الإسلاميون ،،، والانتخابات القادمة


لعل اشتباكاً هادئاً أو تحت ظل المشهد المبعثر يدور بين الإسلاميين والدولة الاردنية ممثلة بمثلث الإدارة والقوة فيها،، مؤسسة القصر، والمؤسسة الأمنية، ومؤسسة الدوار الرابع.

ولعل محاور الاشتباك تدور في الأساس حول مشروعية التمثيل السياسي والاجتماعي للحركة الإسلامية وشرعيته، فبينما تحاول المؤسسة الأمنية باعتبارها صانعة السياسات للدولة الأردنية، وسيدة ملف التعامل مع الأسلاميين التلاعب والمناورة بأبجديات التمثيل، ومحاولة خلق بديل جديد من خلال بؤر تمثيل ركيكة مصطنعة لمجموعات محدودة عاتبة أو غاضبة على مرجعياتها الأم، وإن كانت التجربة والمحاولة فاشلة حتى الساعة.

فإن فريقاً آخر في مؤسسة الحكم يرى في الحركة الإسلامية الأم ضالته، ويرى فيها المرجعية الحقيقية للإسلاميين لما يمثلونه من وزن شعبي وثقل سياسي وتاريخ ناضج مشهود له بالانحياز الدائم لمكونات الدولة الأردنية ومؤسساتها، و إن رافق ذلك عتاب على بعض شخوصها،، أو على بعض محطات الفعل السياسي فيها.

ولعل المقال في هذا المقام يعرض لتطلعات وآمال في إعادة صياغة العلاقة ، وتجديد الثقة فيها، لا على قاعدة التوتر وعدم الوضوح، ولا على قاعدة الإقصاء أو الإنحياز لطرف على حساب آخر ،، و إنما على قاعدة التوازن ، والإنحياز للكل الأردني.

فالعقلاء في هذا الوطن،، كما يَرَوْن في مؤسسة القصر، والمؤسسة الأمنية، بالإضافة إلى المؤسسات الدستورية ممثلة بمجلس الأمة ممثل الشعب، والقضاء ركن العدالة والانصاف والحكومة، مؤسسات وأركاناً لهذا الوطن، وضمانات استقرار فيه. فإنهم كذلك يَرَوْن في الحركة الإسلامية ركناً أساساً وصمام أمان في هذا الوطن.
ولعل المتابع لا يحتاج إلى قراءة تاريخية للعلاقة بين الأطراف السالف ذكرها، أو لأدوار كل منها،،، وإنما يحتاج الجميع إلى تجلية الصورة عن عديد من المواقف، وإلى صياغة علاقة جديدة تُعامل فيها الحركة الإسلامية - باعتبارها المكون الأساس في البناء الحزبي في الحياة السياسية والاجتماعية والشعبية - مع مؤسسة الحكم أساسها الشراكة والتكامل وتناسق الأدوار بين جميع الأطراف،، لا على أساس المغالبة أو الإقصاء أو المناكفة أو الإخضاع.

وعلى هذا الأساس، فإن مؤسسة القصر - باعتبارها موطن الثقة للأردنيين كافة كونها المؤسسة الأم والراعية لكل التوازنات على الساحة الأردنية - مطالبة برعاية حوار أو مبادرة بين جميع الأركان السابق ذكرها تتوضح فيها المواقف، وتنزاح من خلالها أي مخاوف أو شكوك، وتتاح فيها الفرصة بين الجميع إلى سماع وجهات النظر وبناء علاقة تكاملية جديدة تستند إلى كل الإرث الإيجابي منذ نشأة المملكة، كما تستند إلى استبعاد أي مظاهر سلبية، وهذا يستلزم من مؤسسة القصر أن تحدد قواعد الحوار المنطلقة من إشراك كل أطياف المجتمع كل حسب قدرته على المنافسة في خدمة المشروع الأردني وخدمة قضايا الأمة، دون إقصاء أو أحكام مسبقة، وعلى قاعدة التعامل مع الحركة الإسلامية باعتبارها مكوناً شعبياً وازناً، وطليعة للقوى الوطنية والسياسية وبما يفرض معاملتها كشريك أصيل في البناء الوطني، وليس كملف أو قضية أمنية، أو كحالة طارئة معزولة عن المجتمع.

وهو أمر يتطلب من الحكومة أن تبادر إلى تقديم تعديلات جادة و وازنة على مشروع قانون الانتخاب المقدم منها، وعلى كل قانون يضمن المشاركة السياسية والاجتماعية الفاعلة فلا يعطلها أو يضعف ضماناتها، وبشكل يحقق إزالة الرواسب السلبية المؤلمة من أذهان الناس والقوى الوطنية حول التجارب السياسية الماضية.

وهو أمر يدفع بالحركة الإسلامية نحو إطلاق مبادرات شعبية -اجتماعية وسياسية - للتكامل مع الموقف الرسمي لمؤسسة القصر باعتبارها حاضنة وراعية للحوار، وأن يتمثل ذلك بإعلان طلاق الحركة الإسلامية للفعل السياسي المعطل وعلى رأسه إعادة النظر بقرار مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وأن تبادر إلى تفعيل ماكينتها الشعبية والتنظيمية للمشاركة الفاعلة في التصدي لكل ما يضعف الموقف الرسمي الداعم لحق المواطن في الحرية والعدالة والمساواة والعيش الكريم ،، وإلى محاربة الفساد وتدعيم برامج الإصلاح ،، وإلى نصرة قضايا الأمة ، والتصدي لكل ما يحاك للأردن.

الكرة الان في ملعب الوطن ،،، والحكم في الأمر مؤسسة القصر ، واللاعبون الفاعلون ثلاثة ،، المؤسسة الأمنية والمرجو منها أن تكون صاحبة المبادرة الوطنية المرتجاة والقائمة على قاعدة المشاركة للجميع دون إقصاء ،،،، واللاعب الثاني الحكومة الأردنية والمطالبة بتقديم قانون يضمن مشاركة الجميع ويحقق العدالة في التمثيل ويقدم ما يضمن نزاهة الانتخابات.

واللاعب الثالث ،، الحركة الإسلامية والمطالبة بالمبادرة إلى إعلان موقف إيجابي بالمشاركة في كل فعاليات الوطن، وعلى رأسها المشاركة السياسية وخصوصاً البرلمانية منها.

لعل القادم من الأيام يكشف لنا حرص الجميع ورغبتهم في تحمل مسؤولياتهم وأماناتهم تجاه الوطن ،،، من خلال التكامل الإيجابي في التعاطي مع الهم الوطني وقضاياه ،، وفي المشاركة الواعية في رسم مستقبل أردن مستقر آمن بعيد عن المغامرات أو التوحد في الإدارة،،،، والقادم خير باْذن الله للجميع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات