يحاربون سيف الدولة الحمداني


روسيا بقوة سلاحها وامريكا بقوّة دهائها واسرائيل بقوة أكاذيبها وإعلامها اتّحدوا ليحاربوا تلك البلدة السوريّة والتي كانت تقبع واهلها الطيِّبين في الشمال تواجه الظلم والألم بمزيد من الصبر والحلُم إلى ان اجتمعت قوى الشر في كوكبنا عليها لتدميرها وذبح اهلها وحرق اطفالها وسكب حليب اطفالها في نهر قويق العظيم الذي كان يخترق المدينة شامخا يجمع على اطرافه المسلم والمسيحي , الكردي والتركماني , الدرزي والعلوي , الشيشاني والأشوري , الشركسي والأرمني , اليهودي والفارسي , ومن مختلف الجذور والمنابت والأصول وكل له مشاربه ومجالسه ولغته وعباداته يعيشون في سلام ووئام .

وعلى الطرف الآخر من العالم أناس غارقون في سباتهم يندبون حظّهم لأنهم لا يستطيعون فعل شيئا نتيجة نيامهم المزمن ولأنهم لا يستطيعون ان يفيقوا من سباتهم لأنهم آمنوا بالسحر ووقعوا فيه ولم يستطيعوا القضاء على الساحر ولا يرغبون في ذلك .

وفي قعر المنتصف يعيش اطفال ونساء اشتهروا بتعايشهم مع برودة المنينة التي يعشقونها حتى وُسموا ببردها ولكن النار هذه المرّة شوت اجسادهم وحوّلتها الى فحم ولكن ليس للأراجيل على اطراف نهر قويق وانما الى انهار جنات عدن في الجنّات العلى لدى رحمن رحيم فبينما بطونهم تزحف على التراب من الجوع غارقة في الدم متفحمة ولكن رؤوسها تكاد تلامس السموات العلى بكرامتها .

ومهما علا أزيز الطائرات الروسيّة المجرمة ومهما ثقلت باحمالها من القنابل والصواريخ ومهما كثرت جولات كيري وروحاته وجيّاته في العالم ومهما توسّعت اسرائيل في تعميم اكاذيبها على العالم ومهما اسقط العسكر من براميل متفجِّرة واشعل من حرائق وأعدم من اطفال ونساء فلن يأخذ جميع المعتدين على حلب وحصنها المنيع واهلها الشرفاء من اهل حلب سوى الأجساد البريئة بينما الأرواح تصعد الى باريها معطّرة بالمسك والريحان بينما الإرادة تبقى مزروعة في ارض حلب الشهباء تُسقى من نهر قويق العظيم وإن جفّ ماءه فقدسية دماء الأطفال والنساء تجعله ممتلئا بالخير واحلام النصر على الدوام .

قد تكون حلب في اعتقاد الأعداء واتباعهم انها مكسر العظم ولي الذراع وانها تقبع على مفترق الطرق المؤدِّية للدويلات الطائفيّة الهزيلة وأنها القارعة التي سيتقاسم عليها اللصوص المغنم واجزاء الشاه بعد سلخها وغسل ايديهم النجسة ولكن هذا لن يحصل بعد ان اجروا بروفات فاشلة عديدة في حمص وحماة ودرعا ودمشق فلم يحصدوا إلاّ الدمار والقتل والحصاروجولات مكوكية لممثلي الأمين العام للأمم المتحدة العرب والأجانب واجتماعات هنا وهناك حتى استقر بهم المطاف في حلب الشهباء

وستنتهي المحرقة ويخبوا نارها وسيحاسب المجرمون امام شعب جبّار ليبدء في معركة الإعمار بيد الثوار المنتفضين من تحت الركام والدمار متشبثين بأغصان الزيتون واوراق الصبّار وكرابيج حلب التي تقطر شهدا بدل الدم والعذاب والآهات .

وكما كان سيف الدولة الحمداني والمعروف باللقب الأكثر شيوعا سيف الدولة (سيف الدولة العباسية), هو مؤسس إمارة حلب, التي تضم معظم شمال سوريا وأجزاء من غرب الجزيرة, و أخ لحسان ابن عبدالله (المعروف بـ ناصر الدولة الحمداني). وكان من أكثر الأعضاء بروزا في الدولة الحمدانية, سيف الدولة خدم تحت ولاية أخيه الأكبر في محاولات من أخيه للسيطرة على الدولة العباسية الضعيفة في بغداد في أوائل 940 م, بعد فشل هذه المحاولات, تحول طموح سيف الدولة تجاه سوريا, حيث واجه طمع الأخشيد من مصر للسيطرة على المحافظة, بعد نشوء حربين معهم. سلطته كانت على شمال سوريا مركزها في حلب, والجزيرة الغربية مركزها ميافارقين, وكان معترف بها من قبل الأخشيد والخليفة, عانت مملكته من سلسلة من التمردات القبلية حتى 955 م, لكنه كان ناجحا في التغلب عليها والمحافظة على ولاء أهم القبائل العربية, أصبحت دولة سيف الدولة في حلب مركز الثقافة والحيوية, وجمع من حوله من الأدباء بما في ذلك العظيم أبو الطيب المتنبي الذي ساعد في ضمان شهرته للأجيال القادمة.

كان راعياً للفنون والعلماء، وتزاحم على بابه في حلب الشُعراء والعُلماء والأدباء والمفكرون، ففتح لهم بلاطه وخزائنه، حتى كانت له عملة خاصة يسكها للشعراء من مادحيه، وفيهم المتنبي وابن خالويه النحوي المشهور، والفارابي الفيلسوف الشهير، كما اعتنى بابن عمه وأخو زوجته أبو فراس الحمداني شاعر حلب. وقال هو نفسه الشعر، وله أبيات جيدة، أصبحت عاصمة دولته حلب مقصدا لكافة العلماء والشعراء العرب في هذه الفترة من حكم سيف الدولة.

تلك المدينة التي يتكالب عليها المستعمرون الجدد لتدميرها وقتل اطفالها وسلخها عن سوريا الأم ويواجههم ابو فراس الحمداني ومعه المتنبي وابن خالويه وغيرهم من اصحاب الكلمة والشعر علّ الغازون يخجلون من انفسهم ويتركوا المدينة وما تبقّى من ابنيتها واطفالها ونسائها واشعارها وحدائقها الغناء ومنها حديقتها العامّة ملكة جمال الحدائق وليستريح الأدباء في ساعة سعدالله الجابري ويترحموا على من هم في مقبرة ابراهيم هنانو الذي قاوم الفرنسيون بعد سيف الدولة بالف عام وثم ليجدّدوا العهد ان يصونوا حلب الحب والسلام امام قلعة حلب التي عصى عند قدميها وخندقها الغزاة  
اللهم احرق قلوب من يحرق حلب واطفالها واحفظ الأردن ارضا وشعبا وقيادة من كل سوء .
ambanr@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات