الغباء الروسي والدهاء الامريكي


نجحت امريكا ومعها حلفاؤها في جر روسيا الى المستنقع السوري وتوريطها عسكريا وسياسيا في معركة استنزفت موازنة وزارة الدفاع الروسية وشوهّت صورتها امام العالم وجعلت روسيا على حافة انهيار اقتصادي غير مسبوق نظرا للكلفة المالية الباهضة جدا التي تكبدتها دون اي مردود اقتصادي او سياسي مستقبلي يبقي روسيا في مقدمة الدول صانعة القرار في المنطقة .

هذا اذا ادركنا حجم الترسانة العسكرية التي شاركت في قتل الشعب السوري دفاعا عن رئيس متعدد الولاءات\ فقد ذكرت وثائق سرية ان بشار الاسد يخوض حربا اقليمية المستفيد منها اولا واخيرا ايران وانه تعهد لطهران بتحجيم الوجود الروسي بعد الانتصار على المعارضة وهو ما كشفت عنه المخابرات الروسية للرئيس بوتين في الاجتماع الامني الذي عقد في احد المقرات الملحقة بالكرملين وحضره وزيرا الدفاع والمالية وقيادات عسكرية وامنية مقربة من بوتين وكانت وراء القرار غير المتوقع بسحب القوات الرسية من سوريا .

وتشير تسريبات الى حجم الصدمة التي عصفت بمشاعر بوتين عندما علم بأن كلفة المشاركة في الحرب الى جانب نظام متهالك قد استنزفت موازنة روسيا وهي بالاساس على حافة الانهيار .

ولذلك اتخذ بوتين قرارا متسرعا لا يختلف عن قرار الزج بروسيا في حرب لا مصلحة للشعب الروسي بها بسحب قواته من روسيا وليستفيد من كل ذلك اوباما ويفقد بوتين أهليته امام شعبه مثلما فقد شعبيته دوليا واقليميا وصار ينظر اليه من قبل الشعوب التي تسعى الى التحرر على انه عدو لتلك الشعوب والتي طالما تغنت الشيوعية بصداقتها لشعوب العالم الساعية للتحرر ففقدت بذلك مصداقيتها.

امريكا استخدمت دهاءها وصورّت بوتين على انه القوة الفاعلة التي يمكنها تغيير الواقع السياسي والديمغرافي في المنطقة وشرب بوتين الطعم كما فعلت مع الرئيس صدام من قبل والنتيجة ان بوتين كشف اسرار ترسانته العسكرية ودّمر سمعته وسمعة بلده ووضع موازنة روسيا في دائرة الخطر .

روسيا تكبدت خسائر مالية ضخمة وقتلت شعبا اعزل و كشفت اسرار قدراتها العسكرية أمام اعدائها التقليدين وخسرت العديد من جنودها في الحرب وظهرت بمظهر المتخبط الذي لا يعرف ماذا يريد ولم تكسب شيئا بل على العكس كسبت عداوة السوريين الذين يطالبون بمحاكمة بوتين كمجرم حرب وخرج اوباما من اللعبة مثل الشعرة من العجين .

بصراحة لقد استغلت امريكا الغباء الروسي ابشع استغلال لتظل هي القطب الوحيد الذي يحكم العالم وأوجدت شرخا مفصليا بين بشار الاسد الذي باع بلده للروس وبين روسيا وغيّرت قواعد اللعبة في الشرق الاوسط وأعادة ثقة اصدقائها التقليديين وحشرت حزب الله في خانة ضيقة وهو ما قد يحرج ايران ويجعلها تكون البديل عن الروس في الحرب على سوريا لتزج بقواتها في حرب ستخرج قطعا منها منهكة عسكريا واقتصاديا وسياسيا .

الايام القادمة ستكشف عن مزيد من المفاجآت وسيكسب الشعب السوري الحرب وسيلعب بشار نفس الدور الذي لعبه الرئيس اليمني المخلوع في الاعتماد على مليشيات علوية وشيعية لتثبيت اركان كرسيه الواقف على رجل واحدة ، وبالنهاية سيذكر التاريخ ان رئيسا استعان بالاجنبي ليحميه من شعبه وستظل لعنة اطفال سوريا تطارد بشار وبوتين وحسن نصرالله ومجوس ايران وكل من ساندهم من عرب وعجم حتى تقوم الساعة وسيكتشف كل الذين زاروا دمشق ليدعموا بشار في ذبح شعبه انهم واهمون لأن من يقتل شعبه لن يتوانى عن قتلكم اذا ما أردتم التحرر من ربقته والخروج على طاعته والزمن هو الحكم بيننا وبينكم .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات