"وثيقة زمزم"وبوادر الإنشقاق الإخواني


جراسا -

فجّر إطلاق مجموعة من القيادات الإخوانية لمبادرة جديدة، تسعى لبلورة "تيار إسلامي جديد"، تحت مسمى "المبادرة الوطنية للبناء"، أو وثيقة "زمزم"، سيلا من الجدل والآراء داخل أروقة جماعة الإخوان المسلمين.
وفيما اعتبرت قيادات في الحركة ومناصرون لها فكرة المبادرة "خطوة على طريق الانشقاق الداخلي"، يؤكد مؤسسو وعرابو المبادرة أنها "مكملة" لدور الحركة الإسلامية، وليست انشقاقا على أحد. وجاءت تصريحات أحد أبرز مؤسسي المبادرة أمس لتحمل مضامين جديدة، يتوقع لها أن تزيد من حدة الجدل داخل أروقة الحركة، بحسب ما يرى مراقبون، خاصة أن هذه التصريحات أشارت إلى أن إطلاق المبادرة جاء "بسبب إهمال الحركة الإسلامية" لبعض القضايا الداخلية، و"توجهها" نحو القضايا العربية والإسلامية والقضية الفلسطينية، بحسب ما قال لـ"الغد" أحد نشطاء المبادرة محمد المجالي.
وأعلن القيادي في الحركة الدكتور ارحيل غرايبة مضامين المبادرة الجديدة، في بيان رسمي مساء أمس، مؤكدا أنها "مبادرة اجتماعية، تهدف إلى استنهاض الطاقات الشبابية، من مختلف التيارات الفكرية، استنادا إلى مرجعية إسلامية". معتبرا أنها "ليست سياسية بالدرجة الأولى بل اجتماعية".
وتسعى المبادرة، وفقا للغرايبة، إلى "خلق مظلة جديدة وإطار وطني، يضم مهتمين من مختلف التيارات، للعمل على إخراج البلاد من أزمتها، في ظل انسداد الأفق السياسي".
الغرايبة أوضح في بيانه أن الهيئة التأسيسية للمبادرة "بصدد صياغة نظام داخلي، سيصار إلى إشهاره في غضون أربعة أشهر".
وجاء تسرب أنباء المبادرة أول من أمس، وسط تحليلات صحفية متداولة، تعتبر المبادرة كخطوة على طريق انشقاق في الحركة الإسلامية، وأنها ترمي إلى فصل التيار "الشرق أردني" عن "الغرب أردني" في الجماعة، فيما ذهبت بعض التحليلات إلى أنها خطوة "جاءت احتجاجا على سياسة قيادة جماعة الإخوان في التعاطي مع المستجدات السياسية".
ونقلت مصادر عن قيادات إخوانية أنها اعتبرت المبادرة محاولة "للانشقاق عن الحركة"، وأنها "محط رفض داخلي"، فيما حاولت "الغد" الاتصال بالناطق الرسمي باسم الجماعة القيادي زكي بني ارشيد للتعليق على المبادرة، دون التمكن من ذلك، لتواجده خارج البلاد.
في المقابل، أشار عدد من قيادات الحركة الإسلامية البارزين، من تيار الصقور، إلى عدم علمهم بالمبادرة، أو الاطلاع عليها، وفضلوا ترك التعليق على أهداف المبادرة لمؤسسيها ومتبنيها.
ونفى الغرايبة في تصريحات لـ"الغد"، أن تكون المبادرة "بديلا" عن الحركة الإسلامية، أو "مناكفة لها"، وقال: "هي ليست ردا على مقاطعة الانتخابات، وليست انشقاقا، ولا انفكاكا عن أحد.. هي مبادرة اجتماعية لإيجاد تيار إسلامي عريض، يضم بين صفوفه إخوانا وغير إخوان".
وأوضح الغرايبة أنها مبادرة "تداعى" لها نحو 70 شخصية، أغلبهم من الحركة الإسلامية، إضافة إلى شخصيات غير حزبية، توافقوا على صياغة ورقة، تتضمن إطلاق مبادرة وطنية، تحمل مقترحات للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد، ولخدمة الأهداف العامة".
وقال "هي مجموعة أفكار متعلقة بالبناء الاجتماعي للبلاد، من خلال طرح مشاريع عميقة بديلة، تركز على الجانب الاجتماعي واستثمار الطاقات الشبابية (...)".
وبشأن ما تناولته تقارير إعلامية، اعتبرت المبادرة "نوعا من التصحيح لمسار جماعة الإخوان ودفعها للمشاركة في مختلف المجالات"، قال الغرايبة "إن ما تم تداوله لا يمثلنا، ليس تصحيحا ولا مناكفة، بل إن الجانب السياسي لن يأخذ أكثر من 20 في المائة من عمل المبادرة".
وأكد الغرايبة، في بيانه الذي صدر باسم الهيئة التأسيسية للمبادرة، أنها "جزء لا يتجزأ من العمل الشعبي، والحراك الوطني الإصلاحي الراشد، الذي يهدف إلى تحقيق الإصلاح الشامل، بطرق حضارية سلمية وعلنية، بعيداً عن العنف والتطرف والتعصب الديني أو المذهبي أو الإقليمي".
وبين أنها "لا تمثل حركة انشقاق عن أي تيار، ولا تهدف إلى مناكفة أي مجموعة، وتضم شخصيات من الحركة الإسلامية ومن خارجها، ومن كل ألوان الطيف الأردني".
وحول ذلك، يؤكد العضو المؤسس في المبادرة الدكتور محمد المجالي، في تصريحات صحفية، أن المبادرة "ليست انشقاقا عن الحركة الإسلامية"، لكنه أشار إلى أنها "جاءت لتكمل ما عجزت عنه الحركة الإسلامية".
وقال "المبادرة تعبر أيضا عن رغبة بالقيام بما نعجز عن القيام به داخل الإخوان.. هي مبادرة مكملة وليست تحديا ولا انشقاقا، وهي شاملة تضم من لا يرغبون بالتنظيم داخل أي عمل حزبي أو سياسي.. وجاءت لاحتواء الجهود والطاقات لمن يرغب في الانخراط في عمل وطني بمرجعية إسلامية".
وفي رده على تساؤل حول "تضارب" دور المبادرة مع دور جماعة الإخوان المسلمين، كونها إطارا جديدا ذا مرجعية إسلامية، قال المجالي "الحركة الإسلامية رفعت هذا الشعار، لكن كان هناك إهمال للشأن الاردني، واهتمام بالقضايا الأخرى على حساب القضايا الداخلية... نحن لا نشكك بأهمية القضايا الإسلامية والقضية الفلسطينية، لكن هناك أوضاع داخلية ذات أولوية ايضا..".
ولم يتردد المجالي في الإشارة إلى أن هناك "قضايا عامة انحازت إليها الحركة الإسلامية أكثر من الداخل الأردني"، فيما اعتبر أن "الأصل أن لا تثير المبادرة أي تحفظ أو تحسس داخل جماعة الإخوان".
وشدد المجالي على أن المبادرة "سلمية ومستقلة، ولا ترتبط بأية جهات خارجية او داخلية"، وأضاف "وهي علنية لا تناكف حزبا ولا دولة، ولا ترتبط بجهة داخلية أو خارجية".
وتنص المبادرة في بعض بنودها، بحسب ما علمت "الغد" من مصادر مطلعة، على إرساء معالم الديمقراطية الحقيقية، وإقامة الدولة المدنية الحديثة بمرجعية إسلامية، وأوضح "أن أبرز المسوغات لإنشاء المبادرة هو ضعف الأطر التقليدية السياسية الفاعلة". وبشأن السياسات الرئيسية للمبادرة، ركزت على "حفظ هيبة الدولة الأردنية، واعتماد مبدأ التدرج في الانتقال نحو الديمقراطية، ضمن خطط الإصلاح المأمول"، إضافة إلى "تقريب" ما أسمته بالأمناء من مراكز صنع القرار، والمشاركة في الحكومات والمجالات المختلفة، ضمن آليات تشكيل ديمقراطية حديثة واستراتيجية إصلاحية واضحة.
كما اعتمدت الهيئة التأسيسية ضمن سياسات المبادرة "ضرورة الابتعاد عن لغة التكفير والتخوين والتجريح في الخطاب العام، وتبنّي الخطاب العقلاني الإيجابي"، إلى جانب "ضرورة إنشاء وسائل إعلامية مؤثرة وإنشاء شبكة علاقات مع القوى السياسية الفاعلة".

الغد



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات