ذيبان.... ويقفُ القلمُ خائفاً وجِلاً عِنْدَ قامة هذا الأسم ، وترتبك الأحرف العالمة أن أيّ حديثٍ سيسرد بعد هذا الأسم سيكون حديثاً ثقيلاً على القلوب ، وكأنك تُلقي على رأس الفجر نواشئ الليل الثقيلة ، وألتمس العذرَ لبياض الورق الذي سيفكك عصابته السوداء ، حينَما يمرّ اسم ذيبان من فَوْقَ صفحاته ، فهي أول أدوات نداء الرجولة في لغة التاريخ .
ذيبان هذه الحضارة التي أحتضنت الإنسانية منذ أوائل العصر البيزنطي والعربي ، في الأمس كانت عاصمة الموائبيين ، والليلة هي عاصمة الشرفاء في هذا الوطن ، الرجال الذين ما خذلوا العَلَم يوماً ، ثلاث محافظات عاصمتها وشامة خدها ذيبان ، مأدبا والكرك والطفيلة ، يقطنها أبناء قبيلة بني حميدة ، وإخوة لهم من شتى المنابت والأصول وجدوا فيها ملاذاً دافئاً وجواراً طيباً ، هذا المكان البعيد الأقصى ، والقريب المُقصى ، أنكرت حقّهم خطوط المسافة و الجغرافيا ، وأنصفتهم ذاكِرة التاريخ . أذكر وأنا على مقاعد الصف التاسع في محافظة مأدبا ، أَنِّي مررت في منهج (التربية الوطنية) من على درسٍ كان عنوانه ( حركة بني حميدة ضد الأتراك١٨٨٧) ، كانت هذه الثورة هي الرصاصة الأولى في معركة الأردن ضد الأتراك ، والمسمار الأخير في نعشه الخشبي ، اليوم يتساءل الطفل الذي مازال قاطناً في صدري ، 'هل ما زال هذا الدرس موجوداً ، أمّ تمّ إقتلاعه من تراب ذلك الكتاب القديم؟!' ، ومازال ذلك الطفل يتساءل ' هل تمّ امتحان المسؤولين في هذا الوطن في منهاج التربية الوطنية؟!'....
لم تكن ذيبان يوماً لواءً في جنوب الوطن ، بل هي لواء جيشٍ في جناب الوطن . كم أتمنى أن يبادر وزير السياحة إلى دعوة كافة المسؤولين إلى رحلة مدرسية إلى (قلعة الكرك) ، وسيجدون حينَها أن للحجارة هناك لغة والله سيدركها المنصتون ، وأن للدماء مذاق و رائحةٌ ما زال يتعمّد بها تراب القلعة ، سيسمعون كل حجرٍ من جدران القلعة يعيد صوت الشيخ (منصور بن طريف) سليل شيوخ قبيلة بني حميدة ، والذي استشهد مُكبراً مدافعاً عن الأردن ، لو أن المسؤولين والمتنفذين ومافيات السياسة في هذا الوطن ، زاروا الكرامة لسمعوا أصوات بنادق طالب الفقهاء وعارف العبيدات وحامد اللصاصمة تدوّي ذوداً عن تراب الوطن ، ليستفيق ابناءهم بعدها و ' ابن الفاسد مستشار ، وابنائهم على الدوار'.
خيمة صغيرة في ذيبان أقامها شباب عاطلين عن الأمل ، شباب هرمت أحلامهم في مستودعات البطالة وملاجئ الخوف ، فقدوا الثقة في حكومات أعدمت فرصهم في المنافسة العادلة وتكافئ الفرَص ، آمنوا بأحلى الحقائق المُرّة ، بأن الأزمة بينهم وبين كل الفاسدين في هذا الوطن هي (أزمة تاريخ) ، وبأن الحل الوحيد هو إفتراش الشارع ، وتلحّف الليل ، وفتح الأفواه المُكممة ، إلاّ أن الحكومة ما زالت تُمارس العقلية البوليسية ، مع هؤلاء الشباب ، وتضع القيدَ على فم كل من حاول التفكير ، الأمر الذي يشظيّ الأزمة إلى أزمات ، ويخلق حالة من الإحتقان بين أصحاب المعاطف السوداء ، وبين أولئك القابضين على الوطن بقلوبهم.... ذيبان ليست رقعة في جنوب الوطن ، ففي كل مدينة مسلوبة وفي كل قرية منهوبة هناك (ذيبان) ، في دفتر ملاحظات كل شاب جامعي علّق شهادته وعمل بائع قهوة هناك (ذيبان) ، في محفظة كل جندي أنفق راتبه سداداً لقرض زواج هناك (ذيبان) ، في عُنق كل امرأة علكت الجوع قهراً هناك تميمة اسمها (ذيبان) ، في قلب كل متقاعد عسكري يعمل رجل أمن أمام أبواب احد المسؤوليين هناك (ذيبان) ، في كل بيت بات دون عشاء هناك حجر زاوية اسمه (ذيبان ) ، وأينما ولّيتم وجه ذاكرة الوطن ستجدون (ذيبان)...
والوطن من وراء القصد
ذيبان.... ويقفُ القلمُ خائفاً وجِلاً عِنْدَ قامة هذا الأسم ، وترتبك الأحرف العالمة أن أيّ حديثٍ سيسرد بعد هذا الأسم سيكون حديثاً ثقيلاً على القلوب ، وكأنك تُلقي على رأس الفجر نواشئ الليل الثقيلة ، وألتمس العذرَ لبياض الورق الذي سيفكك عصابته السوداء ، حينَما يمرّ اسم ذيبان من فَوْقَ صفحاته ، فهي أول أدوات نداء الرجولة في لغة التاريخ .
ذيبان هذه الحضارة التي أحتضنت الإنسانية منذ أوائل العصر البيزنطي والعربي ، في الأمس كانت عاصمة الموائبيين ، والليلة هي عاصمة الشرفاء في هذا الوطن ، الرجال الذين ما خذلوا العَلَم يوماً ، ثلاث محافظات عاصمتها وشامة خدها ذيبان ، مأدبا والكرك والطفيلة ، يقطنها أبناء قبيلة بني حميدة ، وإخوة لهم من شتى المنابت والأصول وجدوا فيها ملاذاً دافئاً وجواراً طيباً ، هذا المكان البعيد الأقصى ، والقريب المُقصى ، أنكرت حقّهم خطوط المسافة و الجغرافيا ، وأنصفتهم ذاكِرة التاريخ . أذكر وأنا على مقاعد الصف التاسع في محافظة مأدبا ، أَنِّي مررت في منهج (التربية الوطنية) من على درسٍ كان عنوانه ( حركة بني حميدة ضد الأتراك١٨٨٧) ، كانت هذه الثورة هي الرصاصة الأولى في معركة الأردن ضد الأتراك ، والمسمار الأخير في نعشه الخشبي ، اليوم يتساءل الطفل الذي مازال قاطناً في صدري ، 'هل ما زال هذا الدرس موجوداً ، أمّ تمّ إقتلاعه من تراب ذلك الكتاب القديم؟!' ، ومازال ذلك الطفل يتساءل ' هل تمّ امتحان المسؤولين في هذا الوطن في منهاج التربية الوطنية؟!'....
لم تكن ذيبان يوماً لواءً في جنوب الوطن ، بل هي لواء جيشٍ في جناب الوطن . كم أتمنى أن يبادر وزير السياحة إلى دعوة كافة المسؤولين إلى رحلة مدرسية إلى (قلعة الكرك) ، وسيجدون حينَها أن للحجارة هناك لغة والله سيدركها المنصتون ، وأن للدماء مذاق و رائحةٌ ما زال يتعمّد بها تراب القلعة ، سيسمعون كل حجرٍ من جدران القلعة يعيد صوت الشيخ (منصور بن طريف) سليل شيوخ قبيلة بني حميدة ، والذي استشهد مُكبراً مدافعاً عن الأردن ، لو أن المسؤولين والمتنفذين ومافيات السياسة في هذا الوطن ، زاروا الكرامة لسمعوا أصوات بنادق طالب الفقهاء وعارف العبيدات وحامد اللصاصمة تدوّي ذوداً عن تراب الوطن ، ليستفيق ابناءهم بعدها و ' ابن الفاسد مستشار ، وابنائهم على الدوار'.
خيمة صغيرة في ذيبان أقامها شباب عاطلين عن الأمل ، شباب هرمت أحلامهم في مستودعات البطالة وملاجئ الخوف ، فقدوا الثقة في حكومات أعدمت فرصهم في المنافسة العادلة وتكافئ الفرَص ، آمنوا بأحلى الحقائق المُرّة ، بأن الأزمة بينهم وبين كل الفاسدين في هذا الوطن هي (أزمة تاريخ) ، وبأن الحل الوحيد هو إفتراش الشارع ، وتلحّف الليل ، وفتح الأفواه المُكممة ، إلاّ أن الحكومة ما زالت تُمارس العقلية البوليسية ، مع هؤلاء الشباب ، وتضع القيدَ على فم كل من حاول التفكير ، الأمر الذي يشظيّ الأزمة إلى أزمات ، ويخلق حالة من الإحتقان بين أصحاب المعاطف السوداء ، وبين أولئك القابضين على الوطن بقلوبهم.... ذيبان ليست رقعة في جنوب الوطن ، ففي كل مدينة مسلوبة وفي كل قرية منهوبة هناك (ذيبان) ، في دفتر ملاحظات كل شاب جامعي علّق شهادته وعمل بائع قهوة هناك (ذيبان) ، في محفظة كل جندي أنفق راتبه سداداً لقرض زواج هناك (ذيبان) ، في عُنق كل امرأة علكت الجوع قهراً هناك تميمة اسمها (ذيبان) ، في قلب كل متقاعد عسكري يعمل رجل أمن أمام أبواب احد المسؤوليين هناك (ذيبان) ، في كل بيت بات دون عشاء هناك حجر زاوية اسمه (ذيبان ) ، وأينما ولّيتم وجه ذاكرة الوطن ستجدون (ذيبان)...
والوطن من وراء القصد
ذيبان.... ويقفُ القلمُ خائفاً وجِلاً عِنْدَ قامة هذا الأسم ، وترتبك الأحرف العالمة أن أيّ حديثٍ سيسرد بعد هذا الأسم سيكون حديثاً ثقيلاً على القلوب ، وكأنك تُلقي على رأس الفجر نواشئ الليل الثقيلة ، وألتمس العذرَ لبياض الورق الذي سيفكك عصابته السوداء ، حينَما يمرّ اسم ذيبان من فَوْقَ صفحاته ، فهي أول أدوات نداء الرجولة في لغة التاريخ .
ذيبان هذه الحضارة التي أحتضنت الإنسانية منذ أوائل العصر البيزنطي والعربي ، في الأمس كانت عاصمة الموائبيين ، والليلة هي عاصمة الشرفاء في هذا الوطن ، الرجال الذين ما خذلوا العَلَم يوماً ، ثلاث محافظات عاصمتها وشامة خدها ذيبان ، مأدبا والكرك والطفيلة ، يقطنها أبناء قبيلة بني حميدة ، وإخوة لهم من شتى المنابت والأصول وجدوا فيها ملاذاً دافئاً وجواراً طيباً ، هذا المكان البعيد الأقصى ، والقريب المُقصى ، أنكرت حقّهم خطوط المسافة و الجغرافيا ، وأنصفتهم ذاكِرة التاريخ . أذكر وأنا على مقاعد الصف التاسع في محافظة مأدبا ، أَنِّي مررت في منهج (التربية الوطنية) من على درسٍ كان عنوانه ( حركة بني حميدة ضد الأتراك١٨٨٧) ، كانت هذه الثورة هي الرصاصة الأولى في معركة الأردن ضد الأتراك ، والمسمار الأخير في نعشه الخشبي ، اليوم يتساءل الطفل الذي مازال قاطناً في صدري ، 'هل ما زال هذا الدرس موجوداً ، أمّ تمّ إقتلاعه من تراب ذلك الكتاب القديم؟!' ، ومازال ذلك الطفل يتساءل ' هل تمّ امتحان المسؤولين في هذا الوطن في منهاج التربية الوطنية؟!'....
لم تكن ذيبان يوماً لواءً في جنوب الوطن ، بل هي لواء جيشٍ في جناب الوطن . كم أتمنى أن يبادر وزير السياحة إلى دعوة كافة المسؤولين إلى رحلة مدرسية إلى (قلعة الكرك) ، وسيجدون حينَها أن للحجارة هناك لغة والله سيدركها المنصتون ، وأن للدماء مذاق و رائحةٌ ما زال يتعمّد بها تراب القلعة ، سيسمعون كل حجرٍ من جدران القلعة يعيد صوت الشيخ (منصور بن طريف) سليل شيوخ قبيلة بني حميدة ، والذي استشهد مُكبراً مدافعاً عن الأردن ، لو أن المسؤولين والمتنفذين ومافيات السياسة في هذا الوطن ، زاروا الكرامة لسمعوا أصوات بنادق طالب الفقهاء وعارف العبيدات وحامد اللصاصمة تدوّي ذوداً عن تراب الوطن ، ليستفيق ابناءهم بعدها و ' ابن الفاسد مستشار ، وابنائهم على الدوار'.
خيمة صغيرة في ذيبان أقامها شباب عاطلين عن الأمل ، شباب هرمت أحلامهم في مستودعات البطالة وملاجئ الخوف ، فقدوا الثقة في حكومات أعدمت فرصهم في المنافسة العادلة وتكافئ الفرَص ، آمنوا بأحلى الحقائق المُرّة ، بأن الأزمة بينهم وبين كل الفاسدين في هذا الوطن هي (أزمة تاريخ) ، وبأن الحل الوحيد هو إفتراش الشارع ، وتلحّف الليل ، وفتح الأفواه المُكممة ، إلاّ أن الحكومة ما زالت تُمارس العقلية البوليسية ، مع هؤلاء الشباب ، وتضع القيدَ على فم كل من حاول التفكير ، الأمر الذي يشظيّ الأزمة إلى أزمات ، ويخلق حالة من الإحتقان بين أصحاب المعاطف السوداء ، وبين أولئك القابضين على الوطن بقلوبهم.... ذيبان ليست رقعة في جنوب الوطن ، ففي كل مدينة مسلوبة وفي كل قرية منهوبة هناك (ذيبان) ، في دفتر ملاحظات كل شاب جامعي علّق شهادته وعمل بائع قهوة هناك (ذيبان) ، في محفظة كل جندي أنفق راتبه سداداً لقرض زواج هناك (ذيبان) ، في عُنق كل امرأة علكت الجوع قهراً هناك تميمة اسمها (ذيبان) ، في قلب كل متقاعد عسكري يعمل رجل أمن أمام أبواب احد المسؤوليين هناك (ذيبان) ، في كل بيت بات دون عشاء هناك حجر زاوية اسمه (ذيبان ) ، وأينما ولّيتم وجه ذاكرة الوطن ستجدون (ذيبان)...
والوطن من وراء القصد
التعليقات