في رثاء المغفور له خالد فيصل ابراهيم الفليح


جراسا -

بسم الله الرحمن الرحيم
رثاء مرور أربعين يوم على وفاة المرحوم بإذن الله تعالى الغالي
خالد فيصل ابراهيم الفليح
اللهم اني أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك ورسلك وجميع خلقك بأنني كنت ومازلت وسأبقى راض كل الرضى على قدرك وقضائك وما كنت ولن أكون ساخطا على ذلك.

خالد...يا قطعة من قلبي فارقتني...يا مهجة النفس...يا عطري الصباحي...يا حلم ليل لامس شغاف قلبي... يا قطعة من روحي وكياني...يا ولدي يا فلذة كبدي...يا جرحي النازف...يا شقيق روحي ومضمد جروحي..... .. .....أن ترحل و تترك جزءا من خيالك أمر فوق صبر الصابرين واحتمال القادرين... يوم خرجت دون استئذان تاركا ورائك ذكرك وذكرياتك وانت تخرج من توقيت زمني دنيوي مؤقت الى تقويم أزلي أبدي آخر يذكرك بأن العناصر مجمع الأضداد لتبرز نهاية مصطلح اسمه الحياة ولسان حالي يقول:

عيوني ملؤها جمر ودمع وقلبي ملؤه وجد وخوف

يا أبا هزاع....كما كان يطيب لجدك رحمة الله عليه أن يكنيك...كيف لي أن أتخلص من واقعي وذكرياتي...ها أنا أتسلل مكلوما كل يوم إلى غرفتك وشعوري لا يوصف...هذا سريرك وذاك عطرك هذا قميصك وقلمك وهذا دفترك وكتابك...ضحكاتك وهمساتك ولمساتك تملأ المكان...كيف لي يا ولدي أن أخرج من هذه الحالة ... من ذكرياتك التي تلاحقني وتزاحمني ... كيف لي أن أسمع صدى صوتك... خيالك يلاحقني يؤرقني... لطفك يأسرني وخفة ظلك وحسن خلقك وعقلك الذي يكبر سنك مفردات مجرد التفكير فيها يؤلمني... يؤجج مشاعري...

يا خالد يا ولدي ...كيف لي أن أنسى تلك الليلة وأنت ترسل الينا اشاراتك التي لم نفهمها ونحن على آخر عشاء يجمعنا حينها قلت أنك بعد يومين راحل ... ما أجمل خاتمتك التي استشرفتها وعجزنا نحن الكبار أن نولف موجتنا على موجتك ... كم كنت رقيقا ولطيفا وذكيا عندما غيرت الموضوع حتى لا تجرح والدتك...وها أنت يا ولدي تنسحب طائعا مستسلما من بيتك الأثير الى مصيرك المحتوم...وهنا يستحضرني قول شاعر :

لِيَبْكِ عَلَيْكِ الْقَلْبُ، لاَ الْعَينُ؛ إِنَّنِي أرى القلبَ أوفى بالعهودِ وَ أكرما فواللهِ لاَ أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ وَمَا حَنَّ طَيْرٌ بِالأَرَاكِ مُهَيْنِمَا عَلَيْكَ سَلاَمٌ لاَ لِقَاءَة َ بَعْدَهُ إِلَى الْحَشْرِ إِذْ يَلْقى الأَخِيرُ الْمُقَدَّمَا
يا خالد يا حشاشة قلبي... أنا يا ولدي انسان... كم كان فراقك قاتلا مؤلما مؤثرا مميتا ولكنني مؤمن لا أقول الا كما قال سيدي وقدوتي وحبيبي محمد صل الله عليه وسلم عندما فقد أولاده وبناته واحدا تلو الآخر(ان القلب ليحزن وأن العين لتدمع وإنا يا خالد على فراقك لمحزونون)... وهذا الذي خفف من مصيبتي وجعلني أحافظ على رباطة جأشي...ما استطعت .. ما جزعت ولن أجزع.
يا ولدي...أعلم أن الله قد قدر علي هذه المصيبة ليختبر صبري وهو العارف العالم...يا خالد...ماذا عساني أن أقول لك وأنا أقف على قبرك أريد أن أضمك أقبلك ولكن لم استطيع ولن أستطيع...ماذا عساني أقول للدحنون والطيون والخزامى والبختري الذي يجاورك ويغطي بحنان مرقدك... عادت بي الذكريات يا ولدي عندما ذهبنا الى العمرة وطيفك الغالي يذكرني بطيب فعلك على الرغم من صغر سنك...لن أنسى ما حييت حرصك على خدمة من تعرفه ومن لم تعرفه في تلك الرحلة...أتذكر بندقيتك التي أحضرتها معك من مطار جدة ووهبتها بالاتفاق معي لابنك ابن المستقبل...وها أنت قد رحلت وليس لك ولد...لمن أهديها...لمن أعطيها... لمن أهبها يا حبيبي...قل لي يا ولدي كوني ما زلت محتفظا بها منذ ثمان سنوات والى يومي هذا...يا خالد أيها الحاضر الغائب...كيف لي أن أنسى هزلك و جدك.. ألم تطلب مني مازحا أن أزوجك...ألم تمسك شاربك الذي لم ينبت بعد حتى تؤكد لي رجولتك...
لن أنسى موقفك الاستثنائي الذي يدل على رجاحة عقلك وبعد نظرك عندما أخبرتني أنك سلمت على من بيني و بينه سوء فهم و خصومة من أعمامك دون علمي ومع تأييدي لك على ذلك إلا أنك أصريت على أن تدافع عن موقفك وأكدت لي استقلاليتك وأنك صاحب شخصية متفردة وأنك طفل شاب مربى تربية سليمة بقولك لي هذا عمي وأنا أحبه ولا تعنيني خلافاتكم... أم أتذكر مزاحك الرجولي معي عندما أحضر لك هدية وتخاطبني شاكرا لي عليها (والله يا حج انك محترم و ما تقصر ) وكأنني أنا الطفل أمامك...ما زالت ترن في أذني...

حبيبي...لقد اشتقت الى كاسة الزنجبيل وكاسة الليمون والزيت الصباحية والى عشاء الحواضر الذي كنت ترفض إلا أن تعده لي بنفسك... اشتقت الى مساجك...الى حلقات المصارعة التي كنت تقوم بها مع أخوانك...

يا خالد يا ولدي ماذا عساني أن أقول لك مستعينا بقول شاعر مكلوم مثلي... فإن العيش بعدك في عيوني...سراب أو هباء أو أخف...اذا ما الشوق هاجك ذات يوم...وسامك منه تعذيب وعسف...فثق أني هناك أذوب شوقا...وأني من حنيني لست أغفو...على أمل اللقاء تعيش روحي...فإن الدهر يقسو ثم يعفو

يا خالد...نم قرير العين في الفردوس الأعلى بإذن ربك وإنا بك ان شاء الله لاحقون،سامحني ان بكيتك او ابكيك ما حييت...فيعذر مثلي على الحزن الشرعي،أودعك قائلا...ستبقى الذكريات معي فتصحو... على أطيافها عيني و تغفو...وأمسح دمعة فتسيل أخرى ...فان جفت فأخرى لا تجف.

رحمك الله رحمة واسعة يا خالد وإن لله وإن إليه راجعون

والدك المكلوم عليك

الحاج فيصل ابراهيم العواد الفليح



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات