختلاف على طبيعة العلاقة مع حركة حماس، وغيرها.
العاصفة الداخلية التي كانت تواجه الاسلاميين قبيل اذعانهم بالمشاركة البرلمانية، سبقها بوقت قليل اعصار خارجي آخر ضرب سفينتهم الأم، بانقلاب عسكري على أعتى قوة مركزية لهم تمكنت من الوصول الى سدة حكم أكبر دولة عربية، والاطاحة برئيسها المنتخب محمد مرسي، ما بدد مساحة كبيرة من أحلام وطموحات أفرع التنظيم وأطرافه في ارجاء المعمورة، وتأثرت تباعاً كاحجار الدومينو، بعد أن وصلت رشفة الماء المنتظرة منذ عشرينيات القرن الماضي للثغر المتعطش، لتواجه أيضاً خطر عاصفة ثالثة كانت تهدف للأجهاز على الاخوة في شتى البقاع، عقب اعلان الولايات المتحدة نيتها ادراج الجماعة في قائمة التنظيمات الارهابية، ما يعني أردنياً لو تم الامر، فان الدولة ستجد نفسها في مأزق كبير، يقضي بالتعاطي مع أقدم الأطر السياسية المحلية المحافظة على توازناتها معها، إما بالتصادم مع القرار الامريكي الذي كان سيأخذ صبغة دولية ملزمة للدولة الاردنية لاحقًا، وهو قرار لا يمكن تحمل تبعاته.. أو بالتصادم مع الاسلاميين داخليًا، وله أيضًا تبعات أخطر، ربما كان سيفضي لحملات اعتقال وسجن ومنع سفر وحجز اموال واغلاق مقرات وحل جمعيات ومؤسسات وبنوك تابعة للتنظيم وغيرها، مثلما كان سيناريو التصعيد المفترض معرض للانتقال الى الشارع ، تحت وقع ظروف إقليمية كارثية محيطة، وأخرى اقتصادية داخلية معقدة، فلم يكن من بديل سوى اللجوء الى 'خيار ثالث'، كمخرج من فكي الكماشة، بادخال الاسلاميين أو دخولهم في اللعبة الديمقراطية، غربية المنشأ اصلاً، وفي ذات السلة أيضاً، تتمكن الدولة من ضبط حركتهم بما يتناغم مع ايقاعها !.
الاسلامييون المربكون المشوشون داخليًا، أدركوا خطورة القرار الملوّح به خارجيًا، والذي قدمه المشرعون الامريكيون للكونجرس خمس مرات متتالية، بما في ذلك مصادقة اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكي مطلع العام المنصرم على تصنيف الاخوان كـ'تنظيم ارهابي'، الامر الذي زاد من طينتهم بلة، فانساقوا زُمرًا الى اللعبة مكرهين وهم يدركون تمامًا أن ليس بجعبتهم سحرُ ساحر ليغيروا من الواقع الداخلي المأزوم بمشاركتهم المتواضعة في الحياة السياسية، ويدركوا جيداً حجم الامال الشعبية الكبيرة التي تعلق بهم دومًا، مثلما يدركوا حجم الخيبات الكبيرة دونها !.
صنوف الضغوط التي رزحت تحتها الجماعة، دفعتها دون أدنى شك للمشاركة عنوة، والتعاطي مع قانون انتخابي أرغمهم على استقطاب تحالفات من خارج التنظيم، تكفل استكمال قوائمهم الانتخابية، فوصل 14 نائباً منهم فقط، وممن هم محسوبون عليهم، للمجلس الثامن عشر، في تمثيل نيابي لا يمكن له أن يكون مرضياً لهم، ولا مؤثراً وفق حسابات اللعبة البرلمانية، ولا يتعدى سوى منحهم صفة 'التواجد' ومهمة اصدار البيانات والتصريحات، ورفع الايادي قليلة العدد، وسط برلمان يعج بالايادي الراكدة ..
وبالنظر الى الصورة الكبيرة لهدف الاسلاميين الاسمى بالاساس، وطموحهم الأكبر، فهو لا يتحقق وفق منظورهم بمشاركة متواضعة في 'سلطة تشريع وضعية' بتاتاً، ولا تسعى عقيدتهم السياسية والعقدية واستراتيجيهم الأبعد لمشاركة قطعة من الكعكة، خاصة وهم الذين يحملون مشروعاً سياسياً أممياً عقدياً ، يفترض أن ترضخ دونه كل المشاريع السياسية الوضعية..
الجماعة التي شاركت في عدد من البرلمانات السابقة .. واكتووا بنارها .. وحمِّلوا وزر قراراتها، ومررت بوجودهم فيها اتفاقية وادي عربة المشؤومة، وتحملوا لوم اللائمين، وشماتة الشامتين، مثلما مروا مرور الكرام في برلمانات ثانية، لم يكن لهم فيها من حضور كثير، ولا تأثير كبير على القرار، الامر الذي لا يلبي طموحهم بشكل مؤكد، ولا يحقق مشروعهم السياسي الساعي للحصول على الكعكة كلها !.
وعليه، هل يمكن القول أن أداء حركة الاصلاح النيابية البارد والمستكين، طبيعي ومنطقي؟.. بل قد يقول قائل: هل هم معنيون أساساً بانجاح البرلمان الثامن عشر ورفع أسهمه في سوق الشارع النافر وتلميعه ونوابه على ظهورهم ؟، وهل يا ترى يحفلون بتغيير الصورة النمطية السيئة عنه ؟، وما الذي سيجنونه من رفع منسوب ادائهم وتاثيرهم النيابي غير الحصرم، وهم يرون غيرهم يجنى العنب !؟ ..
ربما هم غير معنيون بالأمر بتاتًا !؟
التعليقات
ان رأيهم ذاتي ولا يؤثر عليهم وبالاصح لا يوجهو كحجاره الشطرنج
دام قلمك حر بالحق يصدح