لِبعضِ الأوسلويينَ ، قابليةٌ خَصْبَةٌ لِلْتخاذُل


لِبعضِ الأوسلويينَ ، قابليةٌ خَصْبَةٌ لِلْتخاذُل
رياح سُمومِهِمْ تُعَرْبِدُ في كل ما تبقى من فلسطين
كُلَّما أمعنت التبصر ، في قراءة كوابيس فلسطين في ظلال اوسلو ( وطنا وقضية وحلما ) ، تَظْهَرُ لي مُرتَكزاتُ الصراع على العُموم ، جَليةٌ .
فكل صراع إنساني أياً كانت عناوينه ، هو صراع مصالح متوحشة . لها اقدامٌ وعضلاتٌ وأنياب . تسعى بها لتنهب مع ما تسرق من ناسها ، الهويات والموروثات والأحلام والأوجاع والآمال . سواء كان هذا الصراعُ الناهِبُ عابراً للحدود ، او كامنا في الأرحام القُطْرية .
ويندرجُ الغزو الأوسْلَوِيُّ لفلسطين ، تحت هذا العنوان . فعُهْرُ اوسلو ، لم يكن إجتهاداً سياسياً بريئاُ أو ساذجاً . بل أداةٌ ناعمةُ الملمس ، في صُلبِ مسلسل السيطرة والنهب . خططت له قِوى معسكر العدو ، ونفذته بتمويهٍ ساذجٍ ، تحالفاته المحلية ، العلنية منها والمستترة .
عبر مساراتِ هذا الزمن الأوسلوي البشع ، وما حفل به من تأتآت مُضَلِّلَة ٍ، وتجلياتِ أوهام السلطة ، ورشاوى المصالح وأصداء العصا ، تم تهميشُ فلسطين ، وطنا وقضية وبشرا وهوية . وتم إختزال صراع الوجود مع العدو ، وجَرِّهِ الى مستنقعاتِ جُزئياتٍ هامشية ، وشكليات دونكيشوتية ، مشبعة كلها ، بالوهم العاجز العاري ، لتكون بديلاً عن التحرير .
كانت بداياتُ التلاشي الوطني ، للبعضِ مُبَكرةٌ و كانت بالتقسيط . فمنذ البسملاتِ الأُوِلْ للثورة الفلسطينية المعاصرة ، كان واقعها مائجاً ، يَعُجُّ بالمنضوين تحت ألويتها ، من كل حدبٍ وصوب . واقعٌ كانَ بالتَّعَمُّدِ مُفَخَخاً بمنظوماتٍ من مُتَسوِّلي النضال ولصوصِ البطولات . أُرْكِبَ كل من كانت قابِلِيَّتُه خصبةً للتخاذل ، خِلْسةً وعلانية بعض سلالم النضال ومَراقِيه الخلفية والأمامية .
والآن وفلسطين حبيسة ليل اوسلو وعتمها ، تظهر امام كل متابع منصف ، مواكب طويلة من اقمار ونجوم ، تُزين سماء الجبارين ، ممن ناضلوا بشرف ، وضحوا بشرف لفلسطين . وبموازاتهم حثالةٌ ، إمتطت الوهم والمغامره . وجَرَّتِ النضالَ الى حقول ألغام . وبعضهم إجتَذَبَتْهُ بعيدا عن الخنادق ، اضواء الفنادق ولذيذ طعامها وخمرها . وبعضهم أغواهُ عطرُ ودفءُ فِراشِ تسيفي ليفني ، ومثيلاتها من الغواني .فاستقرت جُثثهم وأبدانُهم في مُستنقعاتِ التخاذل والتفريط ومزابلِها . ضَحُّوا ويًضَحونَ بنذالة وَخَسَّةٍ لا يُحْسَدون عليهما ، بكل نبيل في فلسطين .
منذ ما قبل سيِّئَةُ السُّمْعَةُ ، مُحاضرةُ هاني الحسن في لندن ، لم يكن انتقاء العدو لكبار الأوسلويين وتابعيهم ، عشوائيا او صدفةً عابرة . بل إختيارٌوانتقاءٌ يتم بعنايةٍ ، وفق معايير تخدم مصالحه الأستراتيجية . وبعد ان تم إخلاءِ الميادينَ الفلسطينيية ، من كبار المُعيقين المُحْتَملين لِمَصالِحِه ، قرر إبراز أوقحَ مُريديه ، بلا براقع الى مُقَدِّمَةِ المسارح ، وفق مواقيت وتدابير وأسانسيرات ، تم اعدادها بعناية وبتطاول زمني مسبق .
الآن ، وبعد أن تلاشى الأمل بالأوسلوية ، وبات عُتاتُها جزءا عضويا من منظومة موقِعي الأذى المُتَعَمَّدِ بفلسطين ، من يحتل المشهد الان منهم ، أو من ينتظر خارجاً إجلاسَهُ وريثا فيه ، صارعلى كل مخلص ، مُتنَصدرِ للعمل الوطني العام ، مُواجهة حقيقة وتبعات هذا العهر ، بتحويلِ الغضب ضده ، الى عملٍ بَناَّءٍ يُبقي جَذوَةَ النضال مُتَّقِدَة .
وهنا ، بعيدا عن اي أوهام حول المشاق والمخاطر ، وفي ظل موازين القوة غير المتكافئة ، التي يواجهها النضال من اجل تحرير فلسطين ، نرى في مواجهة هياكل اوسلو ، أن من الأنسب ، التعجيل في التركيز على جهد فكري وتنظيمي حثيث ، جماعي علمي ، متقن وخلاق . ليُسرِّعَ في ترحيل قسري لهؤلاء ، عن منصات المشاهد اليومية في الحياة الفلسطينية . لعلَّ بعد إقتِلاعِهِم ، مواكبُ أشبالِ وزهراتِ فلسطين ،تنجحُ في إستكمال تحريركل فلسطين . وأظن أن هذا الجهد والحمد لله ، قد بدء يسابق الزمن .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات