البسطات مصدر الأزمات


في المجتمعات توضع القوانين لتنظيم علاقات الناس في ما بينهم من جهة، وبينهم وبين أجهزة الدولة التي يعيشون فيها من جهة أخرى، فالأصل في القانون أن يطبق طوال الوقت، لا أن يطبق لفترة ومن ثم يتم التوقف أو التراخي حتى تستفحل وتنتشر المخالفة لدرجة قد تصبح فيها بعض الحالات وضعا قائما تجد من يتعاطف معها ويدافع عنها، وربما يصل الأمر بأن يلجأ المدافعون عن المحالفة لاستخدام العنف والقوة، أو تحريك بعض الأدوات التي في أيديهم كما في مشكلة البسطات في مدينة الزرقاء.

فشهراً بعد شهر وعاماً بعد عام وظاهرة 'البسطات' في محافظة الزرقاء ما تزال قائمة وتزداد انتشاراً لدرجة باتت تشكل أرقاً للتجار وللمواطنين وعاوائلهم ولكل من يرتاد الوسط التجاري.

المواطنون في مدينة الزرقاء وأنا منهم لم نستطع أن نحصي كم مرة قرأنا وسمعنا هذه الجملة أو ما يشابهها 'حملة إزالة 'البسطات' مستمرة حتى إزالتها تماماً'.

هذه الجملة، وهذه المشكلة القديمة الجديدة، والأزمة التي لا يُراد لها أن تنتهي، ما أن تبدأ حتى تبدأ الحملات المضادة مِن قبل بعض المتنفذين المنتفعين وهنا نسأل:

لماذا عندما تبدأ حملة تنظيم الأسواق وإزالة الاعتداءات على الأرصفة تتعالى الأصوات المتعاطفة مع المعتدي المخالف للقانون؟!

مَن المستفيد من الأزمات المرورية الخانقة التي تحدثها 'البسطات' حين تُحتل الأرصفة ويُجبر المشاة على السير في الشارع العام؟!

مَن المستفيد من بيع بضائع تالفة أو منتهية الصلاحية أو توشك على الانتهاء إضافة لبيع بعض الممنوعات على بعض البسطات أحيانا؟

مَن المستفيد مِن خنق تجار الوسط التجاري الذين يدفعون أجور محلات مرتفعة نسبياً عن الأحياء وضرائب وبدل تراخيص وقارمات؟ أي حق هذا الذي يعطي الخارج عن القانون حق منافسة تجار ملتزمين بالقانون؟! ومَن المستفيد من عدم التنظيم؟!

مَن المستفيد من مضايقة النساء في الأسواق وإجبارهن على سماع مقطوعات مِن الكلمات النابية والبذيئة؟ من المستفيد مِن التعدي على هيبة الدولة حين تبدأ بتطبيق القانون؟

مَن الذي يريد أن يُبقي المشكلة دون حل جذري؟

نقول بمرارة وبأسف شديد أن هناك قلة تريد أن تتغول على الدولة بعدم الامتثال للقانون، وتضرب عرض الحائط بالقوانين والأنظمة المعمول بها والتي تُعّنى بتنظيم الأسواق مِن أجل مصالحهم الشخصية.

وفي كل مرة تقام حملة لإزالة 'البسطات' تتحرك ذات المافيا ويتحرك المتنفذون ويبدأ المتباكون على الفقراء بالنحيب، فيتم التراجع، وهنا يطرح السؤال التالي نفسه أرضا:هل يستطيع الفقير المعدم أن يمتلك 'بسطة' في الوسط التجاري؟ وكم سيدفع ولمن سيدفع إن استطاع؟

الآن بدأت محافظة الزرقاء مشكورة بحملة لإزالة الإعتداءات على الأرصفة والشوارع استجابة لاستغاثات المواطنين مِن مُرتادي الوسط التجاري إضافة للتجار المتضررين مِن الاعتداءات.

ومِن هنا فإننا نثمن جهود محافظ الزرقاء الرامية لتطبيق القانون وإحقاق الحق واستمرار الحملة التي بدأت لإزالة الإعتداءات 'والبسطات' أي كان أصحابها، بما فيها بسطات بعض التجار، وعدم الالتفات لؤلائك الذين يريدون أن يضعوا العصي في دواليب التنظيم كما في كل مرة.

ونقرن تثميننا للجهود بنداء لعطوفة محافظ الزرقاء رائد العدوان بالمضي قدما وعدم التوقف حتى تأتي الحملة أوكلها وتطرح ثمارها ويسير الناس على الأرصفة التي أنشأت لهم دونما مضايقات.
كما نهيب بإخواننا المواطنين والتجار على حد سواء مساندة الحملة لانجاح الحملة. ونحن بدورنا لن ندخر جهداً في دعم هذا التوجه وسنقف خلف محافظ الزرقاء وكل من يسعى في ذلك الاتجاه، فلا يعقل أن تكون المصلحة الشخصية لعدد معين من الأشخاص أهم من مصلحة مئات الآف من سكان المحافظة وزوارها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات