أوباما غورباتشوف أمريكا !!
* ... لمّا كانت المخابرات هي أحد وأهم فنون آفاق الحكم - أي حكم - القائمة على معرفة الصديق والعدو , ولما لهذا الفن من أصول وأسس ومعايير ثابتة وظروف متعلقة بالزمان والمكان ... ولمّا كان وما زال ( الأستخبار ) أداة تجمع عدّة متناقضات , ففيه الألفاظ والأرقام والصور , والتقديرات والمؤشرات والأيماءات والتحريض , وفيه الحقائق التي قد تهدي وقد تضل , كما فيه أيضاً الآكاذيب الصريحة , فهو أداة غير مادية لا تجرح , ولكنه يتسبب في اهلاك الملايين - كما صار مع العراق , بعد فبركة تقارير بأنّ العراق يملك أسلحة دمار شامل , فتم شيطنة نظامه الراحل , وأنّه على ارتباط مع تنظيم القاعدة - أو انقاذ حياتهم !.
* انّ الأستخبار فن مارسه الأخيار والأشرار , والطغاة والديمقراطيون , والرجعيون والتقدميون , والبدائيون والمتقدمون , ولكنه في جميع الأحوال فن واحد وهو عالم آخر .
وسنحاول في هذه العجالة أن نسقط ما ذكر آنفاً على العمليات السرية لأجهزة المخابرات الأمريكية وسلوك عناصرها من الموارد الأستخبارية البشرية .
* لقد بدأت تتضح وبشكل متسارع , العمليات الخفية التي ظلّت تقوم بها أجهزة المخابرات الأمريكية ( وكالة الأمن القومي , وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA , مكتب العمليات الخاصة بالبنتاغون أو مايعرف باسم DIA والجهاز الخاص بوزارة الخارجية الأمريكية لجمع المعلومات وتحليلها INR ... وغيرها ) في العديد من أنحاء العالم .
* ففيما مضى من سنوات تم الكشف عن بعض العمليات السرية التي نفذتها أجهزة الحكومة الأمريكية - وعرضتها قناة الجزيرة الفضائية عبر أفلام تقاربية لشرح الفكرة - في الحرب المفتوحة ضد الأرهاب , وكان أبرزها :
- استخدام العديد من مطارات العالم في نقل المعتقلين والعتاد العسكري فائق الخطورة دون اذن الحكومات الأخرى .
- التحايل على اتفاقيات القواعد العسكرية التقليدية , والقيام من وراء ظهر الحكومات الأخرى , بتخزين أسلحة الدمار الشامل في هذه القواعد , على النحو الذي يجعل منها قواعد عسكرية لشن الحروب غير التقليدية .
- استخدام القواعد العسكرية الأمريكية كسجون يتم فيها اعتقال وتعذيب الأسرى والمعتقلين , الذي تقوم القوات الأمريكية وأجهزة مخابراتها باعتقالهم من مناطق العالم الأخرى وترحيلهم سراً الى هذه القواعد دون اذن مسبق من الحكومات الأخرى , حيث يتم التحقيق معهم .
- استخدام القواعد العسكرية الأمريكية لمراكز ومحطات متقدمة للتجسس وتجميع المعلومات الأستخبارية , لا عن دول الجوار الأقليمي وحسب , بل وعن الدول المضيفة نفسها .
- وبعد انكشاف فضيحة استخدام الحكومة الأمريكية للسجون السرية في شرق أوروبا واستخدام شركات الطيران التجارية الخاصة في عمليات نقل أسرى الحرب الأفغان غير المشروعة , ظهرت المزيد من المعلومات حول تورط الأجهزة الأمريكية في العديد من الأنشطة غير المشروعة في بعض الدول العربية ... الى فضيحة مدير مكتب الأستخبارات المركزية الأمريكية بالجزائر , السابق ( أندرو وارين ) المتهم باغتصاب سيدتين جزائرتين بعد تخديرهما , حيث أعلنت السلطات الأمريكية بنفسها عنها وذلك عبر متحدث باسم CIA ليتدفق الى الميديا العالمية سيل من المعلومات بشأن واقعة الأغتصاب , وعلى خلفية هذه الفضيحة , تم الأعتراف بشكل رسمي بوجود مكتب او ممثل للأستخبارات الأمريكية في الجزائر , حيث المعروف والمتداول أنّ مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI هو الذي يمتلك فرعاً في الجزائر , وذلك في اطار مكافحة ما يسمّى بالأرهاب الأممي .
* وقد استغلت و وظفت واشنطن هذا الفن ( الأستخبار ) في اشعال الأزمات والصراعات في المنطقة الممتدة من باكستان وأفغانستان غرباً حتّى موريتانيا والسنغال على ضفاف المحيط الأطلسي , ولم تستثني مؤامرات أمريكا أحداً , بل استهدفت أخلص حلفائها في المنطقة , فتركيا مثلاً تواجه مشكلة الحركات الأنفصالية الكردية التي سلّحتها واشنطن , علماً بأنّ الحركات الأنفصالية الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية , وجدت نفسها في مواجهة تركيا المدعومة أمريكياً من الجهة الأخرى .
* لقد أدّت الحرب ضد الأرهاب التي خطّطت لها جماعة المحافظين الجدد , ونفذتها ادارة بوش السابقة بفترتيها , الى توريط واشنطن في شتى أنواع الصراعات والمواجهات العسكرية والدبلوماسية والأمنية والأستخبارية , وقد ترتب على ذلك مواجهة الأمن القومي الأمريكي للمزيد من الضغوط والأزمات ذات التأثير المدمر على القوام الأستراتيجي الجيوسياسي للدولة الأمريكية .
* فعلى المستوى الأمريكي الداخلي , تآكل مفردات الخطاب السياسي الجمهوري على النحو الذي أفقد السياسات التدخلية القوية التي يعتمد عليها الجمهوريين في التسويق السياسي بريقها وأثرها ومفاعيلها , بشكل أدى الى تراجع الكثير من غلاة الجمهوريين عن أطروحاتهم وبالتالي خسارتهم الأنتخابات الرئاسية الأخيرة .
* أمّا على المستوى الأمريكي الخارجي ( فحدّث ولا حرج ) لقد اهتزت صورة أمريكا في العالم , كما واجهت الأنظمة الحليفة لواشنطن , وعلى وجه الخصوص في الشرق الأوسط الكثير من حالات السخط وضغوط المعارضة الشعبية , وكان من نتائج ذلك صعود حزب العدالة والتنمية المعارض في تركيا , وسقوط وانهيار نظام الجنرال برويز مشرف , وترنّح وضعف حركة فتح الفلسطينية بزعامة محمود عباس , وصعود حماس وازدياد قوتها , واهتزاز الثقة الشعبية في حكومة السنيورة- بصورتها السابقة قبل اتفاق الدوحة - وقوى 14 آذار, والى عدم قدرة المتعاملين العراقيين في بغداد , والمتعاملين الأفغان في كابول , على فرض السيطرة والأستقرار في العراق وأفغانستان على الترتيب ... وأمّا في دول أوروبا , فقد صارت الأنظمة الموالية لواشنطن , في مواجهة ضغوط المعارضة الشعبية , فسقط طوني بلير , وأزنار الأسباني , وبيرلسكوني الأيطالي - العائد حديثاً للحكم بصفقة داخلية ديمقراطية - ... وأخيراً القادم حديثاً الى قصر الأيليزية / ساركوزي / حيث شعبيته تتناقص لدى الشارع الفرنسي .
* فتدخل السياسة الخارجية الأمريكية في الشؤون السيادية للدول وعبر الأستخبار الأمريكي الأسود , وعلى وجه الخصوص دول منطقة الشرق الأوسط , وتدخل اسرائيل والأيباك في السياسة الخارجية الأمريكية نحو دول العالم الأخرى , وخاصةً دول منطقة الشرق الأوسط , صارت أزمة الولايات المتحدة الأمريكية تتضمن أزمة داخل أزمة , ولم تعد واشنطن قادرة على الأمساك بزمام المبادرة والسيطرة في الصراعات التي أشعلتها في العراق وأفغانستان , وبقية بؤر التوتر , وذلك لأنّ هذه الصراعات هي بالأساس امتداد لصراع قديم ممتد ومستمر أشعلته الدولة العبرية ( اسرائيل ) فأصبحت الأزمة أسلوب ادارة تمارسه واشنطن في ادارة الأزمات التي تشعلها في العالم بسبب غلاة المتطرفين في الدولة الأمريكية وسياساتهم الخرقاء , حيث ستبقى ادارة أوباما الديمقراطية أسيرة لأجندة جمهورية لأربع سنوات قادمة , بالرغم من أنني أرى أنّ أوباما هو غورباتشوف الولايات المتحدة الأمريكية وما لهذا الوصف من تداعيات على الجغرافيا والديمغرافيا وبنية الدولة الأمريكية الحالية .
* ويذهب المحلل الأمريكي أندرو مارشال الى القول جهاراً نهاراً : انّ ما حدث في العراق من تدمير وتفعيل لفرق الموت - في حينه - هو بالأساس فعل تعود " جرثومته " للمخابرات البريطانية وبالمشاركة مع المخابرات الأمريكية , حيث تقوم الشراكة بين الطرفين على أساس اعتبارات الجمع بين الخبرة والأمكانيات , طالما أنّ المخابرات البريطانية تملك الخبرة الواسعة والمخابرات الأمريكية تملك الأمكانيات الواسعة .
* كما استطاعت CIA توظيف مزايا الأنفتاح الأقتصادي وحرية الحركة والعمل التي يتسم بها النظام الرأسمالي , من أجل التغلغل في معظم بلدان العالم , عن طريق استخدام الشركات الأمريكية والغربية , كغطاء وواجهة لأنشطتها الأستخبارية , كما قامت CIA بشراء الكثير من الأسهم في شركات المساهمة العالمية والدولية المتعدّدة الجنسيات , كذراع اقتصادي – مالي - حقيقته أمني - استخباري .
* عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية *
mohd_ahamd2003@yahoo.com
أوباما غورباتشوف أمريكا !!
* ... لمّا كانت المخابرات هي أحد وأهم فنون آفاق الحكم - أي حكم - القائمة على معرفة الصديق والعدو , ولما لهذا الفن من أصول وأسس ومعايير ثابتة وظروف متعلقة بالزمان والمكان ... ولمّا كان وما زال ( الأستخبار ) أداة تجمع عدّة متناقضات , ففيه الألفاظ والأرقام والصور , والتقديرات والمؤشرات والأيماءات والتحريض , وفيه الحقائق التي قد تهدي وقد تضل , كما فيه أيضاً الآكاذيب الصريحة , فهو أداة غير مادية لا تجرح , ولكنه يتسبب في اهلاك الملايين - كما صار مع العراق , بعد فبركة تقارير بأنّ العراق يملك أسلحة دمار شامل , فتم شيطنة نظامه الراحل , وأنّه على ارتباط مع تنظيم القاعدة - أو انقاذ حياتهم !.
* انّ الأستخبار فن مارسه الأخيار والأشرار , والطغاة والديمقراطيون , والرجعيون والتقدميون , والبدائيون والمتقدمون , ولكنه في جميع الأحوال فن واحد وهو عالم آخر .
وسنحاول في هذه العجالة أن نسقط ما ذكر آنفاً على العمليات السرية لأجهزة المخابرات الأمريكية وسلوك عناصرها من الموارد الأستخبارية البشرية .
* لقد بدأت تتضح وبشكل متسارع , العمليات الخفية التي ظلّت تقوم بها أجهزة المخابرات الأمريكية ( وكالة الأمن القومي , وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA , مكتب العمليات الخاصة بالبنتاغون أو مايعرف باسم DIA والجهاز الخاص بوزارة الخارجية الأمريكية لجمع المعلومات وتحليلها INR ... وغيرها ) في العديد من أنحاء العالم .
* ففيما مضى من سنوات تم الكشف عن بعض العمليات السرية التي نفذتها أجهزة الحكومة الأمريكية - وعرضتها قناة الجزيرة الفضائية عبر أفلام تقاربية لشرح الفكرة - في الحرب المفتوحة ضد الأرهاب , وكان أبرزها :
- استخدام العديد من مطارات العالم في نقل المعتقلين والعتاد العسكري فائق الخطورة دون اذن الحكومات الأخرى .
- التحايل على اتفاقيات القواعد العسكرية التقليدية , والقيام من وراء ظهر الحكومات الأخرى , بتخزين أسلحة الدمار الشامل في هذه القواعد , على النحو الذي يجعل منها قواعد عسكرية لشن الحروب غير التقليدية .
- استخدام القواعد العسكرية الأمريكية كسجون يتم فيها اعتقال وتعذيب الأسرى والمعتقلين , الذي تقوم القوات الأمريكية وأجهزة مخابراتها باعتقالهم من مناطق العالم الأخرى وترحيلهم سراً الى هذه القواعد دون اذن مسبق من الحكومات الأخرى , حيث يتم التحقيق معهم .
- استخدام القواعد العسكرية الأمريكية لمراكز ومحطات متقدمة للتجسس وتجميع المعلومات الأستخبارية , لا عن دول الجوار الأقليمي وحسب , بل وعن الدول المضيفة نفسها .
- وبعد انكشاف فضيحة استخدام الحكومة الأمريكية للسجون السرية في شرق أوروبا واستخدام شركات الطيران التجارية الخاصة في عمليات نقل أسرى الحرب الأفغان غير المشروعة , ظهرت المزيد من المعلومات حول تورط الأجهزة الأمريكية في العديد من الأنشطة غير المشروعة في بعض الدول العربية ... الى فضيحة مدير مكتب الأستخبارات المركزية الأمريكية بالجزائر , السابق ( أندرو وارين ) المتهم باغتصاب سيدتين جزائرتين بعد تخديرهما , حيث أعلنت السلطات الأمريكية بنفسها عنها وذلك عبر متحدث باسم CIA ليتدفق الى الميديا العالمية سيل من المعلومات بشأن واقعة الأغتصاب , وعلى خلفية هذه الفضيحة , تم الأعتراف بشكل رسمي بوجود مكتب او ممثل للأستخبارات الأمريكية في الجزائر , حيث المعروف والمتداول أنّ مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI هو الذي يمتلك فرعاً في الجزائر , وذلك في اطار مكافحة ما يسمّى بالأرهاب الأممي .
* وقد استغلت و وظفت واشنطن هذا الفن ( الأستخبار ) في اشعال الأزمات والصراعات في المنطقة الممتدة من باكستان وأفغانستان غرباً حتّى موريتانيا والسنغال على ضفاف المحيط الأطلسي , ولم تستثني مؤامرات أمريكا أحداً , بل استهدفت أخلص حلفائها في المنطقة , فتركيا مثلاً تواجه مشكلة الحركات الأنفصالية الكردية التي سلّحتها واشنطن , علماً بأنّ الحركات الأنفصالية الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية , وجدت نفسها في مواجهة تركيا المدعومة أمريكياً من الجهة الأخرى .
* لقد أدّت الحرب ضد الأرهاب التي خطّطت لها جماعة المحافظين الجدد , ونفذتها ادارة بوش السابقة بفترتيها , الى توريط واشنطن في شتى أنواع الصراعات والمواجهات العسكرية والدبلوماسية والأمنية والأستخبارية , وقد ترتب على ذلك مواجهة الأمن القومي الأمريكي للمزيد من الضغوط والأزمات ذات التأثير المدمر على القوام الأستراتيجي الجيوسياسي للدولة الأمريكية .
* فعلى المستوى الأمريكي الداخلي , تآكل مفردات الخطاب السياسي الجمهوري على النحو الذي أفقد السياسات التدخلية القوية التي يعتمد عليها الجمهوريين في التسويق السياسي بريقها وأثرها ومفاعيلها , بشكل أدى الى تراجع الكثير من غلاة الجمهوريين عن أطروحاتهم وبالتالي خسارتهم الأنتخابات الرئاسية الأخيرة .
* أمّا على المستوى الأمريكي الخارجي ( فحدّث ولا حرج ) لقد اهتزت صورة أمريكا في العالم , كما واجهت الأنظمة الحليفة لواشنطن , وعلى وجه الخصوص في الشرق الأوسط الكثير من حالات السخط وضغوط المعارضة الشعبية , وكان من نتائج ذلك صعود حزب العدالة والتنمية المعارض في تركيا , وسقوط وانهيار نظام الجنرال برويز مشرف , وترنّح وضعف حركة فتح الفلسطينية بزعامة محمود عباس , وصعود حماس وازدياد قوتها , واهتزاز الثقة الشعبية في حكومة السنيورة- بصورتها السابقة قبل اتفاق الدوحة - وقوى 14 آذار, والى عدم قدرة المتعاملين العراقيين في بغداد , والمتعاملين الأفغان في كابول , على فرض السيطرة والأستقرار في العراق وأفغانستان على الترتيب ... وأمّا في دول أوروبا , فقد صارت الأنظمة الموالية لواشنطن , في مواجهة ضغوط المعارضة الشعبية , فسقط طوني بلير , وأزنار الأسباني , وبيرلسكوني الأيطالي - العائد حديثاً للحكم بصفقة داخلية ديمقراطية - ... وأخيراً القادم حديثاً الى قصر الأيليزية / ساركوزي / حيث شعبيته تتناقص لدى الشارع الفرنسي .
* فتدخل السياسة الخارجية الأمريكية في الشؤون السيادية للدول وعبر الأستخبار الأمريكي الأسود , وعلى وجه الخصوص دول منطقة الشرق الأوسط , وتدخل اسرائيل والأيباك في السياسة الخارجية الأمريكية نحو دول العالم الأخرى , وخاصةً دول منطقة الشرق الأوسط , صارت أزمة الولايات المتحدة الأمريكية تتضمن أزمة داخل أزمة , ولم تعد واشنطن قادرة على الأمساك بزمام المبادرة والسيطرة في الصراعات التي أشعلتها في العراق وأفغانستان , وبقية بؤر التوتر , وذلك لأنّ هذه الصراعات هي بالأساس امتداد لصراع قديم ممتد ومستمر أشعلته الدولة العبرية ( اسرائيل ) فأصبحت الأزمة أسلوب ادارة تمارسه واشنطن في ادارة الأزمات التي تشعلها في العالم بسبب غلاة المتطرفين في الدولة الأمريكية وسياساتهم الخرقاء , حيث ستبقى ادارة أوباما الديمقراطية أسيرة لأجندة جمهورية لأربع سنوات قادمة , بالرغم من أنني أرى أنّ أوباما هو غورباتشوف الولايات المتحدة الأمريكية وما لهذا الوصف من تداعيات على الجغرافيا والديمغرافيا وبنية الدولة الأمريكية الحالية .
* ويذهب المحلل الأمريكي أندرو مارشال الى القول جهاراً نهاراً : انّ ما حدث في العراق من تدمير وتفعيل لفرق الموت - في حينه - هو بالأساس فعل تعود " جرثومته " للمخابرات البريطانية وبالمشاركة مع المخابرات الأمريكية , حيث تقوم الشراكة بين الطرفين على أساس اعتبارات الجمع بين الخبرة والأمكانيات , طالما أنّ المخابرات البريطانية تملك الخبرة الواسعة والمخابرات الأمريكية تملك الأمكانيات الواسعة .
* كما استطاعت CIA توظيف مزايا الأنفتاح الأقتصادي وحرية الحركة والعمل التي يتسم بها النظام الرأسمالي , من أجل التغلغل في معظم بلدان العالم , عن طريق استخدام الشركات الأمريكية والغربية , كغطاء وواجهة لأنشطتها الأستخبارية , كما قامت CIA بشراء الكثير من الأسهم في شركات المساهمة العالمية والدولية المتعدّدة الجنسيات , كذراع اقتصادي – مالي - حقيقته أمني - استخباري .
* عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية *
mohd_ahamd2003@yahoo.com
أوباما غورباتشوف أمريكا !!
* ... لمّا كانت المخابرات هي أحد وأهم فنون آفاق الحكم - أي حكم - القائمة على معرفة الصديق والعدو , ولما لهذا الفن من أصول وأسس ومعايير ثابتة وظروف متعلقة بالزمان والمكان ... ولمّا كان وما زال ( الأستخبار ) أداة تجمع عدّة متناقضات , ففيه الألفاظ والأرقام والصور , والتقديرات والمؤشرات والأيماءات والتحريض , وفيه الحقائق التي قد تهدي وقد تضل , كما فيه أيضاً الآكاذيب الصريحة , فهو أداة غير مادية لا تجرح , ولكنه يتسبب في اهلاك الملايين - كما صار مع العراق , بعد فبركة تقارير بأنّ العراق يملك أسلحة دمار شامل , فتم شيطنة نظامه الراحل , وأنّه على ارتباط مع تنظيم القاعدة - أو انقاذ حياتهم !.
* انّ الأستخبار فن مارسه الأخيار والأشرار , والطغاة والديمقراطيون , والرجعيون والتقدميون , والبدائيون والمتقدمون , ولكنه في جميع الأحوال فن واحد وهو عالم آخر .
وسنحاول في هذه العجالة أن نسقط ما ذكر آنفاً على العمليات السرية لأجهزة المخابرات الأمريكية وسلوك عناصرها من الموارد الأستخبارية البشرية .
* لقد بدأت تتضح وبشكل متسارع , العمليات الخفية التي ظلّت تقوم بها أجهزة المخابرات الأمريكية ( وكالة الأمن القومي , وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA , مكتب العمليات الخاصة بالبنتاغون أو مايعرف باسم DIA والجهاز الخاص بوزارة الخارجية الأمريكية لجمع المعلومات وتحليلها INR ... وغيرها ) في العديد من أنحاء العالم .
* ففيما مضى من سنوات تم الكشف عن بعض العمليات السرية التي نفذتها أجهزة الحكومة الأمريكية - وعرضتها قناة الجزيرة الفضائية عبر أفلام تقاربية لشرح الفكرة - في الحرب المفتوحة ضد الأرهاب , وكان أبرزها :
- استخدام العديد من مطارات العالم في نقل المعتقلين والعتاد العسكري فائق الخطورة دون اذن الحكومات الأخرى .
- التحايل على اتفاقيات القواعد العسكرية التقليدية , والقيام من وراء ظهر الحكومات الأخرى , بتخزين أسلحة الدمار الشامل في هذه القواعد , على النحو الذي يجعل منها قواعد عسكرية لشن الحروب غير التقليدية .
- استخدام القواعد العسكرية الأمريكية كسجون يتم فيها اعتقال وتعذيب الأسرى والمعتقلين , الذي تقوم القوات الأمريكية وأجهزة مخابراتها باعتقالهم من مناطق العالم الأخرى وترحيلهم سراً الى هذه القواعد دون اذن مسبق من الحكومات الأخرى , حيث يتم التحقيق معهم .
- استخدام القواعد العسكرية الأمريكية لمراكز ومحطات متقدمة للتجسس وتجميع المعلومات الأستخبارية , لا عن دول الجوار الأقليمي وحسب , بل وعن الدول المضيفة نفسها .
- وبعد انكشاف فضيحة استخدام الحكومة الأمريكية للسجون السرية في شرق أوروبا واستخدام شركات الطيران التجارية الخاصة في عمليات نقل أسرى الحرب الأفغان غير المشروعة , ظهرت المزيد من المعلومات حول تورط الأجهزة الأمريكية في العديد من الأنشطة غير المشروعة في بعض الدول العربية ... الى فضيحة مدير مكتب الأستخبارات المركزية الأمريكية بالجزائر , السابق ( أندرو وارين ) المتهم باغتصاب سيدتين جزائرتين بعد تخديرهما , حيث أعلنت السلطات الأمريكية بنفسها عنها وذلك عبر متحدث باسم CIA ليتدفق الى الميديا العالمية سيل من المعلومات بشأن واقعة الأغتصاب , وعلى خلفية هذه الفضيحة , تم الأعتراف بشكل رسمي بوجود مكتب او ممثل للأستخبارات الأمريكية في الجزائر , حيث المعروف والمتداول أنّ مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI هو الذي يمتلك فرعاً في الجزائر , وذلك في اطار مكافحة ما يسمّى بالأرهاب الأممي .
* وقد استغلت و وظفت واشنطن هذا الفن ( الأستخبار ) في اشعال الأزمات والصراعات في المنطقة الممتدة من باكستان وأفغانستان غرباً حتّى موريتانيا والسنغال على ضفاف المحيط الأطلسي , ولم تستثني مؤامرات أمريكا أحداً , بل استهدفت أخلص حلفائها في المنطقة , فتركيا مثلاً تواجه مشكلة الحركات الأنفصالية الكردية التي سلّحتها واشنطن , علماً بأنّ الحركات الأنفصالية الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية , وجدت نفسها في مواجهة تركيا المدعومة أمريكياً من الجهة الأخرى .
* لقد أدّت الحرب ضد الأرهاب التي خطّطت لها جماعة المحافظين الجدد , ونفذتها ادارة بوش السابقة بفترتيها , الى توريط واشنطن في شتى أنواع الصراعات والمواجهات العسكرية والدبلوماسية والأمنية والأستخبارية , وقد ترتب على ذلك مواجهة الأمن القومي الأمريكي للمزيد من الضغوط والأزمات ذات التأثير المدمر على القوام الأستراتيجي الجيوسياسي للدولة الأمريكية .
* فعلى المستوى الأمريكي الداخلي , تآكل مفردات الخطاب السياسي الجمهوري على النحو الذي أفقد السياسات التدخلية القوية التي يعتمد عليها الجمهوريين في التسويق السياسي بريقها وأثرها ومفاعيلها , بشكل أدى الى تراجع الكثير من غلاة الجمهوريين عن أطروحاتهم وبالتالي خسارتهم الأنتخابات الرئاسية الأخيرة .
* أمّا على المستوى الأمريكي الخارجي ( فحدّث ولا حرج ) لقد اهتزت صورة أمريكا في العالم , كما واجهت الأنظمة الحليفة لواشنطن , وعلى وجه الخصوص في الشرق الأوسط الكثير من حالات السخط وضغوط المعارضة الشعبية , وكان من نتائج ذلك صعود حزب العدالة والتنمية المعارض في تركيا , وسقوط وانهيار نظام الجنرال برويز مشرف , وترنّح وضعف حركة فتح الفلسطينية بزعامة محمود عباس , وصعود حماس وازدياد قوتها , واهتزاز الثقة الشعبية في حكومة السنيورة- بصورتها السابقة قبل اتفاق الدوحة - وقوى 14 آذار, والى عدم قدرة المتعاملين العراقيين في بغداد , والمتعاملين الأفغان في كابول , على فرض السيطرة والأستقرار في العراق وأفغانستان على الترتيب ... وأمّا في دول أوروبا , فقد صارت الأنظمة الموالية لواشنطن , في مواجهة ضغوط المعارضة الشعبية , فسقط طوني بلير , وأزنار الأسباني , وبيرلسكوني الأيطالي - العائد حديثاً للحكم بصفقة داخلية ديمقراطية - ... وأخيراً القادم حديثاً الى قصر الأيليزية / ساركوزي / حيث شعبيته تتناقص لدى الشارع الفرنسي .
* فتدخل السياسة الخارجية الأمريكية في الشؤون السيادية للدول وعبر الأستخبار الأمريكي الأسود , وعلى وجه الخصوص دول منطقة الشرق الأوسط , وتدخل اسرائيل والأيباك في السياسة الخارجية الأمريكية نحو دول العالم الأخرى , وخاصةً دول منطقة الشرق الأوسط , صارت أزمة الولايات المتحدة الأمريكية تتضمن أزمة داخل أزمة , ولم تعد واشنطن قادرة على الأمساك بزمام المبادرة والسيطرة في الصراعات التي أشعلتها في العراق وأفغانستان , وبقية بؤر التوتر , وذلك لأنّ هذه الصراعات هي بالأساس امتداد لصراع قديم ممتد ومستمر أشعلته الدولة العبرية ( اسرائيل ) فأصبحت الأزمة أسلوب ادارة تمارسه واشنطن في ادارة الأزمات التي تشعلها في العالم بسبب غلاة المتطرفين في الدولة الأمريكية وسياساتهم الخرقاء , حيث ستبقى ادارة أوباما الديمقراطية أسيرة لأجندة جمهورية لأربع سنوات قادمة , بالرغم من أنني أرى أنّ أوباما هو غورباتشوف الولايات المتحدة الأمريكية وما لهذا الوصف من تداعيات على الجغرافيا والديمغرافيا وبنية الدولة الأمريكية الحالية .
* ويذهب المحلل الأمريكي أندرو مارشال الى القول جهاراً نهاراً : انّ ما حدث في العراق من تدمير وتفعيل لفرق الموت - في حينه - هو بالأساس فعل تعود " جرثومته " للمخابرات البريطانية وبالمشاركة مع المخابرات الأمريكية , حيث تقوم الشراكة بين الطرفين على أساس اعتبارات الجمع بين الخبرة والأمكانيات , طالما أنّ المخابرات البريطانية تملك الخبرة الواسعة والمخابرات الأمريكية تملك الأمكانيات الواسعة .
* كما استطاعت CIA توظيف مزايا الأنفتاح الأقتصادي وحرية الحركة والعمل التي يتسم بها النظام الرأسمالي , من أجل التغلغل في معظم بلدان العالم , عن طريق استخدام الشركات الأمريكية والغربية , كغطاء وواجهة لأنشطتها الأستخبارية , كما قامت CIA بشراء الكثير من الأسهم في شركات المساهمة العالمية والدولية المتعدّدة الجنسيات , كذراع اقتصادي – مالي - حقيقته أمني - استخباري .
* عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية *
mohd_ahamd2003@yahoo.com
التعليقات