مشاريع الإفلاس التنموي


يظن البعض بأن الليبرالية الإقتصادية تعَني الإنفتاح على ما هبَّ ودبَّ من النظريات والممارسات المطبقة في شتى أقصاع المعمورة، بدعوى التنمية، ولكن تنمية من يا ترى، دعونا نرى.

لقد تميز عهد المملكة الرابعة بالإنفتاح على القطاع الخاص حينما إختار جلالة الملك عبد الله الثاني المهندس علي أبو الراغب لرئاسة الحكومة الثانية في عهده والتي استندت الى التفويض المُعطى لها بموجب البند الثامن من كتاب التكليف السامي بالتحرر من القيود التي تعيق نمو الإقتصاد الوطني وإزدهاره، وإستغلال الإنفتاح من خلال إنضمام الأردن الى منظمة التجارة الدولية والشراكة الأوروبية وإتفاقيات التجارة الحرة مع العديد من الدول.
لقد أجتهد دولة أبو الراغب لتنفيذ المهمات الموكله إليه، فعمل على إصدار قرابة 200 قانون مؤقت لتحقيق الرؤية الإقتصادية التي يؤمن بها، وعمل على إقامة مشروع منطقة العقبة الإقتصادية الخاصة، وكلف وزير نقله الكابتن محمد الكلالدة بتولي مهمة رئاسة أول مجلس مفوضين الذي ارسى البنية التشريعية للسلطة وعمل على تفويض صلاحيات الوزارات والموسسات العامة للسلطة. وقد فتحت تجربة العقبة الخاصة شهية الوزرات المتعاقبة لتعميم التجربة من خلال مسميات مختلفة مثل المناطق التنموية والحرة، فهل خدمت هذه المناطق بعد ما يقارب 15 عاماً على إنشائها، هل خدمت التنمية بحيث اصبحت وجهة للإستثمار ومكان للعمل والإستقرار من قبل الشعب الأردني.
لقد وعدتنا سلطة منطقة العقبة الإقتصادية، ذات الإسم الطويل والواعد، وعدتنا بتوفير 200 ألف فرصة عمل خلال عشر سنوات من تأسيسها، أي في العام 2011 قبل ما يسمى بالربيع العربي، فهل صدقت الوعد ونثرت الرمال ذهباً.
إحصاءات العام 2015 بينت بأن عدد سكان محافظة العقبة قد بلغ حوالي 102 ألف نسمة في العام 2004 بنسبة 2% من إجمالي عدد سكان المملكة، وقد إنخفضت هذه النسبة الى أقل من 2% في العام 2015 فأي تنمية هذه التي تتحدثون عنها، وأي وعود عشمتمونا بها، وهل يجوز أن نسكت عن هذا الفشل التنموي المريع، بالتاكيد لن نسكت، لأن الثقة التي منحها اياكم الشعب قد انتهكت، فكان الأصل أن يرتفع عدد سكان العقبة ليصل الى مليون مواطن أردني، يعيشون برفاهية ورخاء.
وكعادة تجار الحسبة، تنادى الطامحين برئاسة وعضوية الهيئات المستقلة، فقمتم بتعميم فكرة العقبة التي لم يثبت نجاحها على المناطق الأخرى فولدت قيصرياً منطقة معان التنموية، التي ليس لها من إسمها نصيب، وتبعها المفرق التنموية، وعجلون التنموية، والبحر الميت التنموية، واربد التنموية، واعطيتم المنطقة المصممة للقيادة العامة للجيش بعمّان لتكون مقر لمكاتب حاسوب كان يمكن لها ان تستأجر في الصويفية، كل هذا تحت مسمى التنمية التي لم يشعر بها المواطن، لا بل على العكس تماماً، فقد ارتفع الدين العام ليصل 93% من الناتج المحلي الإجمالي، أي اننا على أبواب الإفلاس... نعم يا جهابذة الأفكار التنموية الخاصة، الأفلاس على الأبواب، وقد مُنحنا مهلة ستة أشهر لخفض النسبة الى 80% وهذا مستحيل... وإلا.
لا تقولوا لنا بأن السبب هي أوضاع المنطقة، لأن المنطق يقول بأن العكس هو الصحيح، فقد استقبلنا أثرياء العراق ومجتهدي سورية، فهل استفاد المواطن العادي من الأشقاء وإمكاناتهم، بالتأكيد لا.
لقد نصَحنا عالِم... بأن لا نتوقع نتائج مختلفة بإعادة التجربة بنفس المعطيات مراراً وتكراراً، فقد آن الأوان للتخلص من الهيئات الفاشلة وان تلغى قوانينها التي حولت المملكة الى جزر تشريعية، وأن يصار الى توزيع مساحة المملكة الى أقاليم تنموية تتماشى مع طبيعتها الجغرافية، وأن تعطى البلديات الإهتمام الكافي لأنها الأقرب الى الناس والأعلم بشعابها، فتصبح هي الرافعة التنموية، وأن فهل أنتم فاعلين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات